الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلحفاة .. يا طويل العمر

أحمد هيبي

2009 / 5 / 7
الطب , والعلوم


ا قررتُ أن أكتب عن السلحفاة، كانت تراودني رغبةً في التطلّع الى الجانب الهادئ المُسالِم اللامُتغيِّر من الحياة. وكأني وجدت في السلحفاة غايتي، فهذا حيوان لطيف وديع مؤدب غاية التأدب، خجول، مُسالم وغير مؤذ، يأكل إذا تركته يأكل، ويسير إذا سمحت له بالسّير. فإذا لم يعجبك أكله أو سيره، وأحسّ هو بذلك، بادر الى إخفاء رأسه وقوائمه داخل بيته الذي يحمله فوق ظهره، كأنما يعتذر لك عمّا بدر منه من سلوك. وهذا لعمري أكثر ما يغيظ. اذ تقابل غلاظتك بهذا الكم من الصمت واللامبالاة.
وعندما عدت الى المراجع المتوفرة عن السّلاحف، وجدتهم يشيدون بطول عمر هذا الحيوان. ً. فعلى الرغم من أن السلاحف قد عاصرت الديناصورات التي ذاع صيتها، بل ربما سبقتها في الظهور على مسرح التاريخ، إلا أنّ الديناصورات قد انقرضت ، وبقيت السلاحف، بدون تغيير كبير. فهل كانت دماثة الخلق، والأناة وصفة لإطالة العمر، ولمقاومة الانقراض؟ وهل للوداعة دخلٌ في الصحة البدنية؟ لقد أسّس داروين تفسيراً لنشوء الحياة على الأرض قائماً على صراع البقاء، فكيف نجح حيوان لا يغضب ولا يحقد ولا يلدغ ولا يثور، بل هو أبطأ الحيوانات سيراً، أن يدوم؟ على داروين أن يراجع نفسه!

خلفية تاريخية
السلاحف من أقدم الزواحف التي ظهرت فوق وجه الأرض، وإن كان لك صبرٌ على تقبُّل الأرقام العظيمة التي تفوق حدود التصور، فإليك هذا الرقم: أجداد السلاحف الأوّلين ظهروا قبل 250 مليون سنة. أما السلاحف بشكلها الحالي فقد ظهرت قبل حوالي 190 مليون سنة. ومن ذلك التاريخ المغرق في القدم يبدو أنها لم تغيّر صورتها إلاّ قليلاً.
وبالفعل فإن منظرها المضحك يَشي بماضيها العظيم. فرأسها يشبه رأس شيخ مُجعّد خال من الأسنان. ومن بين السلاحف البرية نوع من السلاحف العملاقة التي نراها في حدائق الحيوان، والتي يزيد حجمها عن حجم خروف، تذكّرنا بالحيوانات المنقرضة من قبل التاريخ. ومع ذلك فلا يغرّنك منظرها المهيب، فهي لا ترفص ولا تعضّ، رغم حجمها الكبير، إنها تأكل الحشيش كالخرفان.

سلاحف من كل نوع
وبالفعل فإن السلاحف أبعد ما تكون عن التجانس فيما يخصّ حجمها، فمنها العملاقة التي قد يصل طولها الى مترين وثلث المتر، والتي يبلغ وزنها أكثر من طن واحد (ألف كيلو غرام)، وخصوصاً تلك السلاحف التي تعيش في البحر, ومنها السلاحف التي لا يزيد وزنها عن كيلو غرام واحد، أو التي لا يزيد طولها حتى وهي عجوز بالغة عن 10 سنتيمترات. ولا تظن أنّ السلاحف البرية هي الحقيرة مقابل سلاحف البحر العملاقة. ففي البر تعيش سلاحف عظيمة القدّ يصل طولها الى حوالي متر ونصف، ووزنها الى ربع طن.
وعلى أية حال، فإذا شئت تصنيف السلاحف، فعليك تصنيفها ليس حسب حجمها، بل حسب المناطق التي تعيش فيها، فهناك سلاحف البر مقابل سلاحف البحر، وهناك سلاحف الأنهار التي تعيش في المياه العذبة والمستنقعات، وإن كانت جميعها تحبّ العيش في المناطق الحارة بين خطيّ عرض 40 شمال وجنوب خط الاستواء.
أما عن حجم السلاحف عامة، فاسمع ما يقول الدميري في كتابه الممتع، "حياة الحيوان الكبرى" عن السلاحف البحرية والبرية:" ويعظم الصنفان إلى أن يصير كلّ واحد منهما حمل جمل".

البيت الحصين
يقول المثل الانجليزي حصن الانجليزي بيته. وهو مثل ينطبق تمام الانطباق على السلحفاة. فبيتها العظيم المؤلف من درع واق بشكل قبة, هو العلامة الفارقة لها. إن بطن السلحفاة أيضاً وليس فقط ظهرها مُسلَّح بأرضية صلبة. (وهذا يُذكِّرنا بسيارات الفولس فايجن القديمة ألمسماه خنافس، والتي زوّدها الألمان بدرع واق من الحديد من الأسفل يقيها من صدمات الشوارع).
ولكن هذين الدّرعين المُسلّحين في السلحفاة، على ظهرها وعلى بطنها موصولان أيضاً، حتى يشكلان بيتاً فيه منفذان، واحد للرأس واليدين من الأمام، والآخر للذنب والرجلين من الخلف. نعم، إنّ السلحفاة تملك ذنباً وسنرى لاحفاً – ربما- إن كانت ثمة فائدة في ذلك.
ولكن هذا الدرع – البيت، ليس منفصلاً عن جسم السلحفاة، كما هو ا لحال في بيت الحلزون مثلاً، بل هو متحور أساساً من هيكلها العظمي. وكنا صغاراً نضرب السلحفاة التي نمسك بها في صخرة، بعد أن تكون قد دخلت في نفسها، لنرى إن كنا نستطيع كسر هذا الحصن الحصين، أو لنحمِلها على إخراج رأسها، فلا ننجح في ذلك مهما حاولنا، ولا نضرّ الدرع العظمي إلاّ قليلاً. وكم كنا نقلّب هذه السلاحف على ظهرها, لنعرف إن كانت تستطيع العودة الى وضعها الطبيعي، أو إن كانت ستخرج رجليها، كما تفعل أصغر الصراصير، فلا نصيب نجاحاً أيضاً.
ويسمّي الدميري في كتابه هذا الدرع ترساً، ويذكر ما قال الشاعر في وصف السلحفاة أو ذمّها:
لحا الله ذات فم أخرس
تُطيل من السَّعي وسواسها
تكبّ على ظهرها ترسها
وتُظهِر من جلدها رأسها
إذا الحذر أفلق أحشاءها
وضيّق بالخوف أنفاسها
تضمّ إلى نحرها كفّها
وتُدخل في جلدها رأسها!
ولكن قـُبة البيت – الظهر ليست قبيحة بالمرة. بل هي منقوشة بدوائر جميلة مُلوّنة بالبني والأخضر، متجاورة كقطع من الفسيفساء. ويرى علماء الحيوان أنه من خلال إحصائهم لهذه الحلقات على ظهر السلحفاة, يستطيعون حساب عمرها، ولله في خلقه شؤون.

السلحفاة في اللغة
ويذكر الدميري السلحفاة بفتح اللام وليس بتسكينها، كما تعوّدنا في لغتنا الدّارجة. وينفع أن يقال أيضاً السلحفا بدون هاء، أو السلحفاء أيضاً أو حتى – إمعاناً في الإغراب – السلحفية. ويذكر أيضاً أن ذكر السلحفاة يسمى غيلماً.
وفي لغتنا اليومية نسمى السلحفاة "القرقعة"، وهو الاسم الذي أطلقناه على السيارات الألمانية التي سبق ذكرها. والسلحفاة حين تسكن البحر تصير لجأة وجمعها لجآت، ولكن الناس لا يعرفون.

الحياة الجنسية للسلاحف
كنت ربما تتوقع أن تعيش السلاحف حياتها الجنسية في العتمة داخل المغائر. وربما كنت تتوقع أن تفرّخ سلاحف صغيرة، تخرج الى النور لترعى في الحقل بمعية أمهاتها. ولكنك مخطئ في ذلك. فالسلاحف تضع بيضاً فقط، حتى لو كانت بحجم ثور كبير. وهي لا ترقد على بيضها، ولا تعيره عظيم اهتمام بعد وضعه، وربما نسيت موضعه أيضا. كل ما هنالك أنها تهيل عليه قليلاً من التراب بعد أن تضعه في حفرة، أو تُفرز فوقه مادة ملينة من مؤخرتها، ثم تتركه ولا تعاوده أبداً.
وللدميري رأي مُوفَّق في ذلك. فهو يقول أولاً أن ا لسلحفاة لا تجلس على بيضها رحمةً به ومخافة تكسيره بسبب درعها الصلب القائم أسفل بطنها . ثم إنه يقول إنّ السلحفاة تجعل بيضها بفقس بأن تداوم النظر اليه، بدل الجلوس فوقه – وهو قول بحاجة الى دليل كما يبدو. وهذا هو كلام الدميري نفسه: " وهي إذا باضت صرفت همّها الى بيضها، بالنظر اليه، ولا تزال كذلك حتى يخلق الله تعالى الولد منها، إذ ليس لها أن تحتضنه حتى يكمل بحرارتها، لأن أسفلها صلب، لا حرارة فيه".
ويقول الدميري أنّ لذكر السلحفاة عضوان تناسليان بدل واحد. (وهي هبة تتمتع بها الأفاعي كذلك) كذلك للأنثى – حسب الدميري- فرجان أيضاً. والذّكر يُطيل المكوث فوق الأنثى في العملية الجنسية، وهذا لعمري أمرٌ تفرح له الإناث جميعاً.
ويذكر الدميري عجيبة أخرى من عجائب الحياة الجنسية لهذا الحيوان. فإذا رفضت الأنثى منه الذكر، ذهب هذا وأحضر عشبة غريبة يحملها في فمه ويقدّمها لها فتقبل به طائعة صاغرة. وليتنا نحن معشر الرجال نعرف اين نجد هذه العشبة السحرية.
أما الحقيقة (التي لا يعرفها الدميري) فهي أن السائل المنوي الذي يقذفه الذكر في رحم الأنثى, قد لا يُستعمل مباشرة في تلقيح البيوض. بل تحتفظ به الأنثى ويظل نافعاً للاستعمال لمدة طويلة قد تبلغ 4 سنوات. وفي هذه لفترة تستطيع الأنثى أن تضع بيوضاً مخصّبة دون أن تحتاج الى ذكر. ومعنى ذلك أن السلاحف تعرف التلقيح الاصطناعي قبل الإنسان بآلاف وربما ملايين السنين.

الولادة في عالم وحشي
والسلاحف البحرية أكثر خصباً من السلاحف البرية. فالبرية مـُقصّرة من هذه الناحية. فهي لا تضع أكثر من 5-6 بيضات ولمرّة واحدة في السنة. بينما السلاحف البحرية تضع بيوضاً مرتين الى ثلاث مرات في السنة، وما يقارب الـ 200 بيضة في المرة الواحدة.
وتخرج السلاحف الصغيرة من بيوضها بعد شهرين او ثلاثة أشهر، وبقواها الذاتية، وآية ذلك أن فرخ السلحفاة الصغير المتكوِّن داخل البيضة يملك سناً خاصاً ينقر به البيضة من الداخل. وهذه السن تسقط بعد أن تتم مهمتها.
ولكن معظم السلاحف الصغيرة التي تخرج الى النور تصطدم بعالم وحشي مُرعب. فمعظمها يلقى مصيراً مظلماً إذ يصبح طعماً سهلاً للضواري من الحيوانات المفترسة. ولك أن ترى صغار السلاحف البحرية مثلاً، وهي تعود أدراجها الى البحر بعد ولادتها البرية, مُحاذرة أن تلقى ذاك المصير.
ثم إني قرأت عجيبة أخرى في موضوع جنس السلاحف الصغيرة المتولدة. فهي تولد ذكوراً إن كانت حرارة المكان الذي يضمّ بيوضها عالية، وإناثاً في إقليم أقل حرارة.

غذاء السلاحف
السلحفاة حيوان نباتي في الأساس. ولكن هناك شواذ عن القاعدة. فالسلاحف النهرية تأكل الأعشاب ولا تمرُّ مرَّ الكرام على هلاميات البحر، أو فقارياته، أو حتى جثث الحيوانات الميتة، التي تقضم منها، وهي تمسكها برجليها الأماميتين، قضمات صغيرة متسارعة.
ولا تملك السلاحف الأسنان. وها لك دليلاً جديداً على زُهد هذا الحيوان، أو وداعته. وبدل الأسنان يتغطى فكاها بطبقة قرنية صلبة تساعدها في هضم طعامها.
وإذا شئنا التصنيف، قلنا أنّ السلاحف البرية هي النباتية عموماً، بينما سلاحف النهر وسلاحف البحر فتضُم الى قائمة طعامها لحم الأحياء.
ويقول الدميري ان السلاحف البرية تحبّ أن تأكل الأفاعي. وهي بعد ان تنهي وجبة شهية من لحم الحيات تلتهم شيئاً من الزعتر. بل أن السلحفاة برأيه تستطيع قتل الحية وهي تستعمل في ذلك حيلة أصلية : "وربما تقبض السلحفاة على ذنب الحية، فتقطع رأسها وتمضغ ذنبها، بينما الحية تضرب نفسها على ظهر السلحفاة وعلى الأرض حتى تموت (الحية).
وتحب السلاحف الماء. وهي حقيقة لا مراء فيها. ولا نستثني من ذلك السلاحف البرية، التي وعلى الرغم من أن حاجتها لماء الشرب تستوفيه من الأعشاب التي تأكلها, إلاّ أنها تشرب المياه شرباً إذا وُجِدَ كما تفعل القطط مع اللبن. بل هي جاهزة أن تجلس في المياه ساعات طويلة لو سنحت لها الفرصة.
ويذكر الدميري ان السلاحف تصطاد في الماء. وهي تختار من المياه مكاناً معتكراً من ماء النهر مثلاً: "فتصيد فيها ما يكون لها قوتاً، وتدخل به الماء ليموت فتأكله".

منافع السلاحف
لا أمل أن يستطيع الإنسان ركوب السلاحف، حتى الكبيرة منها بحجم الحمار. فهي بطيئة موصوفة بالبطء، والإنسان عجول موصوف بالعجلة. ما رأيكم إذن بوجبة من الطعام مؤلفة من لحم السلاحف، أو بشوربة سلاحف لا يأكلها الا الموسرون؟
لا تستغربوا، فإن لحوم السلاحف البحرية تشكّل مصدراً للغذاء في كثير من البلدان. بل ولا يتنازل الناس في بعض الجزر عن بيوض السلاحف البحرية ، فتراهم يجمعونها ويتجرون بها طعاماً مطلوباً.
أما العرب القدماء فقد اختلفوا في هذه المسألة، وجعلوها مسألة فقهية كغيرها من المسائل. فمن الفقهاء من أحلَّ أكل السلحفاة، ومنهم من حرّمه. ويذكر الدميري قول ابن حزم أنّ السلاحف البرية والبحرية حلال، كذلك حلال أكل بيضها.
أما في العصر الحديث فيأكلون بيوض السلاحف وخصوصاً السلاحف البحرية منها, دون الرجوع الى أي فقه وإلى أي كتاب. وفي ماليزيا مثلاً، تضع الحكومة يدها على الاتجار ببيوض السلاحف وتسويقها، وذلك منعاً لإبادة جماعية لهذه الحيوانات لو تركت الأمر للناس.
وثمة استعمال آخر للسلاحف في حياة الناس. فدروع السلاحف الصلبة تُستعمل في صناعة رائجة لأنواع خاصة من الأمشاط وأدوات الزينة. وقد عَرَف العرب قديماً هذه الصناعة، ويقول الدميري عن ذلك :" كان للنبي محمد (ص) مشط من العاج الذبل، والذبل يتخَّذ من ظهر السلحفاة البحرية، ومنه تصنع الأمشاط والأساور".
ويجد كثير من الناس وخصوصاً الأوروبيين متعة كبيرة في اقتناء السلاحف في البيوت. فهي حيوانات غير مؤذية ونظيفة، كما أنها تأكل من يد صاحبها إذا ألِفتهُ ودون أن تخشاه. أما صفاتها من الحذر والخشية، وخصوصاً ما تتمتع به من حاسة سمع قوية، فهي موضع نظر وتأمل للصغار والكبار.
وذكر العرب فوائد طبية للسلاحف. وقد ذكر القزويني مثلاً في كتابه "عجائب المخلوقات" أن أي عضو في الانسان يتألم، إذا عُلِّق عليه نظيره من السلحفاة فإن الألم يسكن. كذلك إذا اشتد البرد في مكان، فإنّ علاج ذلك أن تؤخذ سلحفاة وتقلب على ظهرها، بحيث تبقى قوائمها مرفوعة، فإن البرد يخف من ذلك المكان.
وقد لا تصدّق أن دم السلاحف يفيد في وجع المفاصل. كذلك إذا داوم المرء على التمسُّح بدمها نفعته في حالات التشنج.
وطرف ذيل السلحفاة، إذا أُخِذَ وقت هيجانها الجنسي، فإنه يفيد في إثارة الشهوة الجنسية لمن عُلِّق عليه هذا الذيل. أما الأمشاط التي تُصنع من عظامها فإنها تـُذهِب الصبان (السيبان ) من الرأس.
ويذكر القزويني أيضاً، لمن أراد ان يستفيد استفادة كاملة من السلاحف، أن بيضها نافع لسًعال الصبيان، ونافع في حالات الصرع. وان السلحفاة البرية الكبيرة إذا أُزيلت أحشاؤها وجُعِلَ الصبر في جوفها وعُلِّقت على المصروع فإن صرعه يزول.

السلحفاة في المنام
وإذا تابعنا خط التفكيرهذا على طرافته، في كُتب القدماء، وجدنا أن السلحفاة إذا شوهدت في المنام (المقصود في الحلم)، فإنها ترمز الى امرأة تتزين وتتعطر وتعرض نفسها على الرجال. وقيل أيضاً أن السلحفاة رجل عالِم. فمن رأى سلحفاة تكرِّم في مكان فإن العلماء يكرَّمون هناك. ولا شك أن أحلاماً كهذه لا يستطيع أن يحملها إلا عُلماء مؤلفون يبحثون عن أرزاقهم، كالدميري وأحمد هيبي وأمثالهم.
ويذكر الدميري أنه من رأى نفسه يأكل لحم سلحفاة في الحلم، فإنه يستفيد علماً، ويذكر أيضاً أن النصارى يقولون إنَّ الحالم بالسلحفاة إنما يصيب مالاً.

سلحفاة أخيل
يتذكر الناس من السلحفاة بطأها. وفي الموروث الشعبي تكون السلاحف رمز البطء. وبما أن أكثر فان العرب تقول "أبلد من سلحفاة".
وفي قصص الأطفال تتقدم السلحفاة البطيئة، ولكن المواظبة، على الأرنب السريع الكسول في مسابقة للجري بينهما، وذلك عندما استهان الأرنب بالسلحفاة, فقعد موطداً نفسه على بز السلحفاة في المرحلة الأخيرة.
ولكن في متناقضة زينون الايلي والتي يدلّل فيها الفيلسوف اليوناني على وهمية الحركة، تستطيع السلحفاة ان تظل متقدمة على أخيل البطل اليوناني، ليس بسبب كسل أخيل، ولكن بسبب العراقيل المنطقية التي توضع في طريقه. خصوصاً وأن السباق يجري بشرط أن تتقدم السلحفاة عند نقطة الانطلاق على البطل مسافة ما. فلكي يسبق أخيل السلحفاة ينبغي له أن يقطع أولاً هذه المسافة الفاصلة بينه وبين غريمته التي تتقدمه. ولكن ما أن يقطع المسافة بكل الحماس المطلوب، حتى تكون السلحفاة قد قطعت مسافة صغيرة أخرى، ينبغي للبطل أن يقطعها هو الآخر، ولكنه ما أن يفعل ذلك حتى تجدها قد سارت مسافة ثالثة. وهكذا، لا يسبق أخيل السلحفاة أبداً.
أما سلاحف البحر فهي ليست بهذا البطء الذي صار مضرباً للأمثال أو مصدراً للتهكم، إذ تبلغ سرعة هذه السلاحف في البحر أكثر من 30 كيلومتراً في الساعة. وهي سرعة تقارب السرعة العادية لدراجة هوائية. إن قوائم السلحفاة تصبح في السلاحف البحرية زعانف ومجاديف قوية للسباحة.
وعلى ذكر السلاحف البحرية، فإن هذه السلاحف تحمل مواطنة بحرية كاملة، وهي ليست دخيلة على البحر. وكل ما يربطها بالبر هو وضعها البيوض هناك.
والسلاحف موصوفة بطول العمر. وفي المتحف البريطاني سلحفاة بحرية مُحنَّطة يقال أنها عاشت 150 عاماً.
ولكن السلاحف الصغيرة لا تصل أعمارها الى هذا الحد، فهي لا تعيش أكثر من 60-50 سنةـ وهو ما يجعلها أطول الحيوانات عُمراً. فهل تنتبهون منذ الآن لهذه الحقيقة، وتحاولون تطويل أعماركم عن طريق كبح جماح نفوسكم؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | فرنسا تحتجز الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة | 202


.. برنامج الغذاء العالمي: شمال غزة يعاني من -مجاعة شاملة-




.. برنامج الغذاء العالمي: الاشتباكات في الفاشر تعيق قوافل المسا


.. الأمراض الوبائية وسوء التغذية تشكل مصدر قلق صحي كبير لأطفال




.. مناصرو إسرائيل يحتشدون بمحيط الاعتصام المناهض لحرب غزة في مع