الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر التشيع و التحدي الاستراتيجي الإيراني

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 5 / 7
كتابات ساخرة


يكثر الحديث على الساحة السياسية و الإعلامية العربية حول خطر التشيع؛ و ما يشكله المذهب الشيعي من تحدي للسياسة الدينية العربية؛ التي وجدت نفسها في مواجهة تحدي مذهبي؛ يشكل تهديدا مباشرا لمقوماتها الحضارية.
لكن هل الأمر حقيقة يرتبط بخطر يشكله المذهب الشيعي ؟
ألم يتعايش المذهبان معا بسلام طوال قرون في العراق و البحرين و سوريا و لبنان؛ من دون أن يكون هناك أي خطر يذكر ؟
إن المتابع لما يجري من أحداث في منطقة الشرق الأوسط ؛ يدرك للوهلة الأولى أن الخطر المذهبي ؛ الذي يجري الحديث حوله هو في الحقيقة خطر استراتيجي ؛ يشكله الكيان الشيعي الذي تقوده إيران ؛ ضد الوجود العربي سياسيا و اجتماعيا ؛ أكثر مما يشكل تهديدا مذهبيا .
فمن المعروف أن منطقة الشرق الأوسط ؛ خلال هذه المرحلة ؛ تعرف تحولات غير مسبوقة على جميع المستويات ؛ خصوصا بعد حرب الخليج الأولى و الثانية ؛ و تغيير النظام السياسي في العراق ؛ و المواجهات القائمة بين حزب الله و إسرائيل ؛ و كذلك ما يرتبط بالملف النووي الإيراني ...
و كلها أحداث متتالية حركت المياه الراكدة في المنطقة على جميع المستويات؛ و بدأت تطرح أسئلة جديدة؛ سياسيا و ثقافيا و دينيا... و جميع هذه الأسئلة تصب في مجرى واحد ؛ هو محاولة كل طرف استغلال كل الأسلحة المتوفرة لديه – و منها سلاح الدين – في مواجهة الطرف الآخر .
و حينما نتحدث عن طرفين ؛ فإننا نقصد أولا الطرف الشيعي ؛ الذي تجاوز حضوره مستوى المذهب الديني ؛ ليتحول إلى إيديولوجيا للجذب ؛ تتبنى رؤية استراتيجية خاصة لمستقبل منطقة الشرق الأوسط .
و تحضر إيران في مركز هذا الجذب الإيديولوجي ؛ فهي تجني الثمار التي أينعتها السياسات الأمريكية الخاطئة في العراق و أفغانستان ؛ و لذلك فهي تستغل المذهب الشيعي في مد سيطرتها الأستراتيجية على منطقة الشرق الأوسط بكاملها ؛ لتحملها كرهينة تقايض بها المجتمع الدولي ؛ لتحقيق حلمها في امتلاك سلاح نووي ردعي ؛ يتوجها في الأخير سيدة الموقف في منطقة غنية بثرواتها الطبيعية.
أما الطرف الثاني ؛ الذي تتزعمه السعودية بمذهبها الوهابي ؛ و مصر عبر علماء الأزهر ؛ فهو لم يقف مكتوف الأيدي ؛ بل إنه يمتلك أوراق رابحة في المعركة الدائرة ؛ خصوصا و أن المملكة البترولية تمتلك فائضا نقديا كبيرا ؛ يمكنها من مواصلة المعركة ؛ كما أن راعية جامعة الأزهر تمتلك رصيدا رمزيا لا يقل أهمية عن رصيد إيران الشيعية .
و لذلك فإن هذا الطرف يقود حربا باردة شرسة ضد المعسكر الشيعي ؛ و لعل الأوراق الرابحة التي يمتلكها هذا الطرف ؛ هي تلك المرتبطة بانضوائه تحت لواء المجتمع الدولي ؛ لذلك فإن هامش المناورة لديه يتسع كل يوم أكثر ؛ بينما يضيق في المقابل على الطرف الآخر ؛ الذي يقدم نفسه ممثلا لمحور الممانعة في
المنطقة.
إن الحديث إذن عن الخطر الشيعي هو في الحقيقة حديث عن الخطر الاستراتيجي الذي تشكله إيران على منطقة الشرق الأوسط ؛ و لذلك فإن التعامل الحقيقي مع خطر التشيع ؛ يجب أن يكون من هذه الزاوية السياسية ؛ حيث يجد الطرف العربي نفسه على أعتاب إمبراطورية فارسية جديدة تسعى إلى استعادة أمجادها ؛ مستغلة في ذلك رأسمالا رمزيا ؛ يرتبط جوهريا بالتاريخ العربي ؛ الذي أصبح يبيض لها ذهبا .
و لعل التحدي الذي تفرضه هذه الوضعية السياسية / الثقافية الجديدة ؛ هو ما يفرض على النخبة المثقفة في العالم العربي ؛ التجند لفضح إيديولوجية التشيع ؛ عبر الكشف عن قناعها الديني ؛ الذي يخفي في العمق رغبة فارسية في السيطرة على المنطقة ؛ عبر استغلال جميع الرموز الدينية ؛ التي هي ملك مشترك لجميع المسلمين ؛ فجميعنا يقدر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ؛ و كلنا يتعاطف مع الحسين في محنته ؛ و كلنا يتذكر أحداث كربلاء بحزن كبير ؛ لكن من دون أن نتشبع أو نكون خداما إيديولوجيين للكيان الفارسي ؛ الذي نحتم خصوصياته الثقافية و السياسية ؛ و يجب عليه كذلك أن يحترم خصوصياتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح