الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مملكة البعوض

علي فاهم

2009 / 5 / 4
كتابات ساخرة


مع أول أرتفاع لدرجات الحرارة المنذرة بدخولنا موسم المصائب ، أستيقضت معها جيوش البعوض لتشن حرباً ضروس على جلود العراقيين و لتمتص دمائهم التي لم يشبع منها كل مصاصي الدماء العراقية على مختلف ألوانهم و أحزابهم و لافتاتهم ،
تنفست أسراب البعوض أنفاس ضحاياها ، وغادرت مقراتها في البرك الراكدة التي خلفتها مشاريع المجاري المتوقفة ، أو المزارع الصناعية للبعوض في مسطحات الماء التي ملئت الشوارع المنسية , والتي لم تمر بها السيارات المظللة المسرعة التي تزعق بأصواتٍ أقبحُ من أصوات الحمير ،
فأختارت جيوش (مملكة البك ) أجساد متعبة من الكد و العمل طوال النهار مترهلة بالهموم من فئة الأجر اليومي القابعة تحت خط الفقر ، والتي ألتهمت الأفرشة لتنال قسطاً من الراحة عسى أن تنال قسطاً من التعب في اليوم التالي ،
يبدأ الهجوم بعد أختيار الضحية من قبل حشرات الاستطلاع التي تعرف بذلك الطنين المزعج ثم بعد سكون يسبق العاصفة ، تبدأ مرحلة الحك و الهرش و البرش حتى ليكاد الرجل ينزع جلده على أثر اللسعات الحادة من قبل هذا الكائن الضئيل في حجمه الكبير في أذاه ، الماكر في حيله ، و التي لا يحتمل لسعاتها أقوى الرجال ناهيك عن الاطفال ، ليغادر النوم الجفون و لا حيلة لك في الامر الا الاستسلام ليبقى الامل في أن تشبع مصاصات الدماء بعد أن تمتلئ بطونها بالسائل الاحمر ، و تشعر بالتخمة ، فتذهب لتضع البيوض و تترك هولاء الناس بسلام ، يكملون ما بدئوا به من أغفاءة .
و عندما تكون المصيبة مركبة و متعددة تهون عليك ألامها ، لليأس من حلها، فلما تجتمع عليك لسعات البعوض مع أنقطاع الكهرباء المزمن مع أحتمالية مرافقتها هموم البطالة و عصيان الحصة التموينية على الاكتمال و تداعيات الوضع الامني بعد الرجوع الى الغفلة و المشاكل الزوجية ، المرافقة للمشاكل السياسية بين الكتل المتنافسة مع البعوض على هذا الجسد السليب الذي لا يحلم الا بأغفاءة يتركه العالم ينالها بلا أزعاج ،
و أنا هنا لا أستبعد أن هناك أتفاقية أمنية قد عقدت في دهاليز المنطقة الخضراء ، بين الحكومة العراقية و مملكة البك ، بمباركة قوى الاحتلال الامريكي ، فالحكومة ملتزمة جانب الصمت المطبق أزاء هذه الاعتداءات السافرة على العراقيين و كأن شيئاً لا يعنيها ، و بالمقابل فأن الطرف الاخر الا و هو البعوض لا شأن له بهم ، فربما هناك هدنة غير معلنة في وسائل الاعلام بين الطرفين ، أما الطرف الثالث و هو المغلوب على أمره فعليه تحمل مسؤولية خدمة الحكومة و أعادة أنتخابها من جهة و تحمل مسؤولية تغذية أناث البعوض من جهة أخرى ، حتى تضع هذه الحرب أوزارها في نهاية الموسم ،
و لكن هناك من فسر لي الأمر من زاوية مغايرة لرؤيتي أدهشت مخيلتي و حيرة عقلي حيث قال أن سكان مملكة البك هم أناس شرفاء ، لا يمتصون الدماء التي أمتزجت بالحرام ، فهم لا يأكلون الدجاج البرازيلي حتى و إن كتب عليه حلال باللون الاخضر ، أو لفت عليه راية العباس ، لهذا فهم لا يقتربون من بيوت المسؤولين و لا شأن لهم بأبنائهم رغم ما يتمتعون به من دماء وفيرة و أجساد مترفة و جلود رقيقة لم تراها شمس الظهيرة ، و تقتصر لدغاتها على أجساد ولد الخايبة لأنها رغم قلتها و ضعفها و بساطة مكوناتها الا أنها بقيت نقية من الحرام و من سرقة أموال هذا الشعب ،
و حتى لا نكون منظرين فقط نملأ الفضائيات و الصحف بكلام فارغ كحال البعض الذين رأسُ مالهم لسانهم و الذين نافسوا الشعراء في قولهم مالا يفعلون ،
و كحل لهذه المشكلة العويصة أقترح على فقراء هذا الشعب أن يتبعوا الستراتيجية الوحيدة الناجحة و التي أثبتت كفائتها في مكافحة حشرة الدوباس (سرطان النخيل) التي كادت ان تقضي على عمتنا النخلة و لم تحرك الحكومة ساكناً ، فلما يأس الناس من حكومتهم توجهوا بقلوبهم الى خالق حشرة الدوباس و البعوض و خالقهم و طلبوا منه وحده مخلصين له الدين تخليصهم منها ،
فأرسل عليها حباة رمل من سجيل فجعلتها كعصف مأكول في عواصف ترابية لم يفهم حكمتها الجاهلون ، و أنتصرت عمتهم النخلة و بقي في العراق نخيل يراه أحفادنا ، فهل سيفهم العراقيون الدرس هذه المرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل