الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاطع من ليماسول- رابعاً وأخيراً

رياض الحبيّب

2009 / 5 / 7
الادب والفن


الضباب
...........

يصل العالم البائس إلى ليماسول مغامراً بوسائل مختلفة
ويرحل عنها بوسائل لا تقل مجازفة إن لم تكن أخطر
إن البؤس يكمن في اثنين:
البحث عن عمل في جزيرة يندر فيها توفّر فرصة
طلب اللجوء في مكان لا ملاذ فيه

أوّلاً
تدخل الأيدي العاملة بطرق نصف مشروعة
منها عن طريق مكاتب السياحة ومنها بالمرور أي الترانزيت
يعمل العمّال في قبرص بما أوتوا من قدرة على تحمّل صعوبات العيش إزاء مخالفة قوانين الإقامة
يتمّ رصدهم ثم القبض عليهم ولو بعد حين وتالياً معاقبتهم
إمّا بالحبس أولاً أو بتسفيرهم مباشرة إلى بلدانهم باحترام-
بعد وضع أسمائهم في قائمة ال[لا]

كنت أقيم مع منفّذ عمليّات بناء (معلّم أو أسطة) عربي في الخمسينيات من العمر
دخل إلى قبرص في المرة الأولى للسياحة مدة أقصاها أسبوعان
فحصل على عمل في ليماسول وكَسَرَ الفيزا
لكنّ ربّ العمل (القبرصي) لم يدفع له أجرة كاملة
حاول العامل عبثاً أن يستحصل باقي أجرته حتى بعد وساطة أصدقاء
إلى أن تمّ إلقاء القبض عليه ومن ثمّ تسفيره

عاد بعد فترة بطائرة مستفيداً من مرورها في قبرص،
على أساس مواصلة رحلته (السياحية) بعد يومين
قال لي- من حرقة القلب: سأهدّ البناء الذي بنيت لذلك الوغد إن لم يدفع لي باقي الأجرة
كان العامل مسكيناً بما في الكلمة من معنى
قد أجاد ربّ العمل في فنّ المماطلة معه حتى تمّ القاء القبض عليه مجدداً
لكنه عاد في المرة الثالثة بوثيقة سفر جديدة تختلف فيها طريقة كتابة اسمه بالإنكليزية- ما يطلق عليه زعبرة بالدارجة اللبنانية
لم يأت للعمل هذه المرّة بل للهدم- كما زعم- ولا أظنّه جادّاً
بَيْدَ أني غادرت قبرص إلى أثينا قبل معرفة تتمّة الحدث

ثانياً
يعرف طالب اللجوء مسبقاً أنّ احتماليّة القبول بمعاملته تزيد عن المعدّل
إن وافق مكتب اللاجئين التابع للأمم المتحدة فخير على خير
ستبادر إحدى دول الغرب مانحة حق اللجوء لاستضافة اللاجئ

أمّا اللاجئ المرفوضة معاملته نهائيّاً فعليه أن يغادر إمّا طوعيّاً أو قسريّاً إلى بلده
باستثناء أولئك الذين سيتعرّضون لعقوبات خطيرة في بلدانهم ومنها الإعدام
سيحاول اللاجئ إيجاد وسيلة أخرى للخلاص
هي إمّا الزواج بامرأة قبرصية
أو محاولة التسلل إلى عنبر سفينة أجنبيّة ستتوجه إلى إحدى دول الغرب
بعد تنسيق مع أحد عمّال السفينة من الحاملين جنسية غير جنسيتها
هنا أزمتان: المال والثقة
علماً أن المياه القبرصية آمنة ولا يستطيع قارب غير شرعي تجاوزها
...........

أمّا بعد
هل هذه المقاطع هي كلّ ما يتعلّق بليماسول؟
الجواب قطعاً: لا
إنما هي رؤية مبنيّة على تجارب شخصية
قمت بتوظيف فلسفتها لرسم بعض الوجوه في صورة ليماسول
من زاوية ما في زمن ما
هي ليست جميع الوجوه
ولا يمكن أن يكتمل رسم الصورة بالكلمات
لأنّ الساحل في ليماسول يمتدّ إلى أبعد
وحديقة ليماسول تستقبل نماذج جديدة من الأشكال والألوان
يتغير شكلها ولونها يوميّاً
لكنّ الشمس لا تتغير
وإن تباينتْ مواهبُها صوب البحر
وإن أحسن الرمل في مقاومتها
وإن تفنّن العشّاق في استقبالها
...............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقيب المهن التمثيلية يكشف حقيقة شائعة وفاة الفنان حمدى حافظ


.. باراك أوباما يمسك بيد جو بايدن ويقوده خارج المسرح




.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟