الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا المشهد جدير بالتأمل والدراسة ... !!!

رفعت نافع الكناني

2009 / 5 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


العراق ، بل متعدد الأعراق والثقافات والديانات ، وتلك هي خصوصيتة وسمتة الواضحة منذ الأزل . وكانت هذة الميزة مصدر التلاقي والتفاعل بين مكوناتة تلك ، فالتنوع الديني والمذهبي والقومي هو صفة مرادفة للتسامح والتعايش بين العراقيين ، وبسبب هذا التاريخ الطويل من العيش والألفة ، ايقن الجميع بأن وحدتة وأستقرارة لا يمكن ان تتم وتتوطد من دون اقرار واحترام تلك الحقوق والخصوصيات . والقاء نظرة فاحصة على ثقافة وفلسفة تلك المكونات ، نجدها جميعا وبدون أستثناء ، تدعوا الى ثقافة المحبة والتسامح والسلام .

لكن، هناك تطورات خطيرة ظهرت بقوة على مسرح الاحداث في العراق ، افرزتها الاوضاع التي تلت سقوط النظام السابق في 9 نيسان 2003. وتمثلت هذة التطورات ، ارتفاع اصوات تريد ان تؤسس لثقافة تجاهل وغمط حقوق الأقليات ، ومحاولة انكار صفة التنوع في المجتمع العراقي . وتجسدت هذة الثقافة الغريبة ، باتخاذ اساليب القوة المسلحة واساليب البطش الجائرة ضد مكونات الشعب، من الاخوة المسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين وبعض الاطياف الاخرى ، في محاولة لطمس هويتهم وخصوصيتهم ، والضغط بمختلف أساليب التهديد والترهيب ، لتهجيرهم من مناطق تواجدهم الى مناطق اخرى داخل وخارج البلاد .

ربما يسأل سائل ، هل يمكن اعتبار أضطهاد الأقليات في العراق ميزة يتميز بها الفرد العراقي ضد المكُون الأصغر ام أنها تشكل ظاهرة طارئة ؟ قبل الجواب على هذا السؤال ... نريد ان نؤكد على ان العراقيين قد عرفوا روح التسامح والتعايش السلمي فيما بينهم منذ القدم ، بالرغم من عدم وجود دساتير وتشريعات تنظم هذة العلاقة . وقد بينت الاحداث والشواهد في تاريخ هذا البلد ، وأعطت الدليل على ان العراق بلد الانسجام والوحدة ، عندما تكون الحياة السياسية والاقتصادية هادئة ومستقرة، والناس تعرف حقوقهم وواجباتهم، يسود العدل والمساواة بينهم . ويؤكد الفيلسوف الالماني ايمانويل في هذا السياق( اذا اختفى العدل من الارض لم يعد لوجود الانسان قيمة ) . من هذا يتضح ان الخوف والحرية لا يلتقيان ابدا ، والحرية تعني حماية الحقوق وليس انتهاكها. اذن فلسفة الأمان والحرية الشخصية يجب ان تكفلها الدولة بصورة فعلية ، وليست جمل مكتوبة على صفحات الدستور تضعها مجموعة من الساسة والمشرعين .

المشكلة لا يمكننا انكارها ، والتستر عليها ، اوالتقليل من خطورتها ، وانما يجب بيان الاسباب والدوافع الخاصة لأاستفحال هذة الظاهرة الخطرة وانتشارها ، وما سببتة من قتل وتسليب وتهجير لأعداد كبيرة من مكونات هذا الشعب . ويمكننا ان نسلط الضوء على عدد من الاسباب والدوافع التي اوجدت هذة الثقافة الغريبة ، وشجعت البعض على انتهاج هذة الاعمال البربرية بحق اغلب اطياف الشعب العراقي .

* رواج الافكار والتيارات القومية المتطرفة على الساحة العراقية وخاصة بعد شباط 1963. وما اشاعتة
الاحزاب ذات الفكر الشمولي من عزل وتهميش للاقليات عن مسيرة النمو والمشاركة الحقيقية في اخذ
مواقعها دون تمييز . وابراز دور القبيلة والعشيرة والعائلة على بقية الاطراف المكونة للشعب العراقي.

* بروز الحركات الدينية المتشددة ، والتي اتخذت اشكالا عديدة ، منها القتل والتهجير واجبار الاخر على ترك
آراءة ومعتقداتة الدينية، والعمل على بث الفرقة بين الطوائف وبدعم من اطراف داخلية وخارجية ، تعمل ليل
نهار لعزل المكونات الاخرى دينية او قومية عن مسيرة البناء والمشاركة ، وأنكار وجودها والعمل على ما
يؤسس لمحو ثقافتها وهويتها .

* نتيجة الانهيار السريع وغير المتوقع لمنظومة الحكم ومؤسساتة العسكرية والامنية في 3 نيسان 2003 وما
تلاها من قرارات غير مدروسة ، من قبل قيادة الحاكم بول بريمر لأدارة العراق ، حدث فراغ امني خطير
نعاني من نتائجة الخطيرة والمؤلمة ، وكانت سببا رئيسيا لانتشار الفوضى في عموم العراق ، وأستباحة الدم
العراقي ، وما اعقب تلك المرحلة من سيطرة العصابات التكفيرية وعصابات الجريمة المنظمة على الشارع
العراقي .

* دوٌر الاعلام المعادي ، من مراكز بحوث وقنوات فضائية ومؤسسات اعلامية وبيوتات مالية لنشر ثقافة
الفرقة بين العراقيين ، وتاجيج الفتنة الطائفية المقيتة ، ودعم التنظيمات المسلحة وارسال الأرهابيين لغرض
وأد التجربة العراقية الفتية ، بأمل اعادة الدكتاتورية وثقافة الحزب الواحد ، وكانت الفترة الماضية من احلك
الفترات ، وكنا نرى في مرأتها فصولا مأساوية وهمجية لم يشهدة التاريخ من قبل .

الحقيقة ، ان لهذا الموضوع جوانب عديدة، نرتأي ان نسلط الضوء على جانب مهم منها ، ألا وهو الجانب الاجتماعي ، حيث ان الواجب يتطلب ان نستعرض مشهد حقيقي كان سائدا في نهاية الستينات من القرن الماضي وكان مسرحة اروقة جامعة البصرة ، وهيئة القانون والاقتصاد تحديدا، حيث الألفة والتعايش السلمي والقبول بالاخر من سمات تلك الفترة . فاأصدقائنا الطلبة ، لا نزال نحمل لهم الود بالرغم من تلك السنين الماضية، ومنهم على سبيل المثال ، سامي متي بولص وأمجد ناظم سمعان والموسيقار داود من اخواننا المسيحيين ، وتيلدة من الطائفة اليهودية وثناء عبد الجبار من الطائفة المندائية وعالية حسين من الطائفة البهائية ، وغيرهم كثيرون لا تسعفنا الذاكرة من اتيان أسماءهم وذكرهم الطيب . هذا المشهد جدير بالتأمل والدراسة، لأنة يقدم صورة واضحة وجلية عن اخلاق وصفات المجتمع العراقي . وختاما قال الفيلسوف الايرلندي ادموند بييرل ما نصة ( لكي نحب الوطن ، يجب ان يكون في الوطن ما يدفعنا لحبة ) . !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في