الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجمات إرهابية تكشف عن ضعف في تكتيك الأجهزة الأمنية

حيدر سهر

2009 / 5 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في ظل أطلاق سراح المعتقلين والميلاد المشؤوم

كشفت الأيام الأخيرة الماضية عن خروقات أمنية كبيرة في العاصمة بغداد، من خلال استهداف المواطنين الأبرياء بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ، فكانت هذه العمليات الارهابية موجهة بصورة مباشرة لاتباع ال البيت (ع) واستهداف مناطقهم واسواقهم، ففي الايام الماضية شهدت منطقة الكاظمية ومدينة الصدر والشرطة الرابعة ذات الاغلبية الشيعية لموجة من الانفجارات ، وتزامنت هذه الاعتداءات مع ذكرى ميلاد المقبور صدام واعتقال زعيم تنظيم القاعدة ابو عمر البغدادي وبعض القيادات الاخرى، فهذه التفجيرات عبارة عن رسائل من بقايا حزب البعث واعوانه من الوهابية ذات الارتباطات الخارجية التي تريد اعادة الفوضى وقتل العراقيين وخلق الفتن والعودة الى صراعات طائفية خصوصا بعد الاستقرار الامني الملحوظ في البلاد. ان هذه الخروقات والاعتداءات التي حدثت نتيجة لعدة اسباب وعوامل، فمن هذه الاسباب اطلاق سراح المعتقلين المتواجدين في السجون الامريكية تمهيدا لانساحبها، والذي تم بضغط والحاح من قبل اطراف سياسية على الجانب الامريكي لاطلاق اكبر عدد من المعتقلين قبل تسلم الحكومة العراقية لهذه المعتقلات وما فيها في شهر حزيران، وفق الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين، وحتى لا يقدموا للقضاء العراقي واخذ جزائهم العادل ، فتم اطلاق سراح المعتقلين من دون علم السلطات العراقية، وهذا الاطلاق شمل جميع من في السجون من ارهابيين وقتلة وحتى من الجنسيات العربية.
ان عدم تعاون الجانب الامريكي مع الجانب العراقي لحل هذه المشكلة هو لهدف واحد القصد منه نشر الفوضى بطريقة غير مباشرة في بغداد، فخروج هؤلاء المجرمين الى الشارع العراقي وعدم محاسبتهم او ملاحقتهم قضائيا فسح المجال لهم للعودة الى تنفيذ الاعمال الارهابية، ورغم الانتشار الكثيف للقوات الامنية فهو لم يحد من استهداف المواطنين الابرياء ، فالقوات الامنية لم تستطع ايقاف هذه الهجمات ورصدها بسبب قلة التدريب ووجود العناصر المرتشية في ما بينها من جهة والبرود والتراخي والغرور الذي اصاب هذه القوات بعد تحسن الوضع الامني وعدم اللامبالاة من قبل عناصرها المنتشرين في العاصمة من جهة اخرى، فهذه القوات تعتقد بأن المعركة مع الارهاب على وشك النهاية وان تنظيم القاعدة قد يذهب من دون رجعة مستندين بذلك الى تصريحات بعض القادة الامنيين.
ان التصريحات الرنانة للقادة الأمنيين بان هذه التفجيرات هي عمليات انتقامية ردا على اعتقال ابو عمر البغدادي كانهم يبررون لهذه العصابات الأفعال الإجرامية ويبرؤون انفسهم والقوات الامنية من المسؤولية، فبدلا من ان يكون لهذه القوات تكتيك وتحرك سريع لملاحقة هؤلاء والمبادرة في القضاء عليهم نرى القوات الامنية تقف منتظرة في المناطق السكنية ولا تتحرك الا بعد تنفيذ هجمات ارهابية، فالقوات الامنية لم تدرب على محاربة الارهاب بالدرجة الاساس وانما تدربت وانتشرت كقطعات في البلاد لحفظ الامن، فعلى الحكومة تشكيل وحدات خاصة لمحاربة الارهاب تكون مدربة تدريبا جيدا تعتمد بالاساس على المعلومة الاستخباراتية وبدورها ستقلل وتحد من حدوث الاعمال الارهابية.
فالقوات الامنية الحالية لا تواجه جيش نظامي تقليدي معين وانما تواجه تنظيمات ارهابية سريعة التحرك تتخذ من السكان دروع لها، فتنظيم القاعدة له عناصر مدربة تدريبا جيدا ولا يعتمد على شخص معين بل يبحث دائما عن مفاجأة القوات الامنية بتغيير اسلوبه في الهجمات وله الامكانات المادية الكبيرة والذي يستطيع من خلالها استهداف المناطق وضربها ثم الاختفاء السريع، فهذا التنظيم لا يواجه بالانتشار الكثيف للقطعات العسكرية او القوى الامنية وانما يواجه بتكتيك وسرعة لضربه في مناطقه، معتمدة على المعلومة الاستخباراتية، ان انتظار هذا التنظيم في الاسواق او المناطق ليس حلا ، فالتنظيم اثبت انه باستطاعته ضرب المناطق المحصنة في عمليات كبيرة، وعلى الحكومة أنشاء قوة خاصة مختصة بمكافحة الارهاب تعتمد بالاساس على المعلومات الاستخباراتية والسرعة في ضرب الاهداف.
ان خبر اعتقال الرأس الكبير في تنظيم القاعدة وبعض القيادات الاخرى في الايام الاخيرة لا يعني انتصارا للحكومة على المجاميع المسلحة، وهنا لا اريد التقليل من هذا الانجاز، فنحن لا نحارب اشخاصا فقط ،وان كان تخطيط الحكومة في محاربة هؤلاء المجرمين فهي مخطئة، فيجب على الحكومة ان تحارب الافكار والعقول المريضة التي تؤسس لمثل هؤلاء المجرمين ومحاربة أفكار تكفير الأخر والتي يجب أن تبدأ من المدرسة الى أماكن العبادة، فما تناقلته وسائل الاعلام من خبر اعتقال عدد من الأطفال في الآونة الأخيرة في كركوك يطلق على خليتهم (طيور الجنة) مرتبطة بجيش النقشبندية التابع للمجرم عزة الدوري والمؤيد لتنظيم القاعدة يعد امرأ خطيرا، فبعد استغلال النساء من قبل هذا التنظيم الذي جابهته الحكومة بالحد منه من خلال اعتقال عدد كبير من تلك الانتحاريات وتفكيك لخلاياها ،اخذ تنظيم القاعدة بالبحث عن البدائل فاستطاع من استقطاب هؤلاء الاطفال ليكونوا قنابل موقوتة يستخدموها متى شاؤا، ومن هذا الباب على الحكومة ان تحارب هذه الافكار والبحث عن ينابيعها وتجفيفها حتى تسيطر على الوضع الامني في البلاد. وعلى القوات الامنية ان تضرب مواقع الارهاب وان لا تنتظر المبادرة من هذه العصابات الاجرامية وان لا يتنصل المسؤولون الامنييون عن واجباتهم في الدفاع عن المواطنيين وان لا تقف الحكومة موقف المتفرج على هذه الاعمال حتى لا نعود الى نقطة الصفر ،فأن استمرار هذه التفجيرات ستجر الطرف الاخر الى الرد وستنشط المليشيات بالعمل وستجد البيئة المناسبة والقاعدة الجماهيرية المؤيدة بسبب صمت الحكومة وعجز اجهزتها الامنية على القضاء على الارهاب وحماية المواطنيين.
ان التفجيرات الاخيرة ليست كما يصرح المسؤولون الامنييون بانها ردة فعل على اعتقال ابو عمر البغدادي او الرمق الاخير لتنظيم القاعدة او ما يريده من جلب الانظار بعد الانتكاسات الكبيرة لهذا التنظيم، لا بل هذه العمليات منسقة ومعدة سابقا وفق برامج وخطط عسكرية وارتباطات خارجية تأخذ الاوامر منها، وهذا تحذير للحكومة من قبل عصابات البعث والقاعدة خصوصا بعد تصريحات رئيس الوزراء ضد حزب البعث وبقاياه وعدم القبول به في المشاركة بالعملية السياسية او المصالحة الوطنية، ونحن هنا نشد على يد الحكومة في هذا الامر.
ان هذه التفجيرات الإجرامية ما هي الا مقدمات لاعمال ارهابية اخرى ستكون في قلب المناطق الآمنة في جنوب العراق وخصوصا في (النجف الاشرف وكربلاء المقدسة) فتنظيم القاعدة لديه الإمكانيات والطرق للوصول لتلك المناطق المحصنة جيدا من قبل الحكومة وهناك أمثلة كثيرة على الخروقات في تلك المناطق، فعلى الحكومة اخذ الحذر والمبادرة في ضرب منابع الإرهاب، وعليها تعلم الدرس جيدا وان لا تغفوا على نجاحات امنية هشة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج