الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يحتاجه العراق من رئيس مجلس النواب المنتخب؟ العمل الديمقراطي العراقي ينتظر إعادة مأسسة السلطة التشريعية وإصلاح الإدارة البرلمانية

همام طه

2009 / 4 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد كان انتخاب السيد إياد السامرائي رئيساً لمجلس النواب العراقي خطوة مهمة على طريق ترشيد التجربة الديمقراطية العراقية من خلال إعادة هيكلة العملية السياسية وإعادة التوازن إلى الوضع المؤسسي الدستوري للدولة عبر تقوية جانب السلطة التشريعية "البرلمان" في مواجهة السلطة التنفيذية "الحكومة" بعد أن كادت التجربة الديمقراطية العراقية الوليدة تختزل في صراع ذاتوي حزبوي وربما شخصاني في بعض الأحيان بين مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء.

وترجع أهمية خطوة انتخاب إياد السامرائي بعد مخاضٍ عسير إلى كونها جاءت معاكسة لرغبة السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة وكذلك كتلة الموالاة المساندة لها في البرلمان الأمر الذي يؤشر بداية تشكل إرادة برلمانية حرة ومستقلة قادرة على المضي قدماً في تأدية دورها الدستوري بأبعاده التشريعية والرقابية دون الخضوع لضغوط الحكومة أو كتلة الموالاة الداعمة لها داخل مجلس النواب.

السامرائي.. بين شرعيتين

لقد حصل إياد السامرائي على "الشرعية الإنتخابية" لكنه كأي مسؤول في الدولة يبقى محتاجاً إلى "شرعية الإنجاز"، وهذا يعني أن السامرائي بحاجة ماسة إلى البدء بمجموعة خطوات مهمة من شأنها أن تضع عهده على الطريق الصحيح المؤدي إلى حيازة "شرعية الإنجاز".

نعلم جيداً أن ضيق الوقت المتبقي أمام مجلس النواب لانجاز مهماته سيجعل السامرائي يشتبك مباشرة مع ملفات حساسة مثل وثيقة الإصلاح السياسي والقوانين المهمة المعطلة التي تنتظر التشريع كقانون النفط والغاز لكن هذا لا يمنع من أن تكون للسامرائي مقاربته البرلمانية الإصلاحية ذات البعد الإداري التنظيمي المؤسسي البنيوي الهيكلي الاستراتيجي بعيد الأمد التي يستهدف بها مؤسسته التي يديرها ألا وهي مؤسسة "مجلس النواب العراقي"، وذلك للحيلولة دون وقوع البرنامج الإصلاحي الذي طرحه السامرائي أمام زملائه النواب في أول يوم له رئيساً للبرلمان في فخ التخبط والارتباك والتذبذب إذا ما اشتبك مع التركة الثقيلة من الفشل الإداري والخراب التنظيمي والتراجع المؤسسي التي ورثها بوصوله إلى هذا المنصب وكذلك لأن الإصلاح الإداري المؤسسي التنظيمي الجذري للمؤسسة التشريعية العراقية هو خيار عراقي وطني لا مفر منه ولا بديل عنه وعلى السامرائي أن يمضي فيه حتى لو أنه لم يجن ثماره خلال فترة ولايته رئيساً لمجلس النواب.

البرلمان.. غاية الإصلاح ووسيلته

يحتاج السامرائي إلى امتلاك أدوات التغيير وأول أدواته هو البرلمان ذاته كمؤسسة دستورية كبرى تشكل قلب العملية الديمقراطية في العراق وميدان الحراك السياسي الأول الذي ترتبط به أشكال الحراك الأخرى الاجتماعية والاقتصادية، فكلنا يعلم أن البرلمان يعيش حالة مأساوية ومزرية على المستوى السياسي والإداري والإعلامي، فهو يعاني على المستوى السياسي من ضعف واضح نتيجة نقص كفاءة غالبية أعضائه وتناحر كتله المكونة له وغياب القيادة القوية الواعية، وهو على المستوى الإداري "أعني إدارة العمل البرلماني النيابي التشريعي بمجمله قبل إدارة الجلسات" يعاني من فوضوية وارتباك وانفلات وتسيب ونقص رهيب في الضبط الإداري والتنظيم والمؤسسية، وهو على المستوى الإعلامي يعاني من مكانة ذهنية سيئة ومتردية ومتراجعة لدى الجمهور العراقي فسعي الأعضاء المحموم لتحصيل الامتيازات والمنافع والطروحات الطائفية التي تبناها عدد كبير من هؤلاء الأعضاء ولم يتب عنها حتى هذه اللحظة هبط بسمعة السلطة التشريعية لدى الجمهور العراقي إلى الحضيض على حد وصف أحد أعضاء المجلس نفسه!.


المأسسة هي الخطوة الأولى


الخطوة الأولى التي يحتاج السامرائي إلى اتخاذها هي خطوة إدارية تتمثل في الاشتباك الشجاع مع الواقع الإداري الفاشل للمجلس بهدف الخروج من حالة الإنفلات والترهل والتثاقل والعجز الإداري والفشل التنظيمي والفوضى المؤسسية العارمة بغية انتشال مجلس النواب من واقعه الشاذ والخطير.


في هذا الإطار يحتاج إياد السامرائي إلى البدء بعملية "إعادة مأسسة"، والمأسسة تعني تكريس العمل المؤسسي في المؤسسة، فمجلس النواب العراقي يحتاج إلى إعادة تكريس العمل المؤسسي فيه وإنقاذه من الارتهان لحالة الفوضى غير الخلاقة التي يعاني منها، والعمل المؤسسي في أي مؤسسة وطبقاً لأدبيات علم الإدارة يعني:"مدى تنظيم وانسيابية العمل فيها بين هياكلها ولجانها وأفرادها في تنظيم وتقسيم العمل وتوزيعه والجو العام الذي يطبع ذلك سواء تعلق الأمر بالقوانين واللوائح المنظمة أو بعلاقات العمل أو بالروح والقواعد المهنية أو بالتكامل الوظيفي أو حتى بالقيم السائدة أثناء هذه الحركية أو العملية التفاعلية بين أجزاء وهياكل المؤسسة ذاتها".


ويؤكد المتخصصون أن "الإخلال بالمأسسة وبالعمل المؤسسي داخل المؤسسة يربك منظومة أدائها ويولد الاضطراب في هياكلها ويؤسس للاحتكاك والتشنج بين أفرادها فتستنزف الجهود وتهدر الموارد ويحدث الانحراف عن أهداف العمل المسطرة وتبرز النزعات والأمزجة الذاتية وتغيب روح الفريق والعمل الجماعي الشوري بما يؤثر في النهاية على المؤسسة ذاتها ويفقدها قدرتها التنافسية في الساحة الخارجية بعد أن أفقدها روحها وفعاليتها في الجبهة الداخلية".



وحتى يتمكن إياد السامرائي من تعزيز العمل المؤسسي في المؤسسة التشريعية العراقية فهو يحتاج إلى أن يستعين بجهة علمية مهنية متخصصة متمرسة تتمتع بالكفاءة وهذه الجهة هي "المركز الوطني للاستشارات والتطوير الاداري" التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي. من واجبات هذا المركز حسب القانون هي:"دراسة وتشخيص معوقات العمل الاداري، ووضع وتطبيق النظم الادارية الحديثة التي تنسجم مع الظروف المحلية، بما يساعد على رفع كفاءة الاداء وزيادة الانتاجية وتقديم خدمات افضل للمواطنين". وأيضاً "العمل على تطوير قدرات العاملين في اجهزة الدولة من النواحي الادارية عن طريق تنظيم دورات والندوات التدريبية مع التركيز على تطوير القادة الاداريين".



المطلوب إدارياً من رئيس البرلمان



المطلوب إدارياً من السيد إياد السامرائي هو توقيع عقد استشارة أو مذكرة تفاهم أو اتفاقية تعاون مع "المركز الوطني للاستشارات والتطوير الإداري" يقوم المركز بموجبه بإعادة النظر بالواقع الإداري والهيكل التنظيمي والبنية المؤسسية لمؤسسة مجلس النواب العراقي، وإعداد دراسة مراجعة استراتيجية وبحث وتطوير شامل وصولاً إلى توضيح الكيفية التي يمكن من خلالها تفعيل العمل الإداري داخل المؤسسة التشريعية وتفعيل علاقات البرلمان الإدارية مع بقية مؤسسات الدولة العراقية.



ولأن البرلمان هو مؤسسة سياسية قانونية فإن خبراء في العلوم السياسية والقانون يجب أن يتم التعاون معهم من خلال التعاقد إستشارياً مع مؤسساتهم الجامعية ليتم إشراكهم في عملية المراجعة الاستراتيجية الشاملة لواقع البرلمان العراقي بهدف بلورة رؤية عراقية وطنية لعملية "الإدارة البرلمانية" أو "إدارة التشريع والرقابة" أو "مأسسة العمل النيابي" داخل مؤسسة البرلمان وعلاقة هذه المؤسسة بسائر مؤسسات الدولة وموقعها في الهيكل التنظيمي للدولة العراقية وكيفية تنظيم علاقات المؤسسات التابعة للبرلمان مثل هيئة النزاهة وهيئة المفتشين مع سائر مؤسسات الدولة.



لن يستطيع إياد السامرائي توظيف مؤسسة مجلس النواب العراقي لتحقيق برنامجه الإصلاحي الموعود أو تفعيل الدور التشريعي للبرلمان والنهوض بمسؤوليته الرقابية أو تأكيد حضور السلطة التشريعية في الحياة السياسية العراقية وتأكيد وجودها كمؤسسة دستورية في بنية الدولة العراقية من دون إعادة النظر في أوضاع المؤسسة البرلمانية الإدارية والتنظيمية والمؤسسية من الجذور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة