الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقوق ليست منحة

كاظم الحسن

2009 / 4 / 26
حقوق الانسان



لا مواطنة من غير مساواة حقيقية على الارض بين مختلف اطياف المجتمع سياسياً وعرقياً ودينياً ولا ديمقراطية من غير مساواة بحيث تتجاوز الاطر الضيقة والفرعية لتصب في بوتقة الوطن.

ولذلك ان التوافق والتعايش والتجاور يستدعي القبول بالاختلاف والتمايز على أرضية مشتركة تنبذ الصدام على اساس العرق او الدين او الجنس.والدورة الانسانية في تعلم ابجدية التسامح تبدأ في دور التربية والتعليم سواء الاسرية ام الحكومية.

ان التربية الاحادية تترك في النفس ترسبات وعقداً سوف تعمل آلة التسلط والاستبداد على تجييرها لحسابها سواء كانت مهنية ام اجتماعية ام ثقافية وآلة التسلط هذه تقوم بالغاء الاخر مهما كانت توجهاته.

من هنا تبدو جسامة المهمة وعظم المشكلة بسبب التشابك والتداخل ما بين الارث التاريخي والمصالح الاقتصادية والسياسية التي تشكلت وتصلدت بحيث اصبحت قدراً لا فكاك منه ولا انفلات عنه، لان العنف والاستبداد في دواخلنا جاء نتيجة مغذيات الطفولة التي تبارك القسوة والقوة بحيث اصبحت تمجد حتى في شخص الحاكم الذي يبطش ويقتل ويدمر البشر.

يلخص (جان جاك روسو) هذه المسألة بالقول:(من كان يملك الشجاعة لاعطاء شعب النظام القانوني يجب ان يشعر انه قادر على ان يغير طبيعة البشرية،ان يحول كل فرد بحد ذاته كلا كاملا الى جزء من كل اكبر يستمد منه الفرد بطريقة معينة حياته ووجوده، واحلال وجود جزئي معنوي محل الوجود الفيزيائي المستقل، عليه ان يسلب قوته الشخصية ليعطيه بدلا منها قوة مؤسسية لا يستطيع استخدامها الا بمساعدة الاخرين.

من هنا نفهم لماذا توضع الدساتير في الامم الحرة على قياس مشروع الدولة وليس على قياس حزب او فرد او زعيم، مهما ادعى من جملة رسالة ومبادئ عظيمة؟
اي الانتقال من الذاتي الى الموضوعي ومن الجزئي الى الكلي ومن حكم الفرد الى حكم المؤسسة ويكون الولاء للقانون وسيادة الدولة وبعكسه سوف يكون الولاء للشخص او الحزب او العشيرة او الطائفة ما يقوض بناء الدولة ومؤسساتها.

ان المجتمع السياسي، نقصد به مجتمع المواطنين الذين يرتقون بوعيهم السياسي من درجة الطبيعة الى درجة الثقافة حيث تصبح الاعراق واشجار النسب والمعتقدات الدينية والطائفية معبرة عن حالات مجتمع ما قبل السياسة.

واذا كان الانسان كائنا اجتماعيا فماذا لا ينفتح على باقي مكونات الشعب وينصهر في بوتقة الوطن الواحد دون صراعات سياسية او عرقية او دينية؟ هنا يكون الصراع ما بين الفكرة المجردة والواقع المحسوس المثقل بالسلاسل والاستبداد والبنى الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية وممثلو هذه القوى الذين يقيمون مصالحهم من خلال هذه الشبكة التاريخية والتي تقوض اية عملية حراك للقوى المهمشة والمغيبة.

يقول (كارل ماركس): ان فكرة حقوق الانسان لا يملكها الانسان بالولادة بل انها تنتزع بالكفاح ضد التقاليد التاريخية التي نشأ عليها وهكذا فحقوق الانسان ليست منحة من الطبيعة وانما هي ثمن كفاح ضد الاستغلال و ضد الامتيازات التي اورثها التاريخ من جيل الى جيل وهي نتيجة التعليم ولا يستطيع ان يملكها الا من اكتسبها ويستحقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات| هل تصبح فلسطين عضوا في الأمم المتحدة بعد التصويت السا


.. -أين المفر؟-.. تفاقم معاناة النازحين في رفح




.. الغرب المتصهين لا يعير أي اهتمام لحقوق الإنسان في #غزة


.. الأونروا: أوامر إسرائيلية جديدة بتهجير 300 ألف فلسطينى




.. رئيس كولومبيا يدعو لاعتقال نتنياهو: يرتكب إبادة جماعية