الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرون عاما على انتفاضة معان الاردنية

بلال العقايلة

2009 / 5 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عشرون عاماً مضت على انتفاضة معان المشهورة التي اندلعت في 18/نيسان 1989 م، تلك الانتفاضة التي شكلت في سياقها التاريخي صرخة احتجاج مدوية صنعت تحولاً كبيراً في السياسة الأردنية المحلية، وطوت صفحة مؤلمة من القمع و الظلم في زمن ما يسمى بالأحكام العرفية .. تلك الأحداث التي كانت وستبقى من معالم التمرد المشروع في مرحلة الاضطهاد و الإهمال و فقدان التحسس بدفء المواطنة ومسؤولية الحكم و الحكومات، لأنها كشفت آنذاك عن عمق المباعدة ما بين الحكومة و الشعب.
ورغم أن الانتفاضة غيرت مجرى الحياة السياسية في الأردن و أدخلت البلاد إلى عصر الحرية كونها نتاج افرازات طبقية، لكن كل ذلك كان بمثابة ديموقراطية منقوصة وسحابة عيد لم تدم طويلاً، خابت بعدها آمال الجميع، فسرعان ما تقهقر الوضع السياسي وتقزمت مظاهره، وتبدلت القناعات والخيارات بعد أن قامت الحكومات بتغيير مواقفها إزاء المعطيات التي تلت أحداث نيسان.
كما أن هناك تراجعاً متلاحقاً في كافة المجالات التي تحققت جراء الأحداث النيسانية قد حصل، بسبب اذعان الحكومات للإملاءات و الأطروحات الخارجية، ولا سيما بعد معاهدة وادي عربة، وانتهاء الحرب الباردة، وتفرد الولايات المتحدة بالسيطرة على دول و شعوب العالم، فمحلياً حدث تراجع متلاحق تمثل في سن قانون الصوت الواحد عبر مواصلة تدخل الحكومة بالانتخابات، وفرض قانون المطبوعات المؤقت الذي قيد حرية الصحافة، واُجبرت بعض الصحف على الإغلاق، واستشراء الفساد وتزايد المفسدين، والتضييق على النقابات المهنية، وسجن واعتقال نخبة من الصحفيين الاجلاء، في الوقت الذي فتحت فيه الأبواب على مصراعيها لذوي الأقلام المأجورة، ونصبتهم أبواقاً لها يتكسبون منها على حساب جراحات الأمة وأوجاعها، كما شرعت الحكومة بمداهمة مدينة معان أكثر من مرة، وقامت بالتنكيل بسكانها الآمنين، وكان آخرها ما حدث عام 2002م على يد حكومة علي أبو الراغب التي جنحت لاستخدام القوة المسلحة دون وجود مبررات تسوغ الجنوح لهكذا حل في مدينة ترزح تحت وطأة المعاناة والحرمان، فنتج عن تصرفاتها الرعناء أن قتل أربعة من خيرة شباب المدينة، وجرح الكثير من المواطنين الأبرياء، واعتقال أبناء المدينة لغاية هذا اليوم.
ان ذلك التراجع الكبير في نهج الحكومات المتعاقبة وسياساتها قد فاقم الهوة وبدد أية آمال في مد جسور التواصل بينها وبين الشعب، في إعادة حالة من التقارب بين الحكومة والقاعدة، سيما وان الجماهير كانت ترنو الى عهد مديد من الانفراج السياسي والاجتماعي والاقتصادي، غير أن ما حدث من استبعاد للعناصر الوطنية وإقصاء للقيادات المختلفة واحلال محلهم جوقة من الدخلاء ورجال الكمبرادور الذين دخلوا في المحرمات وجعلوا كل شيء محلاً للبيع والمساومة، فتعاقبت على البلاد حكومات باعت مصالح البلاد وثرواتها، فأثرت فئة قليلة من الأردنيين وحققت قفزات صاروخية في أرصدتها ومداخيلها الاقتصادية، فيما تلاشت الطبقة الوسطى التي تشكل الوعاء الحقيقي للمجتمع،و أصبحت تعاني مع الطبقة الفقيرة أصلاً جراء تلك الارتفاعات الجنونية في الأسعار فجعلت من عمان أغلى عاصمة عربية في الأسعار قياساً مع نسبة الدخول والرواتب التي يتقاضاها الأفراد، فهي لم تعد ترحم أحداً.
ومما يؤسف لهُ في هذا السياق أن الأسباب الموجبة لهبة نيسان هي اليوم ذات الأسباب بل تفوقها بأضعاف كثيرة، فقد ارتفعت معدلات الفقر والبطالة بسبب تواصل الإذعان لوصفات صناديق النقد الدولية وتعاظم حجم المديونية لهذه الصناديق، وعلى صعيد الحريات نلاحظ ازدياد القبضة الأمنية للبلاد، وإقصاء الشعب عن المشاركة في اتخاذ القرار، لأنهُ وبكل أسف قد ركن استسلاماً لهذا الواقع الأليم بعد ان عجز عن التغيير وسلم نفسه طواعية لمخالب اليأس والإحباط.
وأخيراً، وحين نضع الأحداث في سياقها المكاني، لدور مدينة معان فيها باعتبارها نقطة الانطلاق الى بقية مدن المملكة فإن الأوضاع في المدينة لم تكن في مرحلة ما بعد (هبة نيسان) افضل مما هي عليه في السابق..حيث تولى المدينة قادة غير أكفاء، وحكومات محلية هشة وغير مؤهلة، وقد شاع الانفلات الأمني بكافة أشكاله، وتم إقصاء وتهميش المثقفين والمتعلمين، فأصبحت معان مسرحاً للجريمة ومرتعاً لعصابات مروجي المخدرات الذين أنهكوا ما تبقى من الجسد المنهك.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من مسافة صفر.. استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة -العمل الفدائي-


.. متظاهر يهتف -غزة- خلال توقيفه بنيويورك في أمريكا




.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب