الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتبهوا: السيد مانديلا يطرق الابواب

مهدي النجار

2009 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في كل بلدان الاستبداد والتمايز بين البشر ، يدخل الزعماء المستبدون التاريخ عنوة وقسراً، سواء من أبوابه أم من شبابيكه، يدخلون بلا أغطية شرعية لا من الله ولا من البشر، يدخلون عن طريق «صلة الرحم» لأنهم أولاد مستبدون، او عن طريق التزويرات والمؤامرات والدسائس وغالباً ما يكون هذا الطريق مُعبداً بالدمار والدم، والمهم حين يدخلون التاريخ يستأنسون بمسك زمام السلطة، يسترخون على كرسيها مدى الحياة، وإذا اقتضى امر هذا الاسترخاء ان تُغير السنن والدساتير والأعراف فلا بأس، وإذا اقتضى ان تسفك الدماء وان يُعاث بالارض فساداً فلا بأس، وإذا اقتضى ان تكمم الافواه وتملأ السجون ويُطرد الرافضون خارج اوطانهم فلا بأس...من النادر ان نعثر على زعماء شجعان يدخلون التاريخ الإنساني من ابوابه المشرقة والمضيئة. هاهو السيد مانديلا (روليهلالا نيلسون مانديلا مواليد 1918 ) يطرق ابواب التاريخ ليدخله شامخاً بأمتياز كرجل اسود حياته ناصعة البياض،

يدخل التاريخ ومعه كل الارواق الشرعية التي تؤهله بالدخول، واول هذه الاوراق نضاله المرير الطويل من اجل ان تتحرر بلاده جنوب افريقيا من الحكم الذي يقوم على التمييز العنصري الشامل، الحكم الذي حجب الحرية عن السود، فلا حق لهم بالانتخابات ولاحق لهم بالمشاركة في الحياة السياسية او إدارة شؤون البلاد. بل والاكثر من ذلك كان يحق لحكومة الاقلية البيضاء ان تجردهم من ممتلكاتهم او تنقلهم من مقاطعة الى اخرى، شعر مانديلا بقسوة التمييز وحرمانه من الحرية ولكن مع ذلك عرف ان تحرير نفسه مرهون بتحرير الآخرين، مرهون بإلغاء كل العسف الواقع على الجميع، لذا بدأ رحلة التحرير القاسية واستمرت هذه الرحلة حتى وهو في داخل السجن مدة سبع وعشرين سنة! كم من القوة والصلابة قد يبلغها انسان ليصمد كل هذه الفترة؟ كم من العزيمة والإصرار يحتاج الإنسان لكي يبقى وراء هدفه حتى تحقيقه؟ قد يبدو الامر مستحيلاً ولكن مانديلا لم يجد لتلك الكلمة اي أثر في معجم حياته رغم انه تألم كثيراً وتعثر كثيرًا ولكنه كان يرى وكما يقول: « ان العظمة في الحياة ليست في التعثر ولكن القيام بعد كل مرة نتعثر فيها».وخلال سجنه اصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزاً لرفض سياسة التمييز العنصري. واخيراً نالت جنوب افريقيا حريتها وانتصرت على الفصل العنصري المقيت ليصبح مانديلا اول رئيس اسود لها (1997 -1999 ) بعد ان شغل منصب رئاسة المجلس الإفريقي الأعلى (1991 -1994) وخلال فترة حكمه شهدت البلاد إنتقالاً جوهرياً من حكم الأقلية الى حكم الأغلبية، إضافة لهذه الأوراق المشرفة التي يعتز بها مانديلا وهو يطرق ابواب التاريخ ليدخل دائرته بجدارة نلاحظ انها، اي اوراق نضالاته ممهورة بجائزة نوبل للسلام التي حصل عليها هو وشريكه الابيض الرئيس السابق فريدريك دكلارك في عام 1993 ولكن الاروع من ذلك كله ان يقرر رجل النضال ورجل السلام هذا ذو 85 عاماً الإعلان عن تقاعده وترك الحياة السياسية للأقدر والانشط منه وفضل ان يقضي ما تبقى من عمره بين عائلته وان يساهم في نشاطات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان في كل ارجاء العالم، طرقات الابواب النبيلة التي يدقها السيد مانديلا لكي يدخل فسحات التاريخ بجدارة قد يسمعها الآخرون، خاصة اهل الاستبداد، فيتعلموا الحكمة بالحكم، لان للتاريخ صولات وقحة يغربل فيها بصرامة من دخل فضاءاته دون مؤهلات او تأهيل فيعزلهم دون شفقة ويرميهم الى القمامات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هنيا يامنديلا
كنعـــــــــــان ايرميا ( 2009 / 5 / 1 - 22:32 )
وهل من كلمات اجمــل وارشــــق من كلماتك يا استاذ مهدي النجــار هنيــا لهذا الرجل الاســود بحياته الناصعة البياض ... ان لمثل هولاء القادة كان يجب ان يقال انك شمس والملوك كواكب اذا طلعت لم يبد منهن كوكب تحية احترام لكم ولمانديلا وللحوار المتمدن وعسى علو مانديلا يخسف الطغاةعندنا

اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية