الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


78 عاما على صدور كتاب الدولة الاموية في الشام

مازن لطيف علي

2009 / 5 / 6
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


لم يحدث في تاريخ العراق المعاصر ان يثير صدور كتاب الى احداث ضجة ومشاكل وطرد واستقالة ومظاهرات طلابية سوى كتاب واحد ألا وهو كتاب (الدولة الاموية في الشام) لمؤلفه الاستاذ انيس النصولي الصادر عام 1926، لكن على الرغم من ازمة هذا الكتاب الذي نتطرق اليه كانت هناك مجموعة كتب احدثت جدلا واشكالا في المجتمع العراقي على سبيل المثال نذكر منها كتاب (العروبة ام الميزان) تأليف الاستاذ عبد الرزاق الحصان وكتب الدكتور المرحوم علي الوردي وخاصة كتاب (وعاظ السلاطين) وكتاب الشاعر الكبير معروف الرصافي (رسائل التعليقات) وديوان الشاعر حسين مردان (قصائد عارية) وديوان الشاعر معروف الكرخي (الادب المكشوف) هذا ما اتذكره وما قرأته بصفتي اهوى الكتب الممنوعة والمثيرة للجدل.
نعود الى كتاب الدولة الاموية في الشام فبعد صدور الكتاب في بغداد حدث جدل بين السنة والشيعة من جهة وبين الطلبة والوزارة من جهة اخرى اضافة الى الصراع بين المتزمتين والعلمانيين واصحاب الفكر الحر اي ان الجدل كان على كافة المستويات من الشعبي الى الثقافي والسياسي.
ان اشكالية الكتاب كانت طائفية فالعراق كما هو معروف تسكنه اغلبية شيعية وكما هو شائع ان موقف الشيعة من الخلافة الاموية ومن معاوية ويزيد والوليد وبني امية فعندما يقوم مؤرخ او كاتب او حتى شاعر بمدح تلك الشخصيات ويقلل من شخصيات عظيمة هنا تقوم الدنيا ولا تقعد.. فقد قدم الاستاذ النصولي في كتابه باهداء الكتاب وهو اهداء استفزازي لمشاعر الشيعة مع العلم ان الكاتب هو غير عراقي فقد انتدبته الحكومة العراقية للتدريس كتدريسي في المدارس العراقية..جاء في نص اهداء الكتاب (من احق بتاريخ امية من ابناء امية.. ومن احق بتاريخ معاوية والوليد من ابناء معاوية والوليد فاقبلوا يا ابناء سورية الباسلة المتحدة المستقلة هذه الثمرة الصغيرة).
بهذه الكلمات يخاطب ابناء امية وابناء الشعب السوري في كتابه المطبوع في بغداد والمقروء في العراق عندها ثارت مشاعر الشيعة وبدأت الازمة فرجال الدين حرضوا المواطنين على الكتاب ومؤلفه فاخذتهم مشاعرهم وحبهم لآل البيت الى الخروج بمظاهرات حاشدة كذلك عندما زار الملك فيصل الاول لمدينة النجف الاشرف طلبوا من الملك طرد النصولي فطلبت وزارة المعارف من النصولي تقديم الاستقالة.
مقابل هذه المشاعر البغيضة للنصولي وكتابه كان هناك 800 طالب في مظاهرة لتأييد النصولي وكان شعارهم حرية الفكر الفكر حيث عقدوا مؤتمرا طلابيا في منطقة الصالحية. في تلك الاثناء قدم هؤلاء الطلبة عريضة الى وزير المعارف عبد المهدي المنتفجي فتحركوا الى شارع الرشيد ذاهبين الى وزارة المعارف مطالبين بحماسة حرية الفكر وقد هزت الحادثة المجتمع العراقي والرأي العام فقامت وزارة المعارف بفصل الاساتذة الثلاثة الذين انتدبتهم الحكومة مع النصولي وهم عبد المشنوق وجلال زريق ودرويش المقدادي وتسفيرهم وكذلك طرد طلبة منهم حسين جميل وفائق السامرائي وعبد اللطيف محي الدين وانور نجيب طردا مؤبدا اضافة الى فصل الاستاذ يوسف زينل باعتباره محرضا الطلبة، اما الاستاذ النصولي فعند سماعه نبأ طرد الطلبة ارسل رسالة يواسيهم ويشد ازرهم. اما مجموعة الطلبة المطرودين فقدموا عريضة للملك وقد اثمرت المحاولات الى عودة الطلبة المطرودين ..وفي تلك الاحداث وقع خلاف بين وزير المعارف عبد المهدي المنتفجي وبين ساطع الحصري الذي كان مديراً عاما ً للمعارف فقد اتهم الوزير بأن الحصري كان وراء هذه الضجة التي اثارها النصولي ورفاقه اي ان الحصري هو ساعد وشجع النصولي على طبع الكتاب وتحريض الطلبة باسم حرية الفكر وعندها قدم الوزير استقالته لكنها لم تقدم لهذا السبب بل ربطها باعتراضه على احالة لائحة قانون التجنيد الاجباري الى المجلس النيابي قبل تعديل المعاهدة العراقية البريطانية والاتفاقيات الملحقة بها.
بعد طرد الطلبة وطرد الاساتذة الاربعة المنتدبين الى العراق للتدريس من قبل وزارة المعارف قام الشاعر محمد مهدي الجواهري بمدح وزير المعارف السيد عبد المهدي بقصيدة تعبيرا لموقفه في قضية الكتاب واشكالاته وعنوان القصيدة هي (تحية الوزير الجريء) يخاطب فيها الوزير:
حي الوزير وحي العلم والادبا
وحي من انصف التاريخ والكتبا
وحيها ضربة للجهل قاضية
مجالس العلم قد عجبت لها طربا
يتحدث وزير المعارف ان موضوع النصولي اثير في مجلس الوزراء وكانت اغلبية المجلس لا تميل الى اتخاذ الاجراءات ضد النصولي ورفاقه بحجة ان الدستور قد كفل بحرية الرأي لكني اي وزير المعارف استطعت اقناع الملك فيصل الاول بعد حوار بيني وبين الملك وقلت فيه ان واجبكم يا سيدي يقتضي عليكم المحافظة على مشاعر رعاياك واحاسيس شعبك وجلالتكم ليس ملكا على بغداد فحسب بل انت ملك العراق بشماله وجنوبه بمختلف طوائفه واجناسه.
وبعد فورة الاحداث التي اثيرت بسبب هذا الكتاب وبعد حوالي ثمانية وسبعين عاما على تلك الحادثة تدل على وجود حرية الفكر والرأي والرأي الآخر ومدافعين عن الفكر مع وجود المتطرفين الذين تحجبهم عقولهم عن رؤية الحقيقة في بداية تكوين الدولة العراقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لك يامازن
شاكر الناصري ( 2009 / 5 / 5 - 20:31 )
تحية لك عزيزي مازن لطرح هذا الموضوع والذي يعيدنا الى اشكاليات كثيرة وأوهام واجهت وتواجه الثقافة والمثقفين في العراق والضبابية التي تغلف مواقفهم كما هو واضح في موقف الشاعر الجواهري في تاييده لقرار الوزير عبد المهدي المنتفجي الذي هو والد عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي الحالي . إن الاساس الذي أنطلق منه الوزير المذكور هو أساس طائفي صرف وليس لمواجهة تطورات قضية الكتاب او الاراء الواردة فيه . ان العودة الى تلك الفترة تبين لنا أن القضية لم تكن لتأخذ الابعاد الخطيرة التي وصلت اليها لولا تدخل أطراف معينة لعبت على أوتار الطائفية ولعل الوزير ومداحوه من الشعراء هم أول من أوقد فتيل الازمة الطائفية في حينها والمتعلقة بالكتاب المذكور . اما موقف الجواهري وتأييده لقرار الوزير فهو تأييد لم يكن موفق اصلا ولايختلف في جوهره ومنطلقاته عن منطلقات الوزير في حينها ويثير اشكالية عن موقف المثقف العراقي هل هو مع حرية التعبير حتى لو كانت بمستوى ما مطروح في كتاب النصولي أم مع الحس الطائفي الذي أستند اليه الوزير في حينه؟ . بالتأكيد أن كتاب أنيس النصولي قد حرك قضية هامة في المجتمع العراقي الا وهي قضية حرية الرأي والتعبيروأنها كانت المرة الاولى التي تنطلق فيها التظاهرات للدفاع عن حرية الكاتب وافكاره.


2 - انت طائفي
ابو براء ( 2009 / 5 / 5 - 22:21 )
الى رقم واحد يعني اي شئ يصدر من الشيعه حس طائفي ومن غيرهم حريه
رأي ماهذا الحول


3 - عنوان المقالة ضجة حول كتاب
غازي صابر ( 2009 / 5 / 5 - 23:28 )
للآسف بقدر ما شوقنا الكاتب لقراءة الكتاب ، الا أنه كان بخيلآجدأ ولم يتطرق ولو بشكل سريع عن فصول الكتاب ، أو عن موقف الكاتب من الآمويين .أمل أن يطلعنا الآخ مازن ولو في نقد سريع للكتاب حتى نحكم على الكاتب وعلى الكتاب وعلى الناس الذين إختلفوا حوله
ومع فائق الشكر


4 - ؟؟؟؟
jasim ( 2009 / 5 / 6 - 11:54 )
اين يمكن الحصول على الكتاب وشكرا

اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة