الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس ومنقار الطير المقطوع

عادل الخياط

2009 / 5 / 1
ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟


تتقصى ثم تجزم , تتقصى عن أدق توصيف بحق الرأسمالي فلا تجد أعظم من توصيف " ماركس " . التوصيف الذي يقول : إن الإقطاعي كان حملا وديعا نسبة لبشاعة الرأسمالي " هل هذا هو التوصيف ؟ : لا , هذا شق منه ،أما الشق الأكثر أهمية فهو : إن الرأسمالي أشبه بشخص تحدوه رغبة طاغية أن يجعل طيرا ما يحط على كتفه وقتما يشاء "بمعنى أن يكون خاضعا بكل تكوينه لإرادة هذا الشخص" , فيلجأ إلى قطع منقاره ليُعوقه عن التقاط الحبوب فيضطر إلى التوكر على كتف هذا الشخص ليُلقمه الحبوب بنفسه !!

الأكيد أن ليبراليا متزمتا سيقول : لِمَ لا يفعل ما دام يمتلك المقدرة التي تُمكنه من فِعل ذلك ، وعلى هذا سنخترع دكتاتورية جديدة تُدعى : دكتاتورية الرأسمالي القبيح ، لتضاف إلى الدكتاتوريات التقليدية . محتمل ، لكن الليبرالي المُنفتح ، والذي ربما على شاكلة الليبراليين الجُدد - لكن لا ، فالليبراليون الجُدد , وعلى الأخص العرب منهم قد أضحوا في موازاة الصنف الأول الراديكالي أو المُتزمت في دفاعهم المستميت عن الرأسمالية - .. على أي حال ، نرجع إلى الليبرالي المُنفتح الذي سوف يزعم : أجل ، من المحتمل أن تكون الرأسمالية في بدايات صعودها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عندما كانت تستخدم أو تُشغل جيوش النازحين القرويين الذين لفظهم الإقطاعيون من إقطاعياتهم الزراعية عندما ضُربت مصالحهم بعد الصعود الرأسمالي . نقول عندما كانت تستخدم هذه الجيوش النازحة بأجور زهيدة ، وعندما تنتفي الحاجة لهم يُسرحون بدون أية ضمانات ، ليُمارسوا مضطرين التسول والبغاء والسرقة و.. في طُرقات عاصمة الثورة الصناعية " لندن " ، آنذاك . هل هذا صحيح ما يتوارد إلى ذهنية الليبرالي المُنفتح ؟ لا ، ليس صحيحا . القول الوارد هو من رسالة من " إنجلز لماركس " تتحدث عن المستشري الجديد قاطع منقار الطير ! فما أعمق الهوة ، أو مدى السخرية أن يُنسب مثل هذا القول لـ ليبرالي ما حتى وإن كان مُنفتحا ، أو انه أصلا ليس منفتحا ، لأن الحقيقة أنه ليس ثمة ما يُدعى : ليبرالي مُنفتح وآخر مُنغلق أو راديكالي ، الصنفان يحتملان ذات المستوى من التفكير الاستثرائي الطبقي بصرف النظر عن الاستثناءات الخاضعة بالتأكيد لعوامل سايكولوجية وغيرها لسنا بصددها في هذه الموضوعة .

لكن الليبراليين سوف يحتجون على العينة المذكورة عن سلوكيات الرأسمالي تجاه جيوش الشغيلة القرويين من الأجر الزهيد والتسريح وقت انتفاء الحاجة لهم . فما حدث قبل أكثر من مائة وخمسين سنة ، في زمن لم تتضح فيه بعد المعالم الحقيقية للنظام الرأسمالي ، هو ليس ما تتمتع به طبقة العمال من الحقوق في زمننا الراهن !.. إذن فلنر إن كان هذا الزعم يعكس ولو جزءً من الحقيقة .

وكوننا نتحدث عن المحور الرأسمالي الأكثر وطأة - الولايات المتحدة الأميركية - فمن البديهي سوف نتجاوز أوروبا الغربية ، فهي من التقلب بين اليسار واليسار الوسط واليمين المعتدل وقوة النقابات العمالية والتناحر الاقتصادي بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية من منطلقات استغلالية محضة لهذه الأخيرة ، تعكس الجوهر الذي نحن بصدده الآن . تلك الخصائص ربما تعطي مشروعية لهذا التجاوز ، إلى ذلك فإن نقيض تلك الخصائص - الولايات المتحدة - هو صميم هذه الموضوعة ، فإذا كان اليمين المُتطرف يتبوأ السلطة لمدة ثمان سنوات وليس ثمة تماثل دستوري أو معايير مشابهة لما يحدث في أوروبا بشان زعزعة الحكومات أو سقوطها في الأزمات الحادة ، فمن الطبيعي أن هذا اليمين وهو صاحب السعار الأيديولوجي المُخصخص إلى أقصى مستوياته سيقوده إلى اختلاق القوانين الجهنمية وبآلية ضد النقابات العمالية . طبعا إضافة إلى خلق فئات بيرقراطية منتفعة داخل هذه النقابات ذاتها وبتواطؤ مع مُلاك الشركات وإداراتها . إذن لا غرابة أن تتوارد إلى السمع باستمرار : إن نقابات العمال الأمريكية من الهزال أو الضعف الذي يجعلها في موقف لا تُحسد عليه في مواجهة غول الشركات وقوانين اليمين لصالح تلك الشركات ، ومن هنا لا يمكن مقارنتها بأي حال مع النقابات الأوروبية .

لنأخذ قرينة لهذا الواقع النقابي الأميركي : في عهد ريغان حدث إضراب عمالي من أجل رفع الأجور في شركة تدعى - كتر بالر - إذا لم أخطئ التسمية ، وهي شركة مختصة بصناعة آليات الحفر الثقيلة . كانت إدارة أو مدير الشركة بالذات من النوع المرن في تعامله مع الإضراب ، إذ ذاك أقيل هذا المدير من منصبه وعُين مكانه مدير مُتزمت إزاء الإضرابات العمالية وكل ما يخص حقوق العمال . فماذا فعل هذا ؟ الذي فعله إنه لم يستجب لمطالب العمال ، ولأن الشركة لها فروع في بعض الدول الآسيوية ولأن هؤلاء الآسيويين لا يكترثون للأجر بقدر طموحهم بالقدوم إلى أميركا أو أية دولة من دول العالم الجديد ، وهذه نلمسها نحن هنا في كندا ، حيث تراهم ينفقون خمسة عشر أو عشرين عاما من العمل بأجر زهيد جدا في إحدى الشركات ولم يُفكروا يوما بالبحث عن عمل بأجر مرتفع ! وهذا ما حدث في الشركة المشار إليها , فقد أُحضر طاقم متكامل من العمال والمهندسين والإداريين وحل محل المُضربين الذين أُحيلوا إلى شركة ضمانات العمل " Employment Insurance ", وكان قدوم ذلك الطاقم بتواطؤ مع حكومة " ريغان اليمينية " حيث وفرت هذه الحكومة " فيزات الدخول " بسهولة ودون أية إجراءات تعويقية ، لأن المعروف أن عملية دخول أميركا ليست بتلك السهولة ، حتى وإن كانت لعمال شركة أميركية لها فروع في دول أخرى ، وهو ما يُظهر أو يُؤكد البديهة التي تقول : إن الشركات المُتنفذة هي الوجه الآخر لليمين الحاكم .ودون مراء أن هذا السياق يقود إلى القول : إن الأزمة المالية الراهنة هي نتيجة حتمية لتبوُّؤ اليمين الأميركي الجلف لأثني عشر عاما - عقد الثمانينيات إلى 1992 ومن ثم فترة بوش الابن التي دامت ثمان سنوات -










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ارجوك ايها الراسمالي اطلع على الماركسية و لو شيءا قليلا
marxenglselenin ( 2009 / 4 / 30 - 20:29 )
لطبقة العاملة تشترك في ضرائها. فهي التي تعاني من الازمات الاقتصادية للنظام الراسمالي وهي التي تتعرض كل يوم وكل ساعة الى استغلال الطبقة الراسمالية التي تغتني على حساب جوعها وشقائها وكدحها من اجل لقمة العيش. وهي التي تعاني من البطالة في جميع العالم وهي التي تعاني من الشقاء والجوع ومن الحروب والمجازر الراسمالية ارجوك ايها الراسمالي اطلع على الماركسية و لو شيءا قليلا.

اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات