الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة ليست نقدية في قصيدة للشاعر (يحيى السماوي)

حليم كريم السماوي

2009 / 5 / 4
الادب والفن



من المعتاد ان يخوض النقاد في تحليل قصائد كبار الشعراء

اما انا هنا اريد ان اغامر واتجرأ في ان اضع نفسي موضع الحب للشعر وليس لنقده باي مدرسة من مدارس النقد

اريد ان اعبر عن امكانية القارئ العادي للوقوف امام قصائد الشعراء الذي يحبهم او يحب قصائدهم وماهي الافكار الذي ترتسم له حين يقرأ



في ديوان اهدانيه الشاعر الكبير الاخ يحيى السماوي

الموسوم بعنوان( شاهدة ُ قبر ٍمن رخام ِ الكلمات ِ)

في اهدائه كتب الشاعر ((هوليس أفضل كتبي لكنها اقسى لحظات الكتابة)) وفي الاهداء للديوان كتب الى روح الطيبة امي وقد غفت اغفاءتها الاخيرة قبل ان اقول لها تصبحين على جنة...

استفزني الاهداء لانه قبل ان يصلني الديوان كنت قد نشرت قصيدة لي بعنوان(( اوعديني ))مهداة الى روح امي



وكان الاخ يحيى لم يعلم بعد امي قد رحلت

احسست لا اعرف لماذا انه اراد ان يعزيني

وحين قرات اول القصيدة يقول الشاعر



لي َالان سببٌ آخر

يمنعني من خيانة ِوطني :

لحاف ٌسميك ٌمن ترابه

تدثــَّرتْ به ِأمي..

ووسادة ُمن حجارته

في سرير قبرها !

اراد الشاعر ان يدخل مدخل غير عادي في الرثاء

قديما كان الشعراء يبدئون قصائدهم بالغزل ثم يسترسلوا في غاية القصيدة

ولكن في هذه المرة الشاعر دخل مدخل جميل لايريد فية سوى ان يوثق لشئ آمن به

هو الرباط الوثيق بين المواطن والوطن الذي جعله يرتبط بامه كمتلازمة لايوجد بينهما تقاطع ....

كثير ماعانى الشاعر من الالم لانه كان يحب وطنه وكان يحب الناس في ذلك الوطن . حيث مرت على الشاعر ايام صعبة جعلته يكفر بالوطن احيانا كونه سُرقَ من حفنةٍ من عتاة الناس عصابة قذرة تحكمت بمصير الناس حتى جعلوا من وطنيته سبة وبالتالي فان الوطن حين ذاك اصبح قبر للاحياء



وحده ُ فاس ُ الموت

يقتلع ُالاشجارَمن جذورها

بضربة ٍ واحدة ..



لكن الشاعر قد اقتلع من جذوره (وطنه ) دون ان ينال منه فاس الموت

لذلك قلتُ انه كان يعيش الموت في وطن ٍ هو حي فيه



لا اعرف ان كان الشاعر الكبير قد مر على واحد ٍمن الامثال العالمية المعروف الذي يقول



يظل الرجل طفلاً حتى تموت أمه، فإذا ماتت شاخ فجأة:
A man will continue acting like a child until his mother s death, then he will age in a sudden

ولا اشك في ذلك لان الشاعر يملك موسوعة معرفية كبيره من الادب العربي والعالمي بحكم دراسته



هذا المثل الذي تجسد في حياة الشاعر فيما

كان يعاني منه بعد ان فقد امه



قبل فراقها كنت ُحياً

محكوما ً بالموت ِ

بعد فراقها :

صرت ميتا ً

محكوما ً بالحياة ِ



وفي المقاطع الاخرى تشعر ان هذا الشاعر بدأ بمراجعته الى كل ما مر من حياته ويحاكمها تارة ويحكم عليها تارة اخرى

وبين حين واخر يرجع يتذكر ان سر ارتباطه بالوطن هو ما تعلمه من امه

وهكذا الكثير من ابناء العراق رضعوا حب الوطن من حليب الامهات

في غربته واثناء اقامة مراسيم العزاء يريد ان يثبت هذا الشاعر ارتباطه الوثيق بالوطن مرة اخرى

ويصف مجلس العزاء الذي اقامه في ‘‘أديليد ‘‘المدينة التي يسكنها في استراليا



قماش اسود

آيات قرآنية ٌللجدران

قهوةٌ عربية ..

دِلالٌ وفناجين..

بخورٌوماءُ الورد



هذا ما اراد ان يؤكده في غربتة ذلك الالتساق المتين لكل شئ يربطه بوطنه الذي تركه مجبرا

ويبقى يسترسل ذاك الاسترسال العذب ويرافقة الالم والعتب والتذمر

مرة يكتب عن مزايا امه واهله ومرة يكتب عن الوطن



من منكم لا ينزلق ُمتدحرجاً

حين تعثرُقدماه بورقة ٍ

او بقطرة ِماء

اذا كان

يحمل الوطنَ على ظهره..

على رأسه

تابوت ُامه ؟

لم يبارح هذا التلازم الموجع بين امه والوطن طوال مقاطع القصيدة

وفي المقاطع الاخرى ينعى نفسه احيانا كثيره

في المقطع 15 يطلب من اصدقاءه ان يبعثوا له عنواينهم كي يقدم لهم الاعتذار

ومقطع يصف فيه الاضطراب في وطنه من مفخخات السفلة واجسامهم العفنة الذي ذهبت الى الجحيم

حتى يصل فينا في استذكاره لحياته مع امه ومع طبيعة الحياة التي عاشها في كنف عائلته امه وابوه واخوته

وماتحفظ ذاكرته من جزئيات تحمل كل تفاصيل الوطن بكل تضاريسه

وبالتالي لا يشعر ان هناك شئ سيفقده بعد امه حتى نور الابصار



في المقطع 32يقول



ايها العمى

لن اخافَك بعد اليوم

عيناي اصبحتا

فائضتين عن الحاجة..



لا اعرف كيف استطاع ان يتخلى عن كل شئ وهل بمقدور الانسان التذوق بطعم الحياة بدون عيونه

واخيراً

لا اعرف لماذا اختار الشاعر لقصيدته 41مقطع

ختمها



مذ رحلت امي

وانا

جثة ٌ

تمشي على قدمين

في مقبرة ٍ

اسمها الحياة !



هل لان هذا الرقم يمثل للشاعر انه بعد الاربعين بلغ النضج كما يعتقد الكثيرون ام انه يريد بالرقم انه شاخ بعد الاربعين وبعد فقد الام في هذا العمر





شاخ ذاك الطفل العابث....وحينها عرفت لماذ قال لي في اهدائه هذه اقسى لحظات الكتابة



مررت على هذه القصيدة لا لكي اكتب تحليلا ولا نقدا ولكن لكي اسلط الضوء على متلازمة الوطن والام عند الشاعر

تسير بخط لا يتقاطع

وهوفي غربتة الان يكتب للوطن اكثر من أي شئ لانه فقد الام وماعادت تسمعه عسى ان يكون الوطن هو من يعيش لاجله الى لحظة اللقاء وبعدها لاشئ





ملاحظة / لم امر يوما على قصيدة واقول فيها رائ كل ما في الامر اني احيانا استمتع بنغم الايقاع واتذوق معاني التعابير والمشاعر الانسانية فيها

اما اليوم فليعذرني النقاد والشعراء اني تجرأت وتناولت قامة شعرية مثل الشاعر يحيى السماوي

اما الشاعر فهو قريب مني واستطيع ان اجد لنفسي عنده العذر
حليم كريم السماوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟