الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسافات الحرية وقاية من الطغيان

كاظم الحسن

2009 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



من المزايا الخاصة بالديمقراطيات التقليدية، انها تنطلق من مفاهيم ورؤى سياسية تجمع على الخطوط العامة لبناء الامة والتي تجسدها الدولة ويشكل ارتقاء الفئات والاطراف والمكونات الاولية في المجتمع الى مرحلة ذوبانها في مصهر وبوتقة الوطن، وهو خروج على الانتماءات الضيقة.ان مبدأ الاغلبية السياسية، قد تكون له ضرورة في المجتمعات المتجانسة، وذلك لان الاقلية سوف تصل الى المناصب السيادية ذات يوم، وذات الشيء يحدث بالنسبة للاغلبية حيث تأخذ مكان المعارضة، ولكن في الديمقراطية التوافقية لايحدث تداول للسلطة بين الاغلبية والاقلية.

ولقد شكلت الحقبة الدكتاتورية المؤلمة صفحة قاسية تحمل فظاعتها في مخيلة وذاكرة ضحاياها الى الحد الذي تعيق من انطلاقهم وتجاوزهم الارث المر الذي اعتمده الطاغية كمنهج في الترويع والتنكيل ومن جراء ذلك من خلال تراث بغيض للطاغية قائم على الغدر والتحايل والخداع، بحيث افقد الناس الثقة والمودة والتآلف والانسجام وهو لب واساس بناء اي مجتمع مدني بعيدا عن الكراهية والعنف والقمع. وفي الديمقراطية التوافقية، لاتشكل الاغلبية ، كمفهوم سياسي في فرض او تمرير برامجها السياسية، لانها تتكون من جماعات مختلفة لم تصل بعد الى الاتفاق على القاسم المشترك، وما نشاهده في لبنان خير دليل على ماهية هذه الديمقراطية الجديدة، حيث، حدثت ازمة سياسية في السابق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، على الرغم من كون الاخير يملك اغلبية برلمانية، ولكن فترة حكم الرئيس اميل لحود انتهت وغادر قصر بعبدا بالتراضي والثقة والقبول بين مختلف القوى السياسية وبالاحتكام الى الشارع اللبناني الذي تتعدد انتماءاته المذهبية والطائفية والعرقية والسياسية بعيدا عن حرب اهلية اخرى، في غنى عنها الشعب اللبناني.
ان المسافات من الحريات بين مكونات الشعب العراقي والمرونة الديمقراطية، هي بمثابة جهاز المناعة الصحي الذي يقي الجميع من الطغيان والاستئثار بالسلطة. ولذلك على قادة الكتل السياسية، ان يعملوا بروح من المسؤولية والتعاون والتآزر بعيدا عن الصفقات السياسية وقولبة القضايا الوطنية لصالح شخصنة السلطة وترميزها بصور الافراد كانه قدر لابد منه وليس قضية سياسية يمكن التوافق او الاختلاف حولها دون ان يفسد للود قضية. ان من اهم اصول واسس الديمقراطية، ان تكون مناصب السلطة ذات فترة زمنية محددة ومفيدة بوقت لايجوز تمديده تحت اي ظرف، وهذا يجعل من العملية السياسية ذات طابع مؤسساتي وليس فرديا، طالما ان الحاكم معرض للمساءلة امام الشعب، فان ذلك يقيد من حركة الحاكم ويلجم من اندفاعاته العدوانية وتصبح البرامج الداخلية ذات الصبغة الخدمية والاجتماعية والاقتصادية هي المقياس المهم لمدى نجاح الحكومات المنتخبة من قبل الشعب وليس الشعارات الهلامية والتعبوية التي تتحدث عن تصوارت خيالية لقيام وحدة من الماء الى الماء عن طريق آخر قطرة من البترول والدم، ومن الدم الى الدم.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكي مدان بسوء السياقة ورخصته مسحوبة يشارك في جلسة محاكمته


.. ثوابيت مجهولة عند سفح برج إيفل في باريس • فرانس 24




.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. ولي العهد الكويتي يؤدي اليمين الدستورية نائبا للأمير | #مراس




.. تواصل وتيرة المعارك المحتدمة بين إسرائيل وحزب الله