الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الأمن الروحي و ترسيخ الخصوصية الروحية المغربية

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 4 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ظهرت على الساحة السياسية المغربية خلال الفترة الأخيرة مجموعة من المفاهيم الجديدة ؛ التي تحمل بين طياتها الكثير من الحزم الذي أبدته أجهزة الدولة في مواجهة مجموعة من الاختلالات ؛ التي أصبحت تمس الجسم المغربي ؛ و الذي طالما افتخر بالمعافاة من مجموعة من الأمراض الفتاكة .
و لعله من بين المفاهيم التي أبدعتها – على ما يبدو – وزارة الأوقاف ؛ و تسوقها وزارة الداخلية الآن ؛ مفهوم الأمن الروحي ؛ الذي يوحي بأن الانسجام الذي ميز المغاربة طيلة قرون ؛ بدأ يدخل في التفكك ؛ و ذلك ما توحي به الأحداث الدامية ؛ التي مست أمن الدولة و المجتمع في الصميم ؛ ابتداء بالهجمة الوهابية الشرسة ؛ التي أوقعت ضربات موجعة ؛ خلال وقت وجيز ؛ و فرضت على أجهزة الدولة الاستنفار الكامل و المستمر ؛ لمواجهة جميع الطوارئ التي يمكن أن تحدث في أية لحظة .
لكن هذه الهجمة لم تتوقف عند ما أحدثه الفكر الوهابي من شروخ خطيرة في الجسم الروحي المغربي ؛ بل إنها تعدته إلى نموذج آخر لا يقل خطورة عن سابقه ؛ و يتعلق الأمر بالفكر الشيعي المحارب ؛ و الذي يمتلك طاكتيكا يتجاوز بكثير الطاكتيك الذي اتبعه الفكر الوهابي ؛ و ذلك لأنه يمتلك جميع المقومات الإستراتيجية ؛ التي يمكنها أن تفرضه كبديل محتمل للنموذج الديني و السياسي المغربي .
و في هذا الإطار ؛ لا يجب أن نغفل الدعم الكبير الذي تقدمه إيران لكل من يفكر في استنبات هذا النوع من الفكر في المجتمع و أجهزة الدولة ؛ و ذلك لربح رهان الاستفراد بالعالم الإسلامي في الأخير ؛ باعتبارها الدولة التي تمتلك مقومات إستراتيجية ؛ تفتقدها مجموع الدول الإسلامية الأخرى و منها المغرب .
و لعل ما راج من أخبار بخصوص شبكة بلعيرج ؛ و ما نسجته من علاقات مع التيار الشيعي ؛ مجسدا في حزب الله اللبناني ؛ تحت يافطة التوجيه الإيراني ؛ كل هذه الأخبار التي راجت – رغم عدم وضوحها بالكامل – تطرح أكثر من سؤال حول المتغيرات الجديدة ؛ التي بدأت تلقي بثقلها على المغرب مجتمعا و دولة .
و سواء تعلق الأمر بالتحدي الوهابي ؛ أو نعلق بالتحدي الشيعي ؛ فإن المغرب وجد نفسه في الأخير في مهب رياح عاصفة ؛ تهدد كيانه الروحي و السياسي ؛ الشيء الذي استدعى استنفارا لا سابق له في أجهزة الدولة ؛ السياسية و الإعلامية و الثقافية و الدينية و الأمنية .
و لعل ما يثير في هذا الاستنفار هو ما يرافقه من وعي جديد ؛ بدأ يتسلل إلى المجتمع المغربي نخبة و مواطنين ؛ يرتبط بالخصوصية المغربية ؛ التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ؛ و التي تفرض على الجميع مسؤوليات مضاعفة لحمايتها من الضربات العنيفة التي أصبحت توجه إليها ؛ من قبل تيارات دينية / سياسية متطرفة ؛ تسعى إلى خدمة أجندتها السياسية ؛ على حساب استقرار الدولة و المجتمع .
إن رواج مفهوم الأمن الروحي في الخطاب السياسي و الديني و الإعلامي المغربي ؛ يحمل بين طياته الكثير من الدلالات ؛ التي توحي بأننا في المغرب ؛ بجميع تياراتنا الفكرية و السياسية على الطريق الصحيح ؛ الذي نسعى من خلاله إلى بناء خصوصيتنا الروحية ؛ في إطار وحدة الأمة الإسلامية ؛ من دون السماح بزعزعة هذه الخصوصية من أي طرف كان .
لقد ناضل الأجداد طوال قرون لبناء و ترسيخ الخصوصية الروحية المغربية ؛ و ضحى المغرب للحفاظ على هذه الخصوصية بقرون من الانغلاق على الشرق ؛ الذي كان يقوده الحكم العثماني ؛ و لذلك تمكن من الحفاظ على استقلاله في وجه الإمبراطورية العثمانية ؛ التي دقت أبواب الجزائر الجارة الشرقية للمغرب ؛ لكنها لم تتمكن من فتح باب المغرب ؛ لذلك شكل المغرب الاستثناء خلال تلك المرحلة رغم ما أداه من ضرائب باهظة ؛ و هو مستعد الآن ليشكل هذا الاستثناء ؛ و هو يسعى إلى بناء خصوصيته الروحية ؛ في منأى عن التأثيرات الخارجية ؛ سواء أكانت وهابية أم شيعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه