الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة: يوسف.. كان هنا

نهار حسب الله

2009 / 5 / 8
الادب والفن



لم يكن محباً للعب مع أقرانه وأصدقائه.. كان يوسف يتوقع منذ صغر سنه بالشقاء والتعب من اجل لقمة العيش.. وكان كثيراً ما يحاول الاعتماد على نفسه في بعض الأمور.
تربى وترعرع بين أفراد عائلته المكونة من أب وأم وأخت.
كان أبوه ميسور الحال من الطبقة المتوسطة..
يوسف.. قرر الاعتماد على نفسه منذ اللحظات الأولى لدخوله سن المراهقة، وبدأ يبحث جاداً عن عمل يسد كل مصروفاته الدراسية والحياتية.. وكان كثيراً ما يرفض مساعدة أبيه..
لم يجد أمامه أي عمل سوى مهنة (حمال) في سوق (الشورجة) المزدحم بالمارة دوماً..
لم يجد حرجاً من العمل. بدأ يومه الأول في السوق بعد ان قام باستعارة عجلة مصنعة يدوياً من أحد أصدقائه..
بدأ ينتظر أي طلب أو أمر من أي شخص.. كان يقضي أوقات انتظاره في قراءة وتحضير واجبات الدراسة.. وكان يذهب كل يوم بعد العمل الشاق في السوق لإكمال دراسته المسائية.
كان متسخ الثياب، ومرهق، شاحب الوجه.
سأله أحد زملائه في الدراسة عن سبب اتساخ ثيابه؟
يوسف.. وجد في هذا السؤال نوعاً من الفضول، وكان خجولاً من ان يعرف احد حقيقة عمله... فتهرب من الإجابة وابتعد عن زملائه.
وفي يوم حار وجاف كان يوسف مشغولاً بقراءة دروسه وهو جالس في عربته.. ناداه أحد التجار:
- أيها الحمال الصغير، تعال الى هنا بسرعة
نهض يوسف مسرعاً وقال:
- أمرك عمي
خاطبه التاجر باستهزاء واستصغار: كم عمرك؟
- 17 سنة
- هل أنت يتيم الأب؟
استغرب يوسف من سؤال التاجر وقال بغضب:
- لا انا لست يتيما ولكني رجل اكل من عرق جبيني، كما اعمل على ان أتعلم الاعتماد على نفسي.
تأثر التاجر بكلمات يوسف وبدأ ينشغل به بدافع العطف والحنان..
التاجر: ما رأيك ان أوفر لك عملاً في أحد محالي التجارية
يوسف: سأكون شاكراً وممنونا لك.
وفي صباح اليوم الذي ذهب يوسف مبكراً الى (الشورجة) وجد التاجر جالساً ينتظر قدومه..
يوسف: صباح الخير عمي.
التاجر: صباح الخير يا بطل... ما هي نتيجة امتحانك؟
يوسف: جيد جداً والحمد لله... هل وجدت لي عملاً؟
التاجر: طبعاً.. طوال ساعات الليل وانا أفكر بك وقررت ان تعمل معي منذ اليوم.
شعر يوسف بفرحة غامرة تملأ عالمه، وأحس بان وضعه سوف يتحسن نحو الأفضل.
بدأ يوسف العمل مع التاجر..
تعلم الكثير من الخبرة وكيفية التعامل مع الآخرين..
كان التاجر يجلس على كرسيه المرتفع في آخر المحل مراقبا خطوات يوسف عن بعد...
التاجر أحب يوسف أكثر من أبنائه نظراً لشجاعته وكفاحه وأمانته.
يوسف كان ممتناً للتاجر لأنه كان سبباً في تحسن وضعه المادي والمعنوي.
وفي صباح يوم ربيعي لطيف.. ممتلئ بالتفاؤل.. ضج سوق (الشورجة) بسيارة مفخخة أخذت أرواح الكثيرين..
تبعثر كل شيء.. هنا جثث وهناك أشلاء ودم وحريق..
فُقد يوسف بعد الانفجار، ولم يعد له أثر، حتى بعد ان بحث التاجر بين الجثث والأشلاء عنه..
كان التاجر يصيح بصوت عالٍ: يوسف.. يوسف.. أين أنت، وراح يكرر هذه الكلمات ما بين الدقيقة والأخرى ويقلب الجثث يميناً ويساراً..
لم يجد سوى كتابه مرمياً على الأرض..
شعر بحزن يسيطر على عالمه وأحس بنهاية العالم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا قتلت يوسف
اليانا مدبك ( 2011 / 3 / 4 - 06:29 )
استاذ نهار
هل هناك الكثير من امثال يوسف في عالمنا
لماذا قتلت يوسف
كان يجب ان يعيش
ولكنك الكاتب وانت من قررت
قصة ربما كانت واقعية ليوسف ما وما اكثرهم في بلادنا
واصل ابداعك
لك مني كل التحيات


2 - الى السيدة اليانا مدبك
نهار حسب الله ( 2011 / 3 / 4 - 12:25 )
سلاماً ومحبة
شكراً لكرم متابعتكم قصصي التي انشرها في اكثر من مساحة إعلامية
شرف الي الكتابة لم يقرأ بهذا الاهتمام
يوسف كان هنا.. قصة قصيرة جاءت في مرحلة عصيبة جداً من حياتي وحياة اللعراقيين جميعاً.
كتبت في 2007... حاولت فيها إجبار القارئ على إدانة العنف والتطرف الذي ينال الابرياء من دون شفقة
كان لابد من موت يوسف في القصة.. حتى تحتقر قوى الظلم والفساد
محبتي إليك

اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر