الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق شرق اوسطي في المتاهة الاميركية !!

جهاد الرنتيسي

2009 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يتيح اطار التحركات السياسية في المنطقة تسارع تجاذبات محاولات "خلط الاوراق " و " اعادة ترتيب الاولويات " مع تضارب مؤشرات الاهتمام الاميركي بالقضايا الشرق اوسطية .

ففي المشهد الاميركي " المطاط " هوامش تكفي لاستمرار مساعي الضغط على واشنطن في المدى المنظور .

ويزيد من اغراءات الضغط على الموقف الاميركي ، لاستمالته الى احد جانبي الصراع ، تحول البيت الابيض الى عنصر الحسم الاكثر حضورا ، وربما الوحيد في معادلة عملية السلام ، الخاضعة على الدوام لمتغيرات اقليمية ودولية ، يصعب اللحاق بها .

كما ينطوي غموض الموقف الاميركي ، ومؤشراته المتضاربة ، على رسائل ضمنية تفيد بان امكانية اقناع البيت الابيض باي من وجهتي النظر تبقى اكثر حضورا قبل ان تبلور ادارة الرئيس باراك اوباما ـ التي انهت المئة اليوم الاولى في البيت الابيض ـ سياسة خارجية واضحة المعالم .

يضاف الى هذه العوامل ايضا ادراك مختلف الاطراف لاهمية عامل الوقت في تحديد معالم النجاح والفشل.

فمن ناحيته يرى محور الاعتدال العربي ، الاكثر احساسا بخطورة عامل الزمن على خيار الدولتين ان تاخير الحل يبقي المجال مفتوحا على مصراعيه امام الاستيطان ، ومصادرة الاراضي ، وتهويد القدس .

وفي المقابل يحرص الجانب الاسرائيلي على استغلال الوقت الى اقصى الحدود لفرض واقع جديد على الارض .

جوهر السياسة التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية للاستفادة من عامل الوقت يقوم على خلط اكبر قدر ممكن من الاوراق ، واشغال المجتمع الدولي بها ، لتجميد اي جهد حقيقي لتحريك عملية السلام .

واللافت للنظر ان الجهد الاكبر من عملية الخلط التي يتبعها الجانب الاسرائيلي يدور حول تركيز الاضواء على خطر التسلح النووي الايراني ، مستفيدا من الادارة الايرانية لهذا الملف ، التي تقوم على التصعيد لتصدير ازمة الملالي الداخلية ، وتجيير شعارات العداء للغرب واسرائيل في صراع اجنحة النظام المقبل على انتخابات رئاسية .

فهناك حاجة تبادلية بين ايران واسرائيل لتسخين هذا الملف ، وان اختلفت الحدود التي يرغب كل من الطرفين في الوصول اليها ، حيث تطمح القيادة الاسرائيلية لمنع تضخم القدرات العسكرية الايرانية الى حد الحصول على سلاح نووي ، فيما يدلل تذبذب التصريحات الايرانية ، وطرق استخدام طهران لبؤر التوتر الاقليمية على ان سقف طموحاتها يصل الى الحصول على دور اقليمي معترف به كونيا، وربما تقاسم النفوذ في المنطقة مع اسرائيل .

وحين يجري الحديث حول آليات الصراع الاسرائيلي ـ الايراني تطفو على السطح سوريا التي اعتادت على لعب دور بيضة القبان في مختلف الصراعات والازمات التي تشهدها المنطقة .

الا ان الجانب الاسرائيلي يبدي حذرا كبيرا في التعاطي مع هذا الملف وهو يوغل في لعبة خلط الاوراق .

فقد وضع خطوطا عريضة للتحرك السلمي باتجاه دمشق تتمثل في الاعلان عن استعداده لمفاوضات غير مشروطة ، ويقترن هذا الاستعداد مع رفض لاعادة الجولان ، الامر الذي يعني اغلاق الباب فعليا امام دمشق المتمسكة بالعلاقة مع طهران وحماس وحزب الله .

غير ان السياسة السورية التي اعتادت مقايضة الحلفاء والاعداء بمصالحها ، وتخشى المضي في عملية سلام تؤدي الى تسوية حقيقية ، تحرص على ابقاء الباب مفتوحا امام التفاوض المباشر وغير المباشر مع الجانب الاسرائيلي .

والواضح ان مواربة دمشق لباب التفاوض مع اسرائيل تهدف بالدرجة الاولى للابقاء على قنوات الاتصال المفتوحة مع الولايات المتحدة وضمان البقاء خارج اطواق العزلة الدولية .

اضافة الى الدفع باتجاه التصعيد ضد طهران ، وشيطنة دمشق ، تأخذ لعبة خلط الاوراق التي تتقنها الحكومة الاسرائيلية اشكالا اخرى حين توضع حجج التهرب من استحقاقات المسار التفاوضي الفلسطيني على المحك .

فقد تجاوز الجانب الاسرائيلي ذريعة رفض خيار الدولتين ـ الذي اعلنت الادارة الاميركية تمسكها به ـ بذرائع اخرى قد تكون اكثر قبولا لدى المجتماع الدولي في المرحلة المقبلة .

وتطمح حكومة نتنياهو من خلال التجاوز الذي تمثل بالحديث عن صياغة رؤية سلام اسرائيلية ، تضع خيار الدولتين بعين الاعتبار ، للالتفاف على اية ضغوطات اميركية محتملة ، والدخول في مفاوضات تمتد الى ما لا نهاية ، اسلحتها خلل التمثيل الفلسطيني الناجم عن حالة الانقسام بين رام الله وغزة ، والضغط للاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة ، الامر الذي رفضه الرئيس محمود عباس جملة وتفصيلا .

في مقابل هذا الخلط يخوض محور الاعتدال العربي ممثلا بالاردن والسعودية ومصر حربا دبلوماسية حقيقية لتثبيت اسس عملية السلام في المرحلة المقبلة والحد من الاستخدامات الانية والنفعية للقضية الفلسطينية .

وكان واضحا من خلال لقاءات الملك عبدالله الثاني ، وتصريحاته التي اعقبت عودته من الولايات المتحدة ان هناك عددا من العناصر يركز عليها تحرك السلام العربي .

اولى هذه العناصر ابطال محاولات بنيامين نتنياهو خلط الاوراق الاقليمية مع قرب العد التنازلي لتوجهه الى البيت الابيض .

فلم يكن غائبا على العاهل الاردني وهو يحذر من اعطاء الولايات المتحدة الاولوية للملف النووي الايراني خطر تأجيل تسوية القضية الفلسطينية .

ولا شك ان مثل هذا التحذير يلقى صدى لدى الادارة الاميركية لا سيما وانه جاء من عاصمة اعتدال تدرك حجم الاضرار التي تلحقها السياسة الايرانية بالاوضاع الاقليمية .

الى جانب التحذير من اجندة الاولويات التي يحاول نتنياهو تسويقها في واشنطن ، وللحيلولة دون ادخال المفاوضات المطلوب اطلاقها بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في دائرة مفرغة حرص العاهل الاردني على الاشارة الى ضرورة ان تتسم مفاوضات السلام المقبلة بالجدية .

ولم يغفل الملك عبدالله الثاني خلال تحركات البناء على ما تم انجازه في واشنطن عن التأكيد على خيار الدولتين .

من منطلق حرصها على اطلاق عملية السلام ابدت الرياض مرونة في التعاطي مع طريقة التفكير الاميركية تجاه عملية السلام دون التفريط بما جاء في مبادرة السلام العربية .

بدت هذه المرونة واضحة في الخطاب السياسي للقمة الاردنية ـ السعودية التي عقدت في الرياض ، والذي وسع الارضية السياسية لتسوية القضية الفلسطينية ، من خلال المزاوجة بين مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية .

وبالاضافة الى محاولة دفع الادارة الاميركية لخطوات جدية باتجاه تحريك عملية السلام ، لا تخلو اللغة السياسية التي يستخدمها تيار الاعتدال العربي من محاولة قطع الطريق على نتنياهو وحشره في الزاوية توطئة لجره الى طاولة المفاوضات .

خطوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقطع الطريق على نتنياهو اخذت منحى مختلفا بمحاولته الالتفاف على الانقسام الداخلي بتشكيل حكومة موسعة وضمان دعم عربي ليظهر بصورة الشريك المقنع في عملية السلام .

لكن خارطة التحرك العربي لا تخلو من حقول الغام ، بينها العربي ، والاقليمي ، والدولي .

فهناك ما يكفي من المؤشرات التي توحي بان الادارة الاميركية ما زالت في طور تقليب الخيارات وهي تستقبل قادة المنطقة .

ومن غير المستبعد ان تستمر عملية تقليب الخيارات الاميركية عدة اشهر مع تشتت بوصلة البيت الابيض بين بؤرة التوتر الافغانية ، والتصعيد الداخلي الباكستاني ، والملف النووي الايراني ، وعملية السلام .

كما تزيد اخفاقات الادارات الاميركية السابقة في دفع عملية السلام على المسار الفلسطيني طوال العقدين الماضيين من تردد اوباما حينما يتعلق الامر بتفعيل الدور الاميركي لتسوية القضية الفلسطينية .

ويمكن اضافة الكوارث الاقتصادية والصحية التي يشهدها الكوكب الى تطورات الاحداث في البؤر الاقليمية الساخنة التي تحد من الاهتمام الكوني بالقضية الفلسطينية .

فقد استحوذت الازمة المالية العالمية ، وانفلونزا الخنازير على المؤتمر الصحفي الذي عقده اوباما اثر مرور مئة يوم على دخوله البيت الابيض ، علاوة على اتساع حضور الوضع الداخلي الباكستاني والايراني في دائرة الاهتمام الاميركي .

وتشكل مثل هذه الاجواء بيئة مثالية لتهرب نتنياهو من عملية السلام ، والمماطلة في التجاوب مع استحقاقاتها ، والمضي قدما في مصادرة الاراضي والاستيطان وتهويد القدس ، توطئة لخلق واقع جديد على الارض ، وفرضه على العرب .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل: مظاهرات عارمة في شوارع تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن


.. شاهد فيديو جميل لـ-قمر الزَهْرة- يضيء سماء لاس فيغاس




.. القصف والغارات تطرد النحل من صناديقه في جنوبي لبنان


.. شاحنات مساعدات تبدأ دخول غزة عبر معبر كرم أبو سالم| #الظهيرة




.. ما أبرز التطورات الميدانية للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة؟