الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة: البراءة

نهار حسب الله

2009 / 5 / 9
الادب والفن


في صيف جاف وحار جداً، كنت أجلس وقت الظهيرة لساعات أمام النافذة المطلة على الشارع، وكنت أشاهد كل يوم طفلاً لا يتجاوز عمره تسع سنوات يتجول في الشوارع وتحت أشعة الشمس الحارقة حاملاً على رأسه قطعاً من الحلويات محاولاً بيعها منادياً بأعلى صوته (حلويات حلويات).
كان الطفل أبيض البشرة ذا شعر أصفر، وجهه يحمل كل معاني وبراءة الطفولة.
وذات يوم كنت أراقب خطاه وصوته المرتفع، فوجته في تلك الظهيرة متعباً خافت الصوت ودموعه على خديه، فخرجت إليه مسرعاً وقلت له:
-يا بائع الحلويات... عد الى هنا
التفت الطفل بعد سماع صوتي وعاد إليّ مسرعاً وقال لي: أمرك عمي.
فقلت له: ما لك اليوم... أراك متعباً وحزيناً، هل تحتاج المساعدة ؟
بدأت دموعه تنهال من دون توقف وقال لي وهو يبكي:
-هل لك ان تمنحني سيجارة ؟
فوجئت بطلبه فقلت له:
-انها مضّرة بصحتك وتسبب لك الكثير من الامراض، وما زلت صغيراً جداً على التدخين، وبعد إلحاح شديد من الطفل، قدمت له سيجارة حتى اتمكن من معرفة سر هذا الطفل.
بعد ان هدأ الطفل بدأ بالكلام قائلاً: يا عمي.. ان والدي لا يسمح لي بالدخول الى البيت إلا بعد ان اجلب له مبلغ خمسة آلاف دينار يومياً ولو بعت كل الحلويات التي أحملها لا يزيد ثمنها عن ثلاثة آلاف دينار وكما تعلم الجو حار جداً وقليل من الاطفال يشترون مني الحلويات.
قلت له : كيف تتمكن من جلب خمسة آلاف دينار يومياً وكل الحلويات سعرها لا يزيد عن ثلاثة آلاف دينار؟
اجابني ببراءة الأطفال: في الحي المجاور اعرف شاباً يعيش لوحده، أذهب إليه كل مساء فيداعبني ويمنحني ما تبقى من المبلغ مع علبة سيجائر، لكن هذا الشاب غادر الى حي آخر وتزوج هناك فهل تحب ان تداعبني وتدفع لي ثمن الحلويات المتبقية؟
قلت له: يا بني ان ما تفعله مع ذلك الشاب هو شيء سيء جداً... يسيء إليك والى عائلتك ودينك الحنيف.
قاطع الطفل كلامي وقال: أنا أعلم ان ما افعله من أكبر الكبائر ولكن ما هو الحل وهل من بديل؟
قررت التعمق والدخول أكثر في مشكلة هذا الطفل فذهبت معه الى بيته وتكلمت مع ابيه الذي كانت تفوح منه رائحة الخمر ولم يسمح لي بالتدخل في هذا الموضوع نهائياً.
دعوت الطفل الى بيتي وجعلته يحس بالحنان والامان.. وجعلت الطفل يستحم ويتنظف فبدا شكله كالملائكة.. وبعد أيام قليلة وجهت الطفل للذهاب الى المدرسة وهكذا بدأ حياة جديدة وسعيدة.. عندئذ أحسست بسعادة تغمرني.. بعالم يفتح لي كل آفاقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر