الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة بابل الى الحكيم بوذا - المذكرة التاسعة

نبيل قرياقوس

2009 / 4 / 23
سيرة ذاتية


انتهت ايام دورتي العلمية المقررة في لحظات كانت اليابان ( ذات الاغلبية البوذية ) تزينها اشجار اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية قبل شهر من حلولها ، كان بامكاني تمديد بقائي في اليابان اسبوعين اخرين لولا ان احسست باعمال تنتظرني لانجازها في وظيفتي ببغداد ، واصل زملائي الدورة الممدة بينما اعددت حقائبي للرحيل .
باللغة الانكليزية وجهت رسالة الى ادارة الشركة اليابانية التي استضافتني ، شكرت فيها كل العاملين في الشركة للخدمة التي قدموها لي ، شكرت مهندسيها على كل ( حرف ) علموني اياه ، كعراقي شكرت ارض اليابان وشعبها الطيب المسالم المسامح الخلوق . تركت رسالتي عند اليابانيين اثرا طيبا جدا قد يصل درجة المفاجأة ، ربما لانها كانت طوعية من انسان محسوب على دولة نفط شرقية حسب ، او انهم لم يتوقعوا ان اولي اهمية لاداء كلمة شكر وعرفان بعد ان انتهت حاجتي خاصة اني كنت تجادلت لاكثر من مرة مع مندوبهم الاداري حول بعض النواقص في موقع اقامتنا ، ومن يدري قد اكون من القلائل الذين ادوا هذه الاصول بين عشرات المتدربين الذين تستقبلهم الشركة سنويا من كل انحاء العالم . علمت ان مسؤول الشركة ترجم الرسالة وحفظها في الارشيف ونشر نسختها بارتياح وفخر على جميع منتسبيه .
ليلة رحيلي جوا من مطار اوساكا الى طوكيو ، اشارت اجهزة فحص الحقائب الى وجود ( ممنوعات ) في احدى حقائبي ، استغربت وممثل الشركة المرافق لي ، كنت قد وضعت في تلك الحقيبة كراسات وكتلوكات كثيرة حصلت عليها من الشركة المستضيفة ، كما وضعت فيها تمثالا مصنوعا من الجبس طوله حوالي ( 40 ) سم يمثل امرأة يابانية ترتدي الزي الشعبي الياباني كانت الشركة اهدته للمشتركين بالدورة ، وضمت الحقيبة حاجات صغيرة اخرى كمداليات و علب كبريت دفترية تحمل اسماء مطاعم تناولت فيها طعاما جمعتها للذكرى ، بعد فتح حقيبتي امام رجال امن المطار تبين ان الممنوعات التي اثارت اصوات اجهزة الانذار هي مجموعة ( علب كبريت ) كنت قد وضعتها في كيس صغير ، صودرت هذه العلب مني لكني لحظتها مددت يدي على الكيس الذي صار بيد رجل الامن واخرجت ثلاث او اربع علب كبريت منه عائدا بها الى حقيبتي قائلا لرجل الامن : (احتاج منها للذكرى ) ، طلب مني التوقيع في سجل لديهم ، ولا ادري لم وقعت وعلى ما ذا وقعت ! ترى الم يكن من الانسب ان يسلم لي ( وصل ) بالمواد المصادرة بدلا من توقيعي لديهم ؟!
وصلت طوكيو وبت فيها لاعتلي صباح اليوم التالي طائرة الخطوط العراقية عودة الى بغداد ، كانت الطائرة شبه فارغة لذا فان ممثل الخطوط الجوية العراقية تساهل مشكورا بعدم احتساب ضريبة على الوزن الاضافي لحقائبي خاصة ان الكتلوكات كانت سبب معظم ذلك الوزن .
في الطائرة كانت مجموعة شباب عراقيين موفدين من وزارات اخرى ، فهمت من اصواتهم العالية في الحديث ان احدهم صودرت من حقيبته مجموعة سكاكين كان اشتراها من طوكيو لوالدته حسب طلبها ، عرفت من حديثهم ايضا انهم كانوا يصرفون الدولار خارج البنوك باسعار تعادل سبعة اضعاف سعر التصريف الرسمي للدولار الى الين الياباني !
حطت طائرتي ارض بغداد ، ورغم الفرحة بعودتي الى وطني واهلي ، انتابتني موجة حزن والم لما ابصرته من فرق بين بنائي طوكيو وبغداد ، اشبهه كالفرق بين حالي مدينة وصحراء !
وصل معي التمثال الجبسي للزي الشعبي النسائي الياباني الى بغداد سالما ، لكني فقدته عام 1989 اي بعد ثلاث سنوات بسبب عبث طفل احد اقاربي الزائرين ، اسفت جدا لفقده متمنيا لو كان مصنوعا من اي مادة زهيدة اخرى عدا الجبس !
اقول اخيرا ، شكرا لليابان ووداعا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو