الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبريق..

ابراهيم اسماعيل

2009 / 4 / 26
الادب والفن


أدركت أن هناك أمور كثيرة في استطاعتي تعلمها..وليست من أختصاصي !
Put the kettle on....كانت احداها ولكن لم تسعفني اللغة الميتة من استخدامها حتى الآن... في مكانها الصحيح..ولكنها ظلت تحوم في رأسي!!
*

في لقاءاتنا الاولى..
كان حبل اللغة..المشدود على طرفي اللهفة والمجاملة..
أنا.. وأنتِ ..
نقول... All right
*

في الحقيقة هي أول الكلمات التي طرقت مسمعي الفضولي في أيامي الاولى في ذاك المكان.. بعدما أطلعت على كافة الإجراءات التي من شأنها المحافظة على النظام العام في المنزل.. مواعيد دخول وخروج.. مأكل ومشرب.. النظافة.. الادوات.. الاشياء.. الحمام.. المطبخ وغيرها.. كان رب الاسرة (الاب) ينطقها عند رجوعي من الكلية كل مساء وعند خروجي كل صباح.. قبل دخولي غرفة الطعام لتناول العشاء وعند استئذاني للخروج مع اصدقائي.. عند استفساري عن شيء ما او عند مقدمه الى لكي يسألني عن شيء.. او مجالستي..

في بادئ الأمر.. ولجهلي بفنون القواعد اللغوية الشعبية كنت استغرب تكرارهه لها لي بشكل يومي.. وقد حاولت تقليده لكي اشعره بألفتي مع المكان والعائلة وكنت أتسائل أن كنت الشخص الوحيد الذي يتم استخدام هذه العبارة معه.. فقد كان يلتقف زوجته كل مساء بقبلة ويعصرها بحضنة مسائية.. ولكن..!!

حاولت جاهدأ البحث عن مدلولها اللغوي والاجتماعي فعرفت أنها تستخدم في سبيل التحية اليومية وعن السؤال عن الحالة والتعارف العابر.. مرت سنوات على أقامتي وقد انتقلت الى مسكن متواضع في لندن.. ووجدت نفسي من أشد المناصرين لهذه العبارة.. مفتاح كسر الثلج بيني وبين اليمين واليسار في المحاضرات الجامعية.. القطار.. الباص.. كانت تظهر البلاهة وتساعدك على تكوين علاقة سطحية مع البقال المجاور او الابتسام لشخص تراه كل صباح ومساء دون ان تعرف اسمه.. واخيراً هي...!!

كان الوقت عصرا في شرق لندن المشمس.. لعل قرب البحر يعطي قليلا من الدفء والحركة.. استعددت للخروج الى المكتبة القريبة لأعيد بعض الكتب المستعارة وأتبضع من السوق المحلي الملاصق للنهر العاصمي بعض الحاجات.. التاميز يسير عكس اتجاه الرياح المتجهة نحو الشرق.. يغريك بالدخول الى رحم هذه المرأة لتتكتشف العالم الخفي تحت شراشفها الفكتورية المزركشة.. اتصلت جين كغير وقتها المعتاد.. وكنت على اختلاف بسيط حول شئ امتنعت عن اخباري اياه منذ عدة أيام.. ادى الى تمنعنا عن السؤال عن أحدنا الاخر..

هل لي أن أراك..؟
ولم لا..متى..؟
بعد نصف ساعة في سبيتافيلد ماركت..

حفظت العنوان على عجل عن ظهر قلب -كنت عندي ميزة حفظ اماكن اللقاء بسرعة- وانطلقت مستثمراً الوقت المتبقي في انهاء مشاغلي.. كانت جالسة بقرب الواجهة الزجاجية للمقهى الذي اعتدنا اللقاء فيه.. ابتسمت ابتسامة سريعة وهي تعيد الغطاء البلاستيكي الى كوب القهوة.. ضللنا صامتين بعدما تداولنا الكلمة السحرية.. رمقتني في جرأة لم أعهدها.. وهي تقول:

OK….Can we put the kettle on فاجئتني بسؤالها الجديد من نوعه.. حالة صمت وانتظار جواب..

لاشعوريا.. بدأت ابتسم في هدوء.. الابتسامة تحولت الى تأوهات.. صارت ضحكات متتالية وهي لم تجد سبباً لضحكي سوى أن تشاركني الضحك بعبثية .. في جنون يوم مشمس وغروب مد خيوطه الحمراء على الطاولة التي نتقاسمها..

لندن 25-04-2009









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي