الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثيرات الحروب الاجتماعية والنفسية والثقافية على المجتمعات

فتحى فريد

2009 / 4 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


الحروب هي فكرة بشرية ذات طابع غليظ ، وتظهر مثل هذه الانطباعات على تباين غير منضبط حيث تختلف ردود الأفعال من شخص لأخر ومن شعب لأخر ومن قضية لأخرى فعلى سبيل المثال نجد رجالات الدين حين توجه لهم إهانات يكون رد الفعل في غالبية المواقف لا يخرج عن محورين أولهما التزام الصمت والسكينه والبعد بهدؤ وهذا في غالب الأمر نجده واضح في رجال الدين من الكهول والذين بلغوا أراذل العمر ، والمحور الثاني يكون بإثارة التابعين للرد على مفتعل الإهانة وهذا نجده عن رجال الدين الذين يتمتعون بسلطة اجتماعية إضافةً إلى السلطة الدينية .

فالحديث عن الحروب يحتاج ليس إلى مقال وإنما إلى العديد من المجلدات ذات الحجم الكبير ،ولكن سأحاول إيجاز هذه القضية في عدة نقاط .

أولاً تأثير الحروب الاجتماعية : الحروب تقلب المجتمعات رأساً على عقب فلو نظرنا إلى ما أحدثته الحملة الفرنسية على مصر في نهاية القرن الثامن عشر ،وبداية القرن التاسع عشر لضرب المصالح البريطانية ليس في مصر فحسب وإنما في المشرق العربي ككل ،وأن هذه الحملة لم تمكث في مصر أكثر من بضع سنوات ولكنها تركت تأثيراً اجتماعيا كبيراً مازالت إثارة موجودة اليوم ،وقد أفادوا المجتمع المصري في العديد من النواحي الاجتماعية فتعلم المصريون فنون الحرب وكانت الحملة الفرنسية تتمتع بتفوق عسكري كبير ،وكانت الحملة هي أول مواجهة بين المصريين وجيش نظامي حديث إذ أنه كانت أخر الحروب بين المشرق العربي وأوروبا ما تسمى بالحروب الصليبية ، وتعد الحملة الفرنسية على مصر هي نافذة جديدة على العالم الغربي بعد قطيعه استمرت لقرون متعاقبة تبدل فيها الحال وتغيرت المعالم الجغرافية لكل من المشرق العربي وأوروبا ككل .

فلم تكن حملة نابليون على مصر لإرساء مبادىء الثورة الفرنسية أو إدخال حداثة على مجتمعات رجعية متأخرة وإنما كان سعياً لمجده الشخصي من ناحية ومجد فرنسا من ناحية أخرى ، وضرب أي قوى تقف في طريق الفرنسيين لفرض سطوتهم على العالم أجمع في هذا الوقت .

لكن الآثار التي تركها الفرنسيون في مصر مازالت قائمة حتى هذه اللحظة فهم أول من أدخلوا نظام الطباعة بالحروف ، وفك رموز حجر رشيد الذي لولاه ما عرف المصريون لغتهم القديمة ، وتعلم منهم المصريين العديد من العادات والتقاليد التي ظلت حتى هذه الأيام في الطبقات العليا من المجتمع المصري من فنون الإتيكيت وأساليب التعامل بشكل حضاري وخاصة مع المرآة .فالحملة الفرنسية في مجملها كانت بمثابة صدمة حضارية وفكرية في أن واحد لمجتمع لم يكن يعرف سوى السيوف والخيل في المعارك فتعرفوا إلى المدافع والبارود ، وقد عرف المصريون لأول مرة أن الحاكم أو الذي بيده زمام الأمور في الدولة أو المحتل يجب أن يبدى احترامه للشعب بل يشاركه في اتخاذ القرارات وهذا ما رسخته الحملة الفرنسية في النفوس الشابة التي خرجت ترفض الاحتلال الفرنسي ومن بعده رفضت الاحتلال المملوكي ، ويتضح هذا بشكل أعمق بعد جلاء الحملة الفرنسية وفى عهد محمد على حيث قام بإرسال بعثات تعليمة للعديد من المصريين ليتعلموا الطب والفلسفة والهندسة وكانت البعثات جميعها موطنها فرنسا.

تختلف تأثير الحملة الفرنسية على مصر عن تأثير الاحتلال البريطاني لمصر والى دام أكثر من سبعين عام فقد تآكلت البنية التحتية للمجتمع وانخفضت معدلات التعليم وتلاشت القيم والمبادىء فقد أحدث الاحتلال البريطاني على مصر نوعاً من أنواع قلب الموازين فصعدت شخصيات وإختفا آخرون وكثيرون ساروا أغنياء جراء المتاجرة بمصر وكم من الأغنياء الذين افتقروا وكم من الاضمحلال وشاعة الفحشاء ليس من منطلق الحرية وإنما لضيق ذات اليد.


تأثير الحروب النفسية على المجتمعات : تختلف التأثيرات من مجتمع لأخر ولكن الأهداف والأساليب تتشابه دائماً فالحرب النفسية هي الحرب التي تستخدم فيها أساليب الدعاية والوسائل السيكولوجية والمعنوية الأخرى للتأثير في معنويات العدو واتجاهاته، لخلق حالة من الانشقاق والتذمر بين صفوفه، ويقصد بها المساعدة في كسب المعارك الحربية وإلحاق الهزيمة بالخصم.
وتوجه للعدو كما توجه للحلفاء والموالين والمحايدين والجنود والمدنيين، لرفع الحالة المعنوية للمقاتلين الوطنيين، وخفض الحالة المعنوية للأعداء.
ويستخدم في ذلك الدعاية، وبث حالة الحماس لدى أبناء المجتمع العسكريين والمدنيين للتمسك بقضيتهم وبحقوقهم التي يحاربون من أجلها، وبيان ضرورة كسب الحرب، مع الاستعانة بإثارة المشاعر الوطنية والقيم الدينية والأخلاقية، ، والعودة للمفاخر التاريخية التي تزكي قيمة الدفاع عن العقيدة والمقدسات والعمل على حمايتها ، وهذا الأسلوب دوماً ما تستعمله حماس في مواجهة الاحتلال الإسرائلى ولكنها تفتقد لوجود تأثير معنوي على المجتمع الإسرائلى فهم عادة ما يقمون بهجمات شرسة قد تلحق الضرر بالمدنين وهذا ما يضعف من موقفهم دولياً ويعطى التأييد الأكبر للجانب الإسرائلى هذا بخلاف ما تقوم به إسرائيل من حرب معنوية شاملة ومدروسة على الفلسطنين فمروراً بالوقيعة بين الفصائل الفلسطينية ، والتنكيل بالمقاومة بكل شده الإ أنهم يستطيعون أن يوجدوا المبرر الممنطق أو الذي يستصيغه العقل وإن كان مغايراً للحقيقة .

وقد كان الاحتلال البريطاني في مصر يستعمل أساليب قمعية جمة أدت إلى تأكل الطبقة الدنيا وإستكانة الطبقة الوسطي وانقسام الطبقة العليا بين موالى ومعارض .

فقد بلغ الحال بالمجتمع المصري من تخلف ورجعية أثناء الاحتلال البريطاني إلى تمسك المصريين بأمل فوز الألمان على بريطانيا من أجل إحلال الطمأنينة بالقلوب العالقة على أمال التخلص من الاحتلال.

ونجد أنه بعد هزيمة 67 نجحت إسرائيل على مدار ست سنوات من إخماد روح المقاومة ،وانعدام الأمل في غلبة إسرائيل وخاصة بعد ترويج إسرائيل لخديعتها الكبرى المسماة بخط بارليف الحصين الذي لا يقهر ، وقد أجادت إسرائيل في الدعاية لهذه الخديعة على مستوى العالم ، ولكنها سقطت فقط حين صدق الإسرائيليون أنفسهم هذه الأكذوبة واعتمدوا على أن الأخر أقل وأندر منهم ذكًاء .

تأثير الحروب الثقافية على المجتمعات : تختلف تأثيرات الحروب على المجتمعات تبعاً لكل حرب وكل دولة فالفرنسيون في مصر لم يمكثوا فترة طويلة فلم يتمكن الطرفين من الاندماج الجنسي أو العرقي أو المعرفي إلا بقدر مبسط فلقد تعلم المصريون منهم العديد من الأشكال التنظيمية والحداثة السياسية والتشريعية وهذا ما تم نقله بعد الحملة الفرنسية من خلال البعثات التعليمية التي كانت تخرج من مصر لفرنسا ، وهذا على عكس ما حدث مع المملكة المغربية والجزائر بسبب طول المدة التي وقع فيها المغرب العربي تحت الاحتلال الفرنسي مما ترك أثاراً متعددة وملحوظة حتى اليوم منها إيجادة الفرنسية بإتقان ، والنبوغ الفني والمعرفي لمجتمعات المغرب العربي.

ولاشك فى أن المجتمع المصرى يصعب التأثير على ثقافته لأسباب عده ليس هذا مجالها وإنما اليوم الحربو إختلفت شكلاًً وموضوعاً فبعد السيوف والخيل إنتقالنا إلى عصر الطائات والدبابات أما الأن فليس هناك حاجة إلى كل هذه المعدات لإن العصر تطور والعلم تقدم فأصبح من اليسر إن تهدم دولة فى أقل من ساعة دون أن ترسل لهم جندى واحد من جيشك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية