الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة الصعود / قصة قصيرة

حيدر الحيدر

2009 / 4 / 28
الادب والفن



أين يكون ذلك الفردوس الاخضر الذي تتحدثين عنه يا جدتي العزيزة ؟
هذا هو السؤال الذي كان يلح به على جدته .
فكانت تجيبه : انه بعيد ..... بعيد جداً يا صغيري .
ـ أهو أبعد من حدود قريتنا يا جدتي ؟
ـ بعيد .. بعيد .. انه وراء السور العظيم الذي لا يمكن لأحد عبوره ، صعب بل محال الوصول الى الجانب الآخر من السور ، كثيرون اولئك الذين حاولوا العبور وانقطعت اخبارهم .
* * *
كبر الصغير واستسلمت حواسه كلها لهذه الامنية ، وباتت صورة الفردوس الاخضر تلاحق احلامه ،
وحكايات جدته ظلت تدور في تجاويف اذنه .

* * *
ذات ليلة حث خطاه للوصول الى ذلك السور العظيم ، وصمم على عبوره . نظر الى الاعلى فكان جبلاً شاهقاً ،
وتخيل نفسه نملةً امام مارد عظيم .
لاحظ ان الطريق الى القمة ليس بالسهل وكل الدروب تبدو مغلقة . بيد انه عثر على ثمة مسلك في السفح يمكن السير فيه للوصول الى القمة ، بغية ان تحط قدماه في الجانب الآخر .فقرر العبور .

* * *

وضع قدمه على اول الطريق وحمل جسمه بقوة وشرع بأول خطوة ، تبعتها الثانية فالثالثة .
سار بخطوات سريعة لم يع ِ خلالها الزمن حتى وجد نفسه يلهث من التعب والمشقة ،
توقف ونظر الى الخلف ليتعرف على المسافة التي قطعها ...........
فأخذته الدهشة !
ما عاد للدرب الذي سلكه من اثر . واستمر في رحلة الصعود .. غير ان الدرب الذي امامه اخذ يضيق كلما اسرع الخطى . حتى وصل موضعاً لا يسع لراحتي قدميه ، وادرك انه لا مجال للعبور او العودة ،
دفع بنظره الى الاسفل فكان وادياً رهيباً حالك الظلام .
شيئاً فشيئاً تلاشى الموضع من تحت قدميه ،
فألجأ ظهره لبعض الصخور لعلها تنقذه من مأزقه ،
لكنها قذفت به نحو حافة السفح .
حاول التشبث بأي شئ ، وتعلقت اصابعه الواهنة بآخر صخرة في الجبل فلم تسعفه ونبذته في الوادي الرهيب .
* * *

حين لامس جسده الوادي ، شعر كأنه هبط بمظلةٍ شفافةٍ او كريشةٍ هوت واستقرت بسلام وهدوء .
نظر الى المكان بذهول وتعجب !
( مروج خضر وزهور بكل الوان الربيع ، انسام عذبة وهواء عليل ،
ينابيع صافية المياه وفاكهة مختلفة الثمار ... ! )
ـ أهذا هو الوادي الرهيب الذي كنت اتشبث بالصخور خشية الانزلاق الى جوفه ؟

* * *

ركضت به رجلاه صوب الينابيع العذبة المذاق ،
فشرب وارتوى بعد ظمأ ٍ طويل ، وطفقت اصابعه تقطف بعض ثمار الفاكهة ،
فألتذ بمذاقها العجيب ...
ارتخت اجفانه واطبقت نصف اطباقة ، ثم انحدر في نوم ٍ عميق عند تلك الينابيع ، وتحت تلك الاشجار الوارفة الظلال ، وكانت ابتسامة الارتياح والسعادة تداعب شفتيه .

* * *

عند الصباح عثر عليه عامل البلدية نائماً فوق الرصيف ،
وعندما حاول ايقاضه ، وجده قد انتقل الى الجانب الآخر من السور !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر
بغداد ـ 5 / 6 / 1992
من مجموعتي القصصية ( أصداء تدوي في فضاءات أحلامي )









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية


.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي




.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز