الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر التنمية في العراق وترابطها مع الخارج

جليل البصري

2009 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ما دفعني الى الكتابة في هذا الموضوع خبر قرأته اليوم يقول ان مجلس الوزراء قرر الموافقة على إقتراح مشروع قانون حماية المنتجات العراقية بصيغته النهائية المعدلة وإحالته الى مجلس النواب، وان هذا المشروع جاء لمواجهة سياسات الإغراق وتشجيع المنتجات المحلية. اذا هناك شقان فسياسة اغراق الاسواق العراقية بكل المنتجات الخارجية ادت الى اضعاف الصناعة المحلية.
لنبدأ أولا برأي د. كمل البصري الذي يرى (ان شدة ترابط الاقتصاد العراقي مع العالم الخارجي محدودة. اذ ان الجزء الاكبر من النشاط الاقتصادي هو قطاع عام يمول من موازنة الدولة ولايعتمد على استثمارات خارجية، ولا يملك اسهم في مؤسسات خارجية). لكن هذه الرؤية غير دقيقة فعلى سبيل المثال فان الاقتصاد العراقي الكسيح والصناعة المعطلة والزراعة المتخلفة والمعطلة في العديد من جوانبها فتحت الباب امام الصناعات الاقليمية الرخيصة الايرانية والتركية والاردنية والسورية الرخيصة والمدعومة من قبل دولها، فطهران مثلا تدعم صادراتها الى العراق وتمولها بإعانات سخية. ولذلك فهي رخيصة الى حد لا يمكن للصناعة العراقية منافستها وهي صناعة بالاساس غير متقدمة وتعرضت الى التلف بسبب بقائها معطلة لسنوات بسبب عدم الاستقرار. هذا الانفتاح على كل انواع السلع دون رقابة، وبحث التجار عن السلعة الرخيصة دون مقاييس الجودة، جعل الاقتصاد العراقي الذي يعتمد على التجارة الواسعة التي تصل الى تسع مليارات مع تركيا وحدها، وعلى صادرات وحيدة هي النفط، اقتصادا مرتبطا بشكل وثيق بالاقتصاد العالمي، لكن الذي خفف اثار الازمة الاقتصادية عليه لحد الان هي اسعار النفط العالية جدا والموارد الضخمة التي تتلقاها الحكومة منها لكن هذا الامر انتهى وربما الى غير رجعة، ولذلك باتت الحكومة تفكر بمماطلة الازمة..
الوجه الاول لهذه المماطلة هو الموازنة التي اجترحتها لعام 2009 والتي تشير كل التقديرات الى انها ستواج عجزا يصل العجز المتوقع بحسب الاحتمالات الدنيا والعليا الى ما يتراوح بين (20 -33) ترليون دينار عراقي.
والوجه الثاني لهذه المماطلة هو التخصيصات الاستثمارية حيث (تشير دراسات وزارة التخطيط، ان النفقات الضرورية لاعادة الاعمار والمطلوب توفرها للفترة 2006 – 2010 تساوي (187 مليار دولار). عند احتساب مقدار التخصيصات الاستثمارية الفعلية لنفس الفترة (مع افتراض ان التخصيصات الاستثمارية الكلية لعام 2010 هي 20 مليار دولار)، نجد انها بحدود (66 مليار دولار) . ومنها نستنتج ان نسبة الفجوة او العجز في التخصيصات الاستثمارية تعادل 65%. ومن هنا تأتي ضرورة البحث عن مصادر تمويلية اخرى من خلال الاستفادة من الاستثمارات الاجنبية او العمل على تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول ذات السيولة النقدية).
ولتجاوز هذه الحالة يجب البحث عن مصادر تمويل اولا والخيار المطروح غالبا هو الاستثمارات الاجنبية. فالعراق هذا العام يفتقد الى الاموال لتمويل ما يريد تنفيذه ولذلك فان مشروع قانون حماية المنتجات العراقية، سوف لن يقدم بديلا واقعيا لخطة تنمية مدروسة وفعالة. فـ(الوسائل التي بواسطتها يسعى هذا القانون الى حماية المنتجات العراقية هي التنسيق بين الوزارات والجهات ذات العلاقة ومثيلاتها في الدول الأخرى والمنظمات الدولية في شأن التشاور وجمع المعلومات والتقصي عنها وإجراء التبليغات وإتخاذ الإجراءات المقتضية لتطبيق أحكام هذا القانون مع نشر الوعي عن حالات الإغراق والدعم والزيادة غير المبررة في الواردات وسبل الوقاية منها ورفع التوصيات لمواجهة هذه الأضرار الناجمة عن الممارسات الضارة للمنتجين الى مجلس الوزراء). بينما تتطلب عملية الحماية الواقعية توفير الدعم المادي لتشجيع القطاع الخاص ليتمكن من المشاركة في توفير جزء من الطلب الكلي في البلاد، وخفض اسعار الفائدة على القروض التي تقدمها الحكومة لهذا القطاع ووابقاء الوضع الضريبي في البلاد على ما هو عليه لتشجيع الاستهلاك واستخدام نظام ضريبي فعال للحد من النزعة الاستهلاكية الكمالية وتشجيع الانفاق الحكومي وهي اجراءات تنسجم مع الحلول التي ابتكرتها مجموعة العشرين لتخطي الازمة المالية، اضافة الى انها تعالج حالة الاغراق التي يعيشها السوق، وهو الشق الثاني في الموضوع.
اما الشق الاول فيمكن عبر اجراءات كثيرة .. فمثلا تستطيع الحكومة فرض مقاييس السيطرة النوعية على السلع الداخلة لمنع ادخال السلع غير النوعية والرديئة الى السوق، وبذلك توفر حماية للمستهلك. كما انها تستطيع فرض تعريفة كمركية على السلع الكمالية وغير الضرورية، وتقديم تسهيلات كمركية واعفاءات للسلع الانتاجية او حتى مساعدات تتمثل في النقل وتسريع الاجراءات والتركيز على التفضيلات لحداثة المعدات الداخلة، والاهتمام بتطوير الوعي بافضلية الناتج الوطني ومواصفاته كتشجيع المنتجات الزراعية المحلية التي تستخدم فيها الاسمدة والبروتينات بشكل اقل او لا تستخدم وهي سلع لها اسعار اعلى في كل بلدان العالم المتقدمة.
ان تشجيع المنتجات المحلية ياخذ جانب الاهتمام بالدعاية والاعلان ايضا وتقديم تسهيلات اعلانية لهذا المنتوج تشجع المواطن على توجيه طلبه باتجاهه، وهي خدمة غالية ومرتفعة التكاليف على القطاع الخاص في ظل الاسعار المتداولة في الاعلام العراقي والعربي، وقد لا يجد هذا القطاع امكانية لاستخدامها، واذا استخدمها فانها تضيف تكاليف اضافية الى اسعار السلع المنتجة.
خلاصة القول ان شعار حماية المنتجات المحلية هو ليس الشعار المناسب للمرحلة بل ان ما يناسب هذه المرحلة هو شعار وسياسة تحفيز المنتجات المحلية ودفعها لزيادة حصتها من الناتج القومي ومن الميزان التجاري وان تصبح مصدرا لتمويل السوق بالسلع الجيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م