الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الامن بين الامس واليوم

محمد صادق عبود

2009 / 4 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كما يعرف الجميع إن العراق قبل التاسع من نيسان 2003 كان يشهد في الظاهر وضعا امنيا مستقرا نتيجة للسياسة التي اتبعها النظام آنذاك حيث عمل على إسكات الأصوات بالقوة وتصفية المعارضين وارتكب في ذلك جرائم إبادة جماعية كان ضحيتها جميع مكونات الشعب العراقي وساعده في ذلك أزلامه من أجهزة مخابراتية وأعضاء في حزبه المنحل والذين تمكنوا من محاصرة أبناء الشعب العراقي وحكمه بالحديد والنار..
واعتبر البعض ممن كانوا يؤيدون سياسات النظام إن ذلك وضع امني مستقر بالرغم من وجود آلاف المعتقلين الذين كانوا يساقوا إلى غياهب السجون مع عوائلهم ويتم بعد ذلك مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة وبيع بيوتهم في المزاد العلني وفصل أقربائهم من وظائفـهم حتى الــدرجة الـرابعة أو الخـامسة.
وجرائم أخرى لم تكشف للرأي العام حتى سقوط النظام فاستغرب العالم تلك الجرائم البشعة وهو يتابع جلسات المحكمة الجنائية التي كشفت وحشية ذلك النظام في التعامل مع شعبه.وهكذا تحقق ما يسميه البعض وضعا امنيا مستقرا في ذلك الوقت وبعد التاسع من نيسان شهد الوضع الأمني بصورة عامة في العراق تدهورا كبيرا والأسباب معروفة للجميع منها غياب الأجهزة الأمنية و ترك الساحة مفتوحة للجميع . حيث اشتركت جهات عديدة في المساعدة على تردي الوضع الأمني في الساحة العراقية وكل جهة لها أهدافها وأجنداتها الخاصة حتى إن بعض السياسيين كانوا يحاولون الحصول على مطالبهم بالضغط على الحكومة من خلال استهداف الوضع الأمني ..فكان واجب الحكومة صعبا ومهمتها عسيرة في محاولتها لإعادة استقرار الوضع الأمني من جديد الأمر الذي جعل اليأس يتسرب إلى نفوس المواطنين من نجاح الحكومة في إعادة الامن فاضطر عدد كبير من الناس للسفر إلى محافظة أخرى أو خارج البلاد في محاولة منهم للهرب بحياتهم وحياة عائلاتهم.. ولقد وصلنا إلى درجة من الخوف جعلتنا نفعل أشياء نضحك حينما نتذكرها الآن ومنها إن البعض قام في تلك الأيام العصيبة بتغيير اسمه أو لقبه في هوية الأحوال الشخصية خوفا من أن يتواجد في المنطقة الخطأ حيث كان هناك من يقوم بزرع الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد وكان المواطن لا يرد على جهاز الموبايل حينما يكون الرقم غريبا خوفا من أن يتلقى تهديدا بالخطف أو القتل في حالة عدم دفعه لمبلغ كبير يصل إلى آلاف الدولارات .وحينما كان للرجل عمل ما في دائرة رسمية بعيدة عن منطقته كان يكلف زوجته أو أي امرأة للذهاب بدله وانجاز العمل نيابة عنه.
وكان أولياء أمور التلاميذ يوصلون أبناءهم إلى مدارسهم وينتظرون خروجهم من المدرسة خوفا من خطفهم على أيدي عصابات الخطف التي كانت منتشرة بكثرة..وأخيرا كان الناس يدخلون بيوتهم عند مغيب الشمس و كان الرجال يبيتون و أصابعهم على الزناد و يتناوبون على حراسة بيوتهم.. وكل هذا جعل المواطن يفتقد الدولة و الحكومة القوية التي تحميه من كل هؤلاء.. و اكتشف إن أية جهة أو مليشيا لن تستطيع حمايته كما تفعل حكومة تمتلك جيشا قويا و قانونا يحمي الجميع بالتساوي ..حتى جاءت خطة فرض القانون ونجحت في فرض القانون والتصدي لكل من كان يحاول النيل من امن الشعب العراقي وأسكتت تلك الأصوات التي كانت تتباكى على الوضع الأمني للنظام السابق وتتمنى رجوع ذلك النظام بحجة انه لو عاد سيعيد الأمن للبلاد وانه الوحيد القادر على ذلك .ولكن الحكومة الجديدة أسكتت هؤلاء وأثبتت للجميع إنها قادرة على فرض الأمن بعد نجاح الخطة الأمنية وإفشال كل المراهنات على فشلها .
وبنفس الاتجاه في فرض الأمن من خلال خطة فرض القانون كان هناك المصالحة الوطنية التي تسير في نفس الاتجاه حيث يساعد العمل السياسي المشترك مع جميع الأطراف السياسية الأخرى والاستماع لصوت المعارضة واستيعابها على استقرار الوضع السياسي الذي يؤثر تأثيرا كبيرا على الوضع الأمني ..وفي نفس الاتجاه أيضا عملت الحكومة على استيعاب اكبر عدد من المواطنين الذين كانوا عاطلين عن العمل وتوفير رواتب ومخصصات لهم في محاولة لإبعادهم عن الحاجة التي قد تساعد في انجرافهم.. هذه هي الإجراءات التي تساعد على بناء وضع امني صحيح على أسس متينة حيث نعيش في دولة أساس أمنها العدل والمساواة وحرية الرأي والتعبير والشفافية في التعامل كل ذلك يجعل من هذا الأمن لا يشبه أبدا ذلك الأمن الذي كان سائدا قبل التاسع من نيسان 2003 والذي كان مبنيا على العنف والقوة والخوف فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر