الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش العراقي الجديد…وعد بحماية الشعب!!

أبو مسلم الحيدر

2004 / 4 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


في شهر آب من العام الماضي تمت المباشرة بتدريب أول كتيبة في الجيش العراقي الجديد وكانت مراسيم تخرجها قد جرت في الثلث الأخير من تشرين الأول في نفس العام. والآن تم تخريج أربعة كتائب. هذه الكتائب هي النواة الأولى للجيش العراقي الجديد والذي قام على أنقاض ما كان يسمى بالجيش العراقي، ذلك الجيش الذي كان ومنذ تأسيسه سلاحاً يستخدمه الحكام لقمع الشعب العراقي وحركته الوطنية إضافة الى تسابق الأحزاب السياسية العراقية للتأثير على بعض أفراده وقياداته ليكونوا ضمن صفوفهم مما جعل ذلك الجيش الوسيلة الأولى لتلك الأحزاب للوصول إلى السلطة.
إن هذه الطبيعة التي كان عليها الجيش العراقي ساعدت (مع عوامل أخرى) على إبعاد الأحزاب والحركات السياسية العراقية (على مختلف مشاربها الفكرية) عن التفكير من الوصول إلى السلطة بطرق أكثر حضارية (سلمية) من الأنقلابات العسكرية وإن تآريخ العراق السياسي الحديث يؤيد ذلك. وهذا أيضاً ما دفع عصابة عفلق- البكر- صدام إلى العمل عل تحويل الجيش العراقي السابق إلى جيش عفلقي (ما أطلقوا عليه بالجيش العقائدي او جيش البعث –فهو أيضاً ليس جيش العراق لكي نحافظ عليه أو نعيد تشكيله)، ثم وبتحول السلطة الصدامية في العراق إلى سلطة العشيرة، تحول الجيش العراقي بالتبعية إلى جيش العشيرة وتم تصفية كل قادة الجيش الآخرين الذين لايدينون بالولاء (أو يتم االشك بولائهم) إلى حكم العشيرة وبهذا تحول ذلك الجيش إلى (جيش القائد).
هكذا كانت طبيعة الجيش العراقي السابق، جيش لخدمة الحكومة وليس لخدمة الشعب، جيش للقائد وسلاح بيده يستخدمه متى يشاء وأينما يشاء ولأي هدف يشاء، والكل فيه يهتف وبصوت واحد (نعم سيدي القائد).
إن قرار حل الجيش العراقي السابق قد حظي بتأييد غالبية العراقيين الحريصين على أن يكون مستقبل العراق مستقبلاً مبنياً على مبدأ التداول السلمي للسلطة وبموجب دستور يمنح أبناء العراق الحق بالأختيار الطوعي والحر لممثليهم. وكان دافعهم لتأييد هذا الأجراء هو رغبتهم في رؤية عراق جديد لا مجال فيه للأنقلابات العسكرية والبيان رقم واحد بين فترة وأخرى.
ولكن ما هي الضمانات التي تدفعنا للأقتناع بهذا المستقبل الموعود للجيش العراقي الجديد؟
إن ما يضمن تحقق هذه الأمنية هي الضوابط الثلاثة التالية:

في كل البلدان الديمقراطية، يكون منصب الوزير منصباً سياسياً وليس منصب إختصاصي. وهذا ما وافق عليه أعضاء مجلس الحكم المؤقت ليكون الضابط الأول، حيث تم إختيار شخصية وطنية غير عسكرية لهذا المنصب وسيعتمد في إدارة شؤون الوزارة (العسكرية منها والغير عسكرية) على مستشارين عسكريين ومدنيين كما هي الحالة مع الوزراء الآخرين الذين عادة ما يعتمدون على طاقم من المستشارين في المجالات المختلفة.

الضمان الثاني هوعدم السماح للأحزاب والقوى السياسية بإنشاء تنضيمات لها في الجيش وكذلك عدم السماح لأفراد هذا الجيش بالأنضمام إلى أي حزب أو حركة سياسية. وهذا ما تم الأتفاق عليه في مجلس الحكم المؤقت وكذلك تم إدراجه في قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت والذي سيكون أيضاً أحد بنود الدستور العراقي الدائم الذي ستتم صياغته بعد تسلم العراقيين للسلطة في الثلاثين من حزيران لهذا العام (كما هو مُعلن لحد الآن).

الضمان الثالث هو أن لا تكون المناصب القيادية في الجيش العراقي الجديد على أساس مناطقي أو طائفي أو مذهبي أو ديني أو عرقي. وهذا ما تم مراعاته في إختيار منتسبي هذا الجيش (وخصوصاً الضباط) إضافة الى توفر الشروط المهنية الأخرى.

إن الضوابط الثلاثة السابقة كافية لطمأنة العراقيين برؤية جيش وطني لا يتم إستخدامه كآلة من آلات الأرهاب الحكومي (أو الحزبي) ضد أبناء الشعب شريطة أن يكون هناك ميثاق شرف بين جميع الأحزاب والحركات السياسية الوطنية العراقية على عدم السعي لأنشاء تنظيمات لهم بين صفوف العسكريين، ليس هذا فقط، وإنما صياغة نصوص قانونية مشددة لضبط هذا المبدأ. إن مثل هذه النصوص القانونية يجب أن تكون ضمن الدستور الدائم وضمن قانون الأحزاب أيضاً بحيث يتم حل الحزب الذي يتم إثبات مخالفته لهذا الضابط.

إن أعداء مستقبل العراق والمتصيدين في المياه العكرة تلاقفوا خبر رفض وحدات الجيش العراقي الجديد لمشاركة قوات التحالف (التي هي جزء منها بموجب قانون إدارة الدولة المؤقت) وراحوا يصورونه على إنه علامة على فشل الجهود الرامية لبناء جيش عراقي جديد قد فاتهم أن يسبروا أغوار هذا الموقف لكونهم يخشون ذلك.
في حقيقة الأمر إن هذا شيء عظيم جداً لجيش لازال في طور الولادة، ولكن أفراده وقياداته رفضوا أن يكونوا آلة لصراع بين خصوم (سياسيين) إختاروا أن يكون العنف وسيلتهم لحل هذا الخلاف. أنا هنا لا أقصد المجاميع الأرهابية في هذا الصراع، ولكن يوجد مع تلك المجاميع الأرهابية بعض من أبناء العراق النجباء الذين تأثروا بطروحات هؤلاء المجرمين وحذو حذوهم إما لقصر في التفكير أو لقلة وعي أو لحاجة مادية أو لثأر شخصي أو إحتجاجاً على حالتهم المعيشية المتدنية خصوصاُ وإن العراقيون قد عاشوا تحت حكم العنف والأرهاب والصراعات المسلحة لسنوات عديدة وهذا قد كان له تأثير واضح وكبير على صياغة الشخصية العراقية والذي يحتاج الى جهود كبيرة وعلى جميع الأيادي الشريفة واجب التضافر لأعادة صياغتها.
إن هذا الموقف هو المقف الذي يريده العراقيون من جيشهم الجديد خصوصاً وإن وحداته قد نفذت عدداً من العمليات الجريئة والناجحة لمحاربة الأرهابيين والقضاء عليهم في مرات عديدة سابقة وهذا يدل على إن موقف هذه الوحدات سيكون مختلفاً وسيكونون في المقدمة لمحاربة الأرهابيين والخارجين على القانون لولا قناعتهم من إن بعض هؤلاء المقاتلين قد يكونوا غُرر بهم أو تم إستغلال ظروفهم الخاصة للمشاركة في هكذا عمل وهذا أيضاً هو نفس الهدف الذي دفع قوات التحالف بقبول الهدنة والوساطة للحلول السياسية والسلمية ومما يؤكد ذلك هو إشتراط قادة التحالف على تسليم الأرهابيين والخارجين على القانون.

فالعز كل العز والفخر لجيش العراق الجديد الذي سيكون سوراً للوطن وضمانة لأستقراره وحماية لدستوره وليس جيشاً للحزب القائد أو جيشاً للبطل القائد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم