الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمعات ونظرتها للفساد

فلاح الزركاني

2009 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر حركة المجتمعات تطورا وحداثة مع تطور الفكر القيمي والاخلاقي بناءا على فرضيات تصطدم بالضرورة بحركة التاريخ والجغرافيا ،والعوامل التي تفعلها سلبا او ايجابا فعلا او كرد فعل ، ويمكن الاشارة الى نمطين متوازيين من المفاهيم
اولهما : يتبع الغاية تبرر الوسيلة ، كمفهوم الحرب مثلا وقذارتها وضرورتها حين تبرر للهدف الاسمى منها والخط الثاني : يتبع ان الوسائل لاتبرر الغايات ، اذ ربما تحيد الحرب فرضا عن اهدافها وبالتالي تصبح غاية بذاتها. وهكذا ينسحب مفهوم الحركة في المجتمعات ومؤثراته الى دوامة التفاضل بين الغاية وتطبيقها ، فالراديكاليون يحشدون كل امكاناتهم في تتبع الاثر التاريخي والالتزام حرفيا بمقتضى العلة التي اوجدها مؤوسسيهم باعتبارهم الممثلون الشرعيون لسلطة الرب في المجتمع ، وهي حكرا على قلة منهم يليهم الاتباع وهكذا تسلسلا هرميا لاينقطع.
اما الحداثويون فهم يقطعون الصلة بالتاريخ والاكتفاء بما يوجد والالتزام بالتحديث مع العوائق والاخطاء وكل شئ مناط بالتجربة.
من هنا يبدأ الصراع على اثر الاختلاف بين الغايات والوسائل وهي الضرورة القصوى لحركة المجتمعات من حالة الجمود الى التطور ، فالمفهوم القيمي والاخلاقي حتى في المجتمعات المنغلقة لابد ان يتغير لضرورة الاستمرار وبالنتيجة تتغير الافكار والتقاليد وهذا منوط بالحراك الجمعي ابتداءا. ومن هذا المنطلق تتغير النظرة للفساد والمفسدين تبعا لحركة الجماعة . فعند الموروث الشعبي الذي كان يعتمد على القوة والفروسية بدا بالحضارات القديمة التي كانت تعتمد على الغزو في الكسب وهي صفة مشتركة لكل الحضارات القديمة وبالتالي ساد مفهوم الكسب بالقوة والغزو وتكونت التقاليد والاعراف والقوانين على هذا الاساس ومع التطور الفكري والجمعي وبروز نمط اخر من الكسب يعتمد الزراعة والتبادل السلعي واصدارقوانين على بساطتها تنظم العلاقة بين الافراد وتغير النظرة للكسب باعتبارشرعيتها ثم لاحقا التطور الكبير بعد الثورة الصناعية وبروز التعقيدات والمشاكل والحاجة الى اصدار تشريعات تواكب التطور مع ظهور الافكار والنضريات التي تؤسس للمدنية والمجتمع وبالتالي تغير انماط السلوك والنظرة للكسب من شرعيته من عدمه ، وتغير التقاليد القبلية حول الكسب بالقوة وتوجه السلوك الجمعي نحو التبادل التجاري والمالي والموؤسساتي بقوانينه ومزاياه ،هذا التحول اوجد قيما جديدة تعتبر الالتزام بالقانون الموضوع شرطا للاندماج
ان البحث في موضوع الفساد والمفسدين في مجتمعنا تحتاج الى رؤية من زوايا مختلفة ، فالامر الذي يكون فاسدا في نظري ليس بالضرورة ان يكون لاخرين لوجود المبررات والمبررين ، فقضية الرشوة مثلا هي فساد بالاتفاق والعقل ولكن تجد من يبررها باعتبارها عملا مساعدا لان الفرد يكون مجبرا في اغلب الاحيان على دفعها والانكى من ذلك تتحول صيغة الرشوة الى منحة او هدية اوهبة على اختلاف المسمى والغرض .
وان الحديث النبوي القائل ( الراشي والمرتشي في النار ) لايمكن ان يكون رادعا لوجود المبررات والضرورات تبيح المحظورات لسلوك هذه المطاطية والازدواجية في التعامل حتى في قمة الهرم السلطوي والفئوي الذي يكثف من اعطاء الوعود للبقاء في السلطة والنتيجة بروز نمط من الافكار والشخصيات يحدد الرشوة بما لايتجاوز مصالحه الخاصة ، والقضية الاهم في هذا الطرح هو سلوك المجتمع لتقبل الرشوة كمسلم به لنمط الحياة في المجتمع وبالنتيجة تدني الفكر القيمي والمعيار الاخلاقي الى انتهاك ظوابط اخرى في المجتمع وهذا ماتربى عليه الاجيال الان في البيت والمدرسة والعمل










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح