الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتلال و الاستقلال بين منطق الرصاص و منطق العقل

باقر جاسم محمد

2004 / 4 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


فرض الواقع العراقي الراهن نفسه بقوة على اتجاهات التحليل السياسي بصدد مسألة أنسب الطرق للتخلص من الاحتلال الأمريكي البريطاني البغيض القائم في وطننا العراق و لقد تباينت الآراء حول أنجع السبل للخروج حالة الاحتلال هذه و استعادة السيادة الوطنية التي فقدناها بعد حرب ليست شرعية . تلك الحرب التي خاضها النظام البعثصدامي و خسرها بشكل أذهل المراقبين . و كان من نتيجة ذلك أن ترك البلاد تنؤ تحت ثقل الاحتلال. و لعل من المفيد التذكير بأن النظام المهزوم خلف أيضا تركة ثقيلة من المشكلات و الاحتقانات التي يمكن وصفها و لكن يصعب حصر آثارها. ولعل من أهم الآثار هو ما يجسده السؤال الآتي: كيف تستعيد بلادنا المحتلة سيادتها المفقودة ؟
تتنوع الإجابة على هذا السؤال بحسب الخلفيات الفكرية و السياسية الاجتماعية للذين يتصدون للإجابة عليه . و لكن يمكن حصر اتجاهات الرؤيا بصدده إلى اتجاهين رئيسيين أساسيين هما: الاتجاه السياسي التفاوضي و الاتجاه السلاح و القتال .
الاتجاه الأول يستند في حججه إلى الآتي:
1. أن الاحتلال زائل لا محالة . وان طرق مقاومة الاحتلال تتنوع و ليس السلاح هو أفضل السبل للإنهاء الاحتلال.
2. و أن الشعب العراقي لا يحتمل مزيدا من الحروب . فهذا الشعب يحتاج إلى إعادة بناء الدولة التي انهارت بسقوط النظام و هو يحتاج الى الحرية و الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان و كذلك تمكين أطياف الشعب العراقي من ممارسة حقوقها السياسية و التحول من حالة التفرج إلى حالة الإسهام في صنع القرار.
3. أن التنمية السريعة و المدروسة و إعادة الحياة الى الدورة الاقتصادية المشلولة منذ خمسة عشر عاما هو أولوية مطلقة لإخراج البلاد من الحالة التي وصلتها بفضل سياسات النظام السابق..
4. أن التنمية تقتضي إقامة علاقات وثيقة مع دول المنطقة و العالم و بما يؤدي الى إقامة علاقات طبيعية مع هذه الدول و هو ما سيسمح بتحويل واردات البلاد الى سياقات تنموية بدلا من توجيهها نحو العسكرة.
5. إن العلاقات المنوه عنها أعلاه تستلزم تحالفا مع دولة متنفذة في العالم و هي الولايات المتحدة الأمريكية و بما يوفر غطاءا سياسيا و اقتصاديا للدولة الناشئة من رماد الحروب السابقة.
6. إن التطور اللاحق للعراق يجب أن يكون في صيغة دستورية تضمن عدم تعرض النظام السياسي الجديد لسطوة السياسيين المغامرين و الانقلابات العسكرية.
7. و يعني ذلك تنمية الممارسة السياسية الحرة و مؤسسات المجتمع المدني و الصحافة الحرة.
و من البديهي أن توفر كل هذه الأسس يعني ضمنيا ضرورة توفر الأمن و الأمان بغية الشروع بالبناء السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي. و من هنا يمكن فهم استهداف الأمن ( ضرب مراكز الشرطة ) وكذلك ضرب البنية الاقتصادية الوليدة ( تجمعات الأيدي العاملة و مراكز توليد الطاقة و أنابيب نقل الوقود ) و خلق حالة من التوتر الذي يدفع الناس إلى الانكماش حتى لا تزدهر الحياة السياسية بما يؤدي إلى وأد مشاريع استعادة الدكتاتورية بأسم و هيئة و شكل جديد.
إن لأصحاب الرؤية المسلحة حججا يمكن تلخيصها في الآتي:
1. حق (المقاومة ) حق مقدس و ليس هنالك احتلال زال بدون قتال.
2. إن ( المقاومة ) ستهزم الاحتلال و ستطهر أرض الوطن من اليانكي الأمريكي.
3. إن الأمريكيين لم يفوا بوعودهم التي أطلقوها بالديمقراطية و التنمية .
4. إن الأمريكيين إنما ينفذون سياسيات إسرائيلية تهدف إلى سلخ العراق من محيطه العربي و تحويله الى أرض ممهدة للنفوذ الإسرائيلي.
و من الواضح أيضا أن هذه الحجج ذات طابع يرتبط بجهات مارست الترويج الأيديولوجي لفترة طويلة من الزمن حتى أدمنته و لم يعد بإمكانها أن ترى ما يدور حولها من متغيرات.
فالاحتلال يمكن أن يزول بدون قتال كما في تجربة الهند و زعيمها غاندي و كذلك في تجارب شعوب كثيرة مثل أغلب دول أوربا التي احتلتها دول الحلفاء الغربية ثم سرعان ما أعادت إليها السيادة و السلطة معا. كما إن هذه المقاومة لا تمتلك رؤيا سياسية واضحة للعراق بعد حرب جديدة يخوضها ! ؟ إن هذه المسألة هي أخطر ما يجعل ما يسمى بالمقاومة مشروعا لدكتاتورية جديدة. حيث دلت التجارب البشرية أن الرؤيا النفقية الظلامية المدعومة بالسلاح ، و بعد أن تفرض سيطرتها على الأرض ، ستقوم بعد ذلك بعمليات تصفية واسعة النطاق لكل من لم يؤيدونها في مواقفها و ستعمل جاهدة على إعادة البلاد إلى القرون الوسطى التي تمثل الأنموذج الحلم بالنسبة لها.
من هنا يأتي رفضنا لهذا الاتجاه الذي نري فيه عودة الى مستنقع الدكتاتورية الذي خرجنا منه توا . كما أن تبني قوات الاحتلال لسياسية البطش و التنكيل ستجعل مزيدا من الناس يرون في منطق العقل اسلوبا خاسرا لا يؤدي إلى نتائج ملموسة، و هذا سيجعل مزيدا من المياه تجري في طاحونة أصحاب نظرية القوة و الغلبة . فهل يدرك العراقيون الذين استغل البعض طيبتهم ليتاجروا القضية العراقية ما يراد بالعراق و مستقبله ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش


.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا




.. الاحتلال الإسرائيلي يدمر مستوصف الزيتون بمدينة غزة


.. بحضور نقابي بارز.. وقفة لطلاب ثانوية بباريس نصرة لفلسطين




.. من أذكى في الرياضيات والفيزياء الذكور أم الإناث؟