الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرقاء فلسطين وأنصار العرب

سعيد موسى

2009 / 4 / 26
القضية الفلسطينية


((مابين السطور))


جدلية وعبثية:

رغم أن الحوار الفلسطيني الفلسطيني, نتج عنه بعض الاختراقات والتي لاترقى لأي أسس يتم البناء عليها, أكثر من بعض لقاءات الفصائل إعلاميا خاصة بين وفدي فتح وحماس, مصر على الإطلاق ليست وسيطا لذلك الحوار كما يتم تداوله إعلاميا, فمصر نالها من ذلك الانقسام الفلسطيني الضرر الأكبر, على سمعتها وعلى أمنها, وكان الانقسام الفلسطيني ,والذي تم اختزاله بلغات إعلامية ذات لهجات خارجية لاتملك إلا المتاجرة في القضية الفلسطينية, إلى قسمة تتيح لمن هو غير فلسطيني أن يزايد على خصمه العربي والإقليمي, فكانت التقسيمة المتعمدة الغير صحيحة على الإطلاق, بين فريق مقاومة محصور في فصيل بعينه, وفريق انهزام محصور في فريق مقابل, وأصبحت معزوفة المقاومة سلاحا يشرع في وجه الآخر الوطني, أكثر من تشريعه في وجه الاحتلال, والحقيقة انه في فتح ساسة ومقاومين وفي حماس كذلك ساسة ومقاومين, والحقيقة على الأرض تفيد أن أي من فريقي الانقسام على حد سواء, لم يفرط في أي من الثوابت الفلسطينية عمليا, ولكن الإعلام الهادف إلى ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية, يجعل من فريق قديسا ومعصوم بشكل مطلق, ومن الفريق الآخر عميلا وانهزاميا وذيلا إلى الاحتلال بشكل مطلق كذلك, وهذه معادلة صهيونية صرفة معني بترسيخها, بل ومعني كذلك بتبديلها وسحبها على كلا الفريقين, ليكون فريق بالأمس يمنع المقاومة, ويليه الفريق الثاني في الغد يمنع المقاومة, وذلك بنفس المبررات استجابة للمصلحة الوطنية العليا, ففي وقت ما يتهم الفريق الأول المقاومين عند إطلاق الصواريخ بالعبثيين, ثم يتهم الفريق الآخر المقاومين عندما يلقون صاروخا في وقت ما بالخونة, هذا الفريق يسير في نهج التسوية وجزء منه لايقبل بوقف المقاومة, وفريق آخر يسير في نهج التهدئة وجزء منه يجرم وقف المقاومة, وهكذا بالتناوب والاستبدال بين الفعل ونقيضه, لكن الفريقين لايتفقان في زمان واحد متى تكون المقاومة عبثية وخيانة, ومتى تكون التهدئة مصلحة وانجازا, وإلا ماذا يعني تهدئة في ظل استمرار حصار سوى العبث, وماذا يعني مفاوضات تسوية في ظل قتل ودمار سوى العبث كذلك, جدلية لا وطنية، لها أول ولا يبدوا لها آخر, لها من الفائدة الجمة تعود على المحتل, ولها من الضرر الآثم يعود على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لاغير.

جدلية وعبثية:


وعلى هذا الأساس انقسم الشارع العربي إلى فريق يتقمص عن بعد بواسطة الفضائيات ومن خلف أجهزة الكمبيوتر عباءة المقاومة, وفريق يدعي بأنه يملك الحقيقة ويتقمص بواسطة الفضائيات وأجهزة الكمبيوتر كذلك عباءة السياسة, والقلة القليلة من هؤلاء غير متواجدين على ارض واقع الصراع في فلسطين, فمنهم من يملئ فراغ وقته الممل بالتعصب عن بعد لفريق يشجعه, وآخر يهدر وقته في الاستعراضات السياسية, وكأننا نشهد مبارزة مسلية, أو لعبة قدم بين فريقي القمة والمنتخب العربي, وفي المحصلة تتحول شبكة الانترنت والبرامج الفضائية, إلى مبارزة واهية وهمية, لا تقدم لنا في فلسطين سوى مزيد من الإحزان والمصائب, ولا يطيب لأي من المبارزين عن بعد أن يتخذ لنفسه مكانا وسطا ليقول كلمة خير في صالح وحدة الصف الفلسطيني, بل تراهم بشكل مضحك يستشيطون غضبا ويمدح هذا ويقدح ذاك,يشعرونك بالقزمية أمام بطولاتهم, وكأنهم في خنادق الاشتباك العسكري والسياسي, والفرقاء في الميدان في خنادق العبث والعار, يستعرضون عبثيتهم في الخطب العنكبوتية لمزيد من الوضع الدموي الملتهب على ارض فلسطين,ومن خلفهم يعيث الصهاينة فسادا وجرائم سياسية واقتصادية واجتماعية في شوارع وقصور بلادهم, يبحثون في تلك الظلمة من الانقسام الفلسطيني عن ضالتهم في أوطانهم الأم, حيث لافريق مقاومة ولا فريق سياسة, إنما هناك سلطات وتسلط لايجرؤ أي من فرسان الانقسام عن بعد, بإعلاء صوته على العبودية والظلم الواقع عليهم في ميادينهم, وكأنهم يخاطبوننا من عروش المقاومة والسياسة التي يتغنى بها الشعراء, مشهد غاية في الأسف يجلب علينا مزيدا من الحزن والكوارث, ولا ادري لو حدث وفاق فلسطيني فلسطيني وهذا مالا يتمنونه عتاة الانقسام عن بعد, أي حال من بطالة الثرثرة ستهز عروشهم الوهمية, وعلى أي معزوفة سيعزفون عند سحب البساط من تحت ألسنتهم الفتنة وأياديهم العابثة التي ماتوقفت عن صب الزيت على النار, سحقا لهم.



الانقسام الفلسطيني بفعل عبثية الادعاء, والقول بما يناقض الفعل, والفعل بما يناقض القول, أوصلتنا في فلسطين إلى ذروة الإحباط الذي يمس صخرة المواجهة مع التناقض الرئيسي الصهيوني, وما يتطلبه من ثبات وطول نفس في تلك المقارعة التاريخية, بل مس ذلك الانقسام الإجرامي تاريخنا النضالي الذي خطه عشرات آلاف الشهداء بدمائهم وتضحياتهم, وقد بلغت درجات الانقسام بفعل تقديس الذات وتجريم الغير, وبفضل أنصار الباطل عن بعد, إلى خطوط التماس مع نقاط اللاعودة, مما يسهل على الأعداء التفرد بكلا الفريقين كل على حدة وبمسوغات من صنع أنفسنا, ومازال هناك في الفضائيات وبين ثنايا الشبكة العنكبوتية و السنة شياطين لعينة وحبائل عناكب سامة, تزمجر وتصفق وتهلل وتلعن وتكفر وتخون هذا وذاك, لعبة دامية وملهاة دموية, تجسد على ارض واقعنا الوطني الفلسطيني, بمزيد من الكره والحقد والدموية والانشطار, حتى أن انقسامنا أصبح كحصان طروادة للتراشق المذهبي الإسلامي, ليمتطي المنبوذ حصان المقاومة ليصفع بتلك المطية خصمه المذهبي بأنه من فريق السياسة وذاك من فريق المقاومة, يدعي لنفسه الممانعة ولا ممانعة إلا في فلسطين وكذلك المقاومة التي لا تتجاوز طرف اللسان, ليصفع خصمه بعار الاعتدال, وهكذا هو الانقسام الفلسطيني هيئ لكثير من الغوغائيين ودعاة المقاومة عن بعد, كي ينوب عن فريقه في فلسطين كنصير في مواجهة عابثة مع أنصار الفريق الآخر والعكس صحيح, ليتراشق الأنصار عن بعد بما هو عار للآخر وشرف للنفس, وتراهم يصدرون قرارات وتوصيات الأوصياء, ويصفق لهم هنا الفرقاء في فلسطين, مشهد في غاية المسخرة اللاوطنية.


بمعنى أن الانقسام الفلسطيني وكارثتيه, تجاوزت شعبيا الميدان الفلسطيني, لتنال من ثابت وحدة الشعوب التي نتغنى بها في مواجهة أنظمتها الاستبدادية الشمولية, وهذا مفاده أن الانقسام الفلسطيني له من التداعيات السلبية العبثية على الثوابت الإستراتيجية العربية والإسلامية, وما تلك الجوقات الناعقة عبر الفضائيات وعبر الشبكة العتكبوتية لتشجيع وإطالة أمد الانقسام, إنما تصب في خانة الخيانة لصالح الصهاينة, حتى لو تصور فرسانها الميامين أنهم بانقسامهم كأنصار لهذا الفريق وذاك,إنما هو الفرق بين الحق الباقي والباطل الزائل, فان ذلك التبرير فيه من الدموية والعنصرية والتطرف مايزيد الطين بله, لان الفرقاء كل يرى في نفسه الحق وفي الآخر الباطل وكل له مبرراته وشواهده, بخلع الشرف على ذاته والتخاذل والخيانة على الآخر, جدلية تدفع صوب إضعاف الحق المتجسد في معادلة الوحدة الوطنية كمطلب مصيري, وتقوية المبررات الصهيونية واللعب على تناقضات تلك الانقسام, في محاولة لانتزاع ع تهدئة مذلة من هذا الفريق وتسوية مهينة من ذاك الفريق الآخر, ويصبح التناقض الرئيس مابين الفرقاء هو الآخر الوطني وما بين الأنصار بالثرثرة والمزايدة عن بعد أنصار الفريق الآخر, كملهاة وغطاء للصهاينة المتفرغين إلى مزيد من التهويد للقدس, ولمسابقة الزمن بالاستيطان, ولا هم لفرقائنا وأنصارهم سوى التحفز والتعبئة للانقضاض على خصومهم على السلطة العفنة, والأنصار كذلك بالانبراء وشحذ الألسنة بما جادت به اللغة العربية من أساليب فلسفية عقيمة ومصطلحات تصلح كلغة الوحل والمستنقعات لصفع الآخر, وفي المحصلة الجميع كرفع للعتب وتضليل الجماهير, تراهم يتسابقون في امتطاء خيول اللعنة على بني صهيون, لكن اللعنة الحقيقية بناء على هذا المشهد حلت على الجميع فرقاء وأنصار, والطامة الكبرى في طريقها إلى الانفجار مابين الفرقاء, لتكون مادة دسمة للفضائيات والأنصار عن بعد ينمون بها مواهبهم,ويمنون بها نزعاته العدائية، ويفصلون بها على مقاس مخيلاتهم عباءات الزعامة والبطولة المفقودة في ميادينهم, والخاسر الأكبر في محصلة هذا المشهد هو الشعب الفلسطيني أولا دون وكلاءه الفرقاء الحريصون على شرف السلطة ونفوذها وغنائمها , ومن ثم الحلم العربي بوحدة الشعوب على اقل تقدير يكون مدعاة للترحم والاحتضار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق.. رقصة تحيل أربعة عسكريين إلى التحقيق • فرانس 24


.. -افعل ما يحلو لك أيام الجمعة-.. لماذا حولت هذه الشركة أسبوع




.. طفلة صمّاء تتمكن من السمع بعد علاج جيني يجرّب لأول مرة


.. القسام: استهداف ناقلة جند ومبنى تحصن فيه جنود عند مسجد الدعو




.. حزب الله: مقاتلونا استهدفوا آليات إسرائيلية لدى وصولها لموقع