الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى عيد العمال العالمي :ليس لعمال تونس ما يخسرون في النضال أكثر ممّا خسروا بالصمت والخوف والخضوع

حزب العمال التونسي

2009 / 5 / 1
ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟


يحيي العمال التونسيون مع سائر عمال العالم يوم غرّة ماي من هذه السنة ذكرى عيد العمال العالمي في ظرف له سماته الخاصة نتيجة الأوضاع الجديدة التي يمرّ بها العالم عامة ومنطقتنا، الوطن العربي، وبلادنا خاصة.

فالعالم اليوم يعيش على وقع الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بالاقتصاد الرأسمالي، هذه الأزمة التي أثبتت مرة أخرى أن الانتصارية التي صاحبت تحولات بداية التسعينات من القرن الماضي لم تكن غير ظرفية وأن اجتياح الرأسمالية الليبرالية لكل بلدان العالم من منظور وهم "نهاية التاريخ" و"أبديّة" نظام الاستغلال البرجوازي وما صاحبه من هجوم سافر على المكتسبات الاجتماعية ومن استغلال للشغالين ومن حروب ودمار لم تكن غير طفرة وقتية سرعان ما كشفت الأزمة الأخيرة عن حدودها وقصورها عن تحقيق التنمية وتوفير الرفاه والحرية للشعوب وللكادحين منهم على وجه الخصوص.

فمن الناحية الاقتصادية بات نظام العولمة الرأسمالية مهددا بحالة ركود لم يعرف مثيلا لها منذ أزمة 1929 بل ومنذ ظهوره كنمط إنتاج جديد إذ طالت الأزمة جميع آلياته ومظاهره الإنتاجية والتجارية والمالية فتراجعت أنساق الإنتاج المادي وانخرمت نظم التبادل التجاري وحركة الرساميل بعد أن أفلس كواسر المضاربين الماليين وأصبحت كبرى الشركات الصناعية على حافة الإفلاس واتجهت معدلات الاستثمار والنمو للانحدار فيما بدأت معدلات التضخم والبطالة تقفز إلى أعلى مستوياتها، بما بات ينبئ بإمكانية انهيار هذا النظام رغم كل محاولات ترميمه.

هذه الأوضاع هي بطبيعة الحال الحاضنة الطبيعية لانتشار البطالة ولتدهور المقدرة الشرائية ولتفاقم الفقر والأمراض الاجتماعية الناشئة عنه ولاحتداد الفوارق بين الطبقات الاجتماعية والجهات والبلدان ولتراجع الخدمات العمومية والاجتماعية كالصحة والتربية والتعليم والنقل والسكن والثقافة ولانتشار أسوأ مظاهر البؤس والحرمان، الأساس المادي لنهضة محتملة لحركة ثورية ولنضال جماهيري واسع في جميع أرجاء العالم.

ومرجّح أن يكون نصيب البلدان الفقيرة والاقتصاديات المتخلفة وجماهيرها الكادحة والشعبية من هذه المآسي هو الأوفر ذلك أن كبار البرجوازيين دولا واحتكارات وملاكين وأصحاب رأسمال وأرباب مؤسسات هم دائما المستفيدون من طفرات الرخاء والنمو وآخر من يخسر في حالات الأزمات والركود التي يتسببون فيها دون سواهم. لذلك، فإن جماهير الطبقة العاملة وسائر الكادحين وشرائح الشباب والنسوة منهم بالخصوص في البلدان الشبيهة ببلادنا ستكون هي الضحية الأولى والمفضلة في مثل هذه الأوضاع السائرة باطراد نحو مزيد الاحتدام والتعقيد.

وتطابقا مع كل التوقعات، بدأت آثار الأزمة تظهر على اقتصادنا ومعها ازدادت مصاعب الحياة لعموم الكادحين وأبناء الشعب حدّة. فنتيجة لذلك أغلقت عديد المؤسسات من قطاعات النسيج والصناعات المعملية والتحويلية ومن صناعة الإلكترونيك والكهرباء وصناعة السيارات أبوابها لتلقي بعشرات الآلاف من العمال إلى سوق البطالة ليعززوا صفوف ما يزيد عن نصف مليون عاطل عن العمل جلهم من الشباب، فتيات وفتيان، خمسهم من حملة الشهادات.

ونتيجة لذلك أيضا ما انفكت الطاقة الشرائية لعموم الشعب تتدهور رغم الزيادات الأخيرة في الأجور، هذه الزيادات التي لم تعد تعني سوى إجراء تقني روتيني تتخذه الحكومة بتواطئ مع البيروقراطية النقابية لتعديل الموازين العامة للدولة ولفرض "السلم الاجتماعية" و"الاستقرار السياسي" حتى تواصل البرجوازية العميلة وجهاز حكمها استغلال الشعب ونهب خيرات البلاد والتفريط فيها للاحتكارات والدول الأجنبية.

ونتيجة لذلك أيضا ما انفك الاستقطاب الاجتماعي يتعمّق بين حفنة الملاكين والمتنفذين في الحكم ودوائر "البزنس" المتعفنة من ناحية، وجماهير الكادحين في المدينة والريف من ناحية ثانية.

ونتيجة لذلك أيضا انتشرت أبشع مظاهر الفقر والأمراض الاجتماعية الناجمة عنه كالهجرة و"الحرقة" والسرقة والكحولية والإدمان على المخدرات وغيرها.

وكان من الطبيعي أن تتجه مشاعر الغضب والنقمة والقلق على المستقبل إلى مثل هذه التعبيرات بوجهيها، التفسخ والانحلال الاجتماعي والأخلاقي من جهة والهروب لمنازع التطرف والتيارات الجهادية المنغلقة من جهة ثانية، في ظل الاستبداد والانغلاق السياسي التام وغياب الحريات وبالنظر لضعف وتشتت المعارضة السياسية وحركة المجتمع المدني بسبب القمع المسلط عليهما ولأسباب تاريخية وخاصة بهما.

فحركات الاحتجاج الاجتماعي السلمية والمدنية عبّرت عن نفسها في شكل إضرابات واعتصامات واحتجاجات جماهيرية شكلت حركة الحوض المنجمي واحتجاجات أهالي فريانة بجهة القصرين ونقطة والحنشة بجهة صفاقس نموذجها الأبرز فأغرقتها طغمة الحكم في القمع الأعمى والدم. وتعجّ السجون اليوم، إلى جانب الآلاف من الشبان الذين انجروا إلى تيارات الجهادية السلفية، بالعشرات من مناضلي وقادة احتجاجات الرديف والمتلوي والمظيلة وأم العرائس.

لقد فقد النظام كل هوامش التصرف في أزمة المجتمع، بعد أن أفلست سياسة الديماغوجيا والحقن وانكشف على حقيقته كنظام معاد للشعب وللوطن، ولم يعد لديه ما يعطي سوى القمع والرقابة والمضايقات والسجن والتعذيب ومنع كل أشكال التعبير وأبسط حقوق الانتظام الحزبي والجمعياتي المستقل كي يحافظ على هيمنته وكي يمرر مرة أخرى مهزلة الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يجري إعداد الشعب لها في أشدّ حالات الاحتقان والغبن.

لقد أثبتت تجربة بلادنا طوال العشرين سنة الماضية، وهي واقعة تحت نير الحكم الفردي لبن علي ولهيمنة حزبه "التجمع"، أن لا خيار أمام الشعب التونسي غير خيار النضال والمواجهة من أجل نيل الحرية وممارسة الحقوق وتحسين ظروف الحياة المادية والمعنوية وصون شرف الوطن وفرض استقلاله الحقيقي ووضعه على سكة التقدم والازدهار.

فمواجهة مآسي البطالة والفقر وتدهور الطاقة الشرائية وتردّي خدمات الصحة والعلاج والتعليم والقمع والتعسف، التي هي نتائج حتمية لاختيارات نظام بن علي وحكمه الفاسد، لن تنجح لا بالتعاون معه ولا بالتعويل على الأحزاب الكرطونية المبيوعة له ولا على البيروقراطية النقابية المتواطئة معه وإنما بتكتيل جماهير الشعب والشغالين وقواه التقدمية والديمقراطية وبكسر حاجز الخوف واللامبالاة وسائر الأوهام الأخرى وبخوض النضال من أجل المطالب المباشرة والملحة على غرار انتفاضة الحوض المنجمي في اتجاه تقويض أركان نظام القهر والاستغلال.

فليس للشعب التونسي ما يخسر بالنضال أكثر ممّا خسر بالصمت والخوف والخضوع.

عاشت نضالات أهالي الحوض المنجمي
عاش نضال الشعب التونسي
عاشت نضالات الطبقة العاملة في تونس وفي العالم
تسقط الرجعية، تسقط الرأسمالية
عاش عيد العمال العالمي

حزب العمال الشيوعي التونسي
تونس في 30 أفريل 2009










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في ذكرى عيد العمّال العالمي
jdira ( 2009 / 4 / 30 - 23:05 )
كان بودّي تخصيص فقرة تبيّن محاور النّضال في المجال الإجتماعي بالتّركيز على العمل النّقابي الّذي يتعرّض للتّهميش من قبل السّلطة و بتواطئ من البيروقراطيّة .عسى أن تكون هذه اامحاور نبراسا يقتدي به النّقابيون الديمقراطيون الصاّدقون..........و إلى الأمام

اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة