الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اغنية من قعر زجاجة
عبد العظيم فنجان
2009 / 4 / 22الادب والفن
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/5d078164-d63f-45d7-89a3-13f8106bffdc.jpg)
" ها أني مع تفاحة ، وهذا يكفي "
جان دمو
أطفو ، مثل قنينة زجاجية ، فوق مياه التاريخ : في جوفي آهات بشرية وضحكات . تقودني الأحلامُ من بحر الى آخر ، لكن لمّا لم يعد هناك صياد يرنو الى الشاطيء ، منتظرا ظهور الحوريات بقلب أخضر القلب ، شربتُ الزجاجة . أعرف أنني تماهيتُ في ذلك ، لكنها الرغبة في ان استخلص معناي من بين لجة العصور .
كان دليلي في الرحلة هو الرحلة ذاتها ، حتى رأيتُ أن الزجاجة لم تعد هي الزجاجة ، وانا نفسي أضحيتُ كائنا خرافيا ، كشهريار في الحكاية ، ينحدر اصله من اللازجاجة والزجاجة ، لكن الفرق هو أنني أفتقد الى الصلابة الداخلية ، فأنا كالطيف مما يعرضني للانتهاك ، لذلك أبقيتُ حياتي بعيدة عن التداول : هكذا تحصنت ُ بوحدة الناسك ، وقلعة المهاجر عن نفسه الى البعد ، لأن ما يحصل في الخارج يفتقد الى الحرارة .
آه ، لقد هربتْ الشاعرية ، وشاخت الصبايا الجميلات في القصائد .
كان قلبي يضع مركز ثقله في شهرزاد ،
وكانت شهرزاد نائمة في التفاحة ، لولا نيوتن .
كان العالم ، في ذلك المقطع من اغنية الخليقة ، أكبر من التفاحة قليلا ، لولا قراصنة البحر .
كان ممكنا ، ان نمد خيط الخيال ،
فننتقل الى السكن في التفاحة ، لولا دارون .
كانت شهرزاد ، كل ليلة ، تخدع شهريار ، وتسرق لي تفاحة من بستان خيالها ،
لكنني كنتُ آخذ قضمتي من خدها ، فيما تاخذ قضمتها من التفاحة ،
ونندهش من هذه الصورة الشعرية الفاتنة ، لولا أن شهريار صار ناقدا .
كان ممكنا أكثر من التفاحة ،
لولا أعين الحكومات التي تحرس المطابع .
كان ..
وحين سمعتُ الكذبة المستحيلة : أن القمر هو حفنة احجار ، وليس زجاجة على هيئة مصباح بيد النجوم ، هجرتُ العالم ، ولجأتُ الى السَحَرة في كتاب الف ليلة وليلة ، فعوّذوني بالخيال : شقّوا قلبي ، وزرعوا فيه التفاحة ، ثم خيّروني بين أن أعصر خمرا أو أشربه ، فاخترتُ أن اسكنَ في قعر زجاجة ، أتنقل بين العبيد والازقة ، من غلام الى جارية ، ومن ملك الى صعلوك : أملكُ الحضارات ، ولا تملكني ، اعبأ خرافتي المصابة بالترحال وبشاشة الخيال ، احتفظ بها داخل قناني ، اعبُّ خمرتها ، ثم بعد ذلك انقلُ النورَ ، الذي يقدحُ كالشرارة في داخلي ، الى قناني اخرى : أختمها بعَضّة قوية من القلب ، كماركة مسجلة ، لكن حزني كان قويا جدا ، ومنفاي أعمق من قعر الزجاجة ، ذلك مما كان يعرضها للانفجار ، ساعتها أنحنى باكيا ، لأجمع أحشائي من بين الشظايا ، قبل أن تُداس بأحذية المؤرخين ، اما شهرزاد فقد كانت تفاحة ذابلة تغني ، على مائدة شهريار ، وهي تشير إليّ في غيابة القعر :
كانت للزجاجة حياة ساحرة ، مثله
كان لها كيان متألق ، مثله
كانت لها رحلات ، مثله
وخذلانات ، مثله
غير أنه
كان يتوق الى الشجاعة لأن ينفجر بحزنه ، على الحائط ، مثلها .
كنتُ أرضعُ منها حليبا خالصا ، كامل الاشراق ، يحولني الى سفينة أقودُ البحرَ حسب طقس الغيوم في سماء مخيلتي ، غير أني احيانا امطرُ دون مناسبة ، وأهطلُ بلا استئذان : هكذا هو الشعر ، فأمطاري سرعان ما تُغرق السفينة ، ورغم أن هذا كان يحصل حتى للسحَرة في الف ليلة وليلة ، إلا أن بعض المتشاعرين يتعاملون مع الامر بعقلية المؤامرة ، فينددون باخلاقي وسيرتي ، وبعضهم يقول متعاطفا : إن الخمر كانت مغشوشة . ذلك أنهم لا ينتمون الى عالم الكتابة من الخلف : لا خرافة مشعة في الداخل . لا يسكـرون إلا للنزهة ، و لا رغبة لهم في الاقامة : الاقامة مع تفاحة ، في الفراغ المريع ، البارد ، والمدمر ، في جوف زجاجة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. على ارتفاع 120 متراً.. الفنان المصري تامر حسني يطير في الهوا
![](https://i4.ytimg.com/vi/YrHJxoDnLKM/default.jpg)
.. فيلم -ولاد رزق 3- يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المص
![](https://i4.ytimg.com/vi/e7u9dy826EU/default.jpg)
.. رحلة عبر الزمن من خلال الموسيقى.. السوبرانو الأردنية زينة بر
![](https://i4.ytimg.com/vi/f0kjrL4qrd8/default.jpg)
.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تبدع في الغناء على الهواء في ص
![](https://i4.ytimg.com/vi/S24P-7YuzmU/default.jpg)
.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تروي كيف بدأت رحلتها في الغناء
![](https://i4.ytimg.com/vi/kvum9H9aqNA/default.jpg)