الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نموذج للانتهازية اليسارية المفرطة

حمادة فراعنة

2009 / 5 / 8
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


احتفى المهندسون وأصدقاؤهم من الفعاليات النقابية والقوى السياسية، بنجاح رايق كامل مع رفاقه في التحالف الوطني القومي اليساري في هيئة المكاتب الهندسية الاستشارية، وتفوقهم على تحالف حركة الإخوان المسلمين مع حزب الوحدة الشعبية المهزوم.
حركة الإخوان المسلمين القوية، التي وظفت مسار الحرب الباردة وانحازت للمعسكر الأمريكي وتحالفت مع الولايات المتحدة وأدواتها، وقاتلت تحت راياتها في أفغانستان لمواجهة السوفييت، وعملت ضد أنظمة عبد الناصر والبعثيين في سوريا والعراق وضد منظمة التحرير الفلسطينية وحقها التمثيلي والكفاحي، استفادت من هذا الماضي غير المشرف وتحالفاتها غير المبدئية بهدف تعزيز حضورها الحزبي والجماهيري حتى كادت تكون الحزب الوحيد الفاعل في الشارع العربي عموماً والأردني خاصة، بعد أن أدت نتائج الحرب الباردة إلى هزيمة التيار اليساري وفشل التيار القومي وغياب التيار الليبرالي، كما أدت إلى زيادة نفوذ التيار الأصولي ليس بسبب صواب سياساته غير النظيفة، بل بسبب دعم واشنطن والأنظمة المحافظة التي كانت حليفة للولايات المتحدة في مواجهة التيارات اليسارية والقومية والليبرالية.
حركة الإخوان المسلمين لا تؤمن بالتعددية ولا تقرها، فهي تدعي أنها وحدها على حق والباقي على باطل، ولذلك لا تركن على التعاون مع الآخرين، وإذا اضطرت لذلك فهذا يعود لأسباب انتخابية ودوافع حزبية محضة، يمليه عليها ضعف حضورها في هذه المؤسسة أو النقابة أو المنطقة أو تلك، ولكنها حينما تملك فرصة الانقضاض على المؤسسة لا تسمح للآخرين لا بالشراكة ولا حتى بالتنفس، كما تفعل اليوم مع القوى السياسية الفلسطينية في قطاع غزة بعد الانقلاب، ليس فقط مع فتح والشيوعيين والبعثيين والديمقراطية والشعبية، بل وحتى مع الجهاد الإسلامي.
حزب الوحدة الشعبية الذي يستغل تراث الجبهة الشعبية ونضالاتها، يُفترض فيه أن يفهم التحالف على أساس سياسي وليس لدوافع انتخابية انتهازية، فهو لا يستجيب لكل الدعوات المخلصة سواء من قبل أصدقاء (وكاتب هذا المقال واحد منهم)؛ أو من قبل من هم مفترض فيهم أن يكونوا حلفاءه وقوته المعنوية وأرضيته الخصبة للنمو عبر تحالفه الطبيعي والمنطقي والسويّ مع القوى اليسارية والقومية، وعبر انكفائه عن التيار الأصولي، لعزله وليس التحالف معه، حتى ولو كان ذلك بمقدار بحصة، حيث لا يوفر حجم حزب الوحدة مع حركة الإخوان المسلمين مقدار بحصة في جدار.
حزب الوحدة الشعبية (شاطر) في النطنطة المكشوفة، فهو يخوض تحالفاً مع حركة الإخوان المسلمين في نقابة المهندسين ضد القوى اليسارية والقومية، ويخوض تحالفاً طبيعياً في نقابة المحامين ونقابات أخرى، ولو توفر للقوى المحافظة وللشياطين موقع قوي في مكان ما؛ لما تردد في التحالف معها كسباً لمقعد ولو أنه حاضر وموجود، وأنه يفوز ولو على حساب مبادئه وقيمه، إنه نموذج صارخ للدونية.
أفهم أن يرفض هذا الحزب وساطتي لأنني متهم بالتطبيع كذباً وافتراء، ولكنني لا أفهم أنه لا يتجاوب مع الدعوات الأخرى من قبل أصدقاء آخرين غير مفترى عليهم بالأكاذيب والإشاعات مثلي، ولذلك تظهر النتيجة ليست بسبب الوساطة بل بسبب إيغال هذا الحزب في مواصلة سياسة التمزيق للتيار الواحد، والتحالف مع التيار الأصولي الرجعي.
ونفهم؛ كما يقول أحد الأمناء العامين لحزب يساري، نفهم أن يتقدم حزب الوحدة بفلسفة تقوم على توسيع التحالف مع حركة الإخوان المسلمين، لأن الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في بلادنا، تستدعي توسيع قاعدة التحالف السياسي لمواجهة المحافظين، ولكن هذا يجب أن يتم عبر تفاهم وتنسيق يساري قومي مسبق حتى تكون النتيجة لمصلحة مجمل الوضع السياسي لشعبنا في الأردن وفلسطين والمنطقة، لا أن يكون التحالف مع حركة الإخوان المسلمين منفرداً لمصلحة حزبية توفر لحزب الوحدة مقعداً في نقابة دون سائر النقابات، التي يرفض الأصوليون فيها مد يد التعاون وحفظ ماء الوجه لحليفهم اليساري حزب الوحدة الذي يغرد خارج سربه، فلا هو منسجم مع القوى اليسارية والقومية، ولا هو قادر على إطالة لحيته والتكيّف مع الأصوليين ورؤيتهم.
لقد خرج التيار اليساري من لجنة التنسيق على خلفية تعاطف حركة الإخوان المسلمين مع حركة الزرقاوي القاعدية، وخرج القوميون احتجاجاً على انقلاب غزة، ووحده، وحده، حزب الوحدة بقي في حضن الإخوان المسلمين (ويا ريت صار في رعايتهم) !!
أعرف حجم الرغبة الكامنة لدى اليساريين والقوميين في استعادة حزب الوحدة الشعبية ليكون في موقعه الطبيعي مع هذا المناخ التقدمي التعددي، لتصليب الحركة السياسية الأردنية اليسارية والقومية، ولكن وجود قيادة مخطوفة على طريقة "الضبع" لا ترى أبعد من أنفها، يحكم سلوكها موقف متطرف ضد الحزب الشيوعي وتراثه وضد حزب الشعب الديمقراطي الأردني وسياساته، تدفع بعض قيادات حزب الوحدة لممارسة العمى السياسي، والانكفاء عن القوى السياسية التي تكن لهم الاحترام وتتمنى لهم الخير؛ لأن نجاح حزب الوحدة وتعزيز حضوره، هو نجاح لكل القوى السياسية اليسارية والقومية، ولكن بعض قادة هذا الحزب مثل الزوج الذي يعاقب نفسه "بالخصي" احتجاجاً على سلوك زوجته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلامك صحيح يا حماده
احمد الجعافرة ( 2009 / 5 / 8 - 07:58 )
فعلا كلام عاقل لقد ابدعت في توضيح خبل قيادة هذا الحزب الاعور الذي تطغى عليه عقلية الستينات من القرن الماضي


2 - فقدان الرؤية
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 5 / 8 - 13:06 )
غيبتني احداث خاصة عن حوارنا المتمدن عدة اسابيع وهذا اليوم الاول الذي اجد فيه متسعا لفتح الانترنت لاجد نفسي امام كوكبة من الكتاب من الاصدقاء والزملاء المحترمين ... فشدني مقال حضرتكم الذي وجدت فيه انسجاما تاما مع ما اطرحه منذ زمن بعيد وخصوصا التاكيد على ان الاخوان المسلمين يرفضوا التعددية السياسية ويرفضوا الديمقراطية ويرفضوا كل ما له علاقة بالتقدمية والتطور والحضارة.. وهي قوى رجعية تدميرية لكل طموحات الامة ومعادية لكل التطلعات ذات الصلة بالحرية والتقدم والتطور
ولطالما دعونا قوى اليسار والديمقراطية الى اتخاذ موقف واضح ومحدد منها يهدف الى عزلها وتحجيم دورها .. ولكن للاسف الشديد نجد بعض قوى من تدعي اليسارية تقف على الدوام في موقف وسطي لا يمكن له الا ان يكون مساندا لهذه الجماعة الرجعية سواء في فلسطين او في الاردن او غيرها من البلدان.
وموقف الحركة الشعبية في الاردن نموذج صارخ على هذا السلوك المدمر ذو الطابع الانتهازي الرخيص الامر الذي يستحق ان اتقدم لحضرتكم بالشكر لفضح هذا السلوك المشين ومن خلالكم ادعو كل من يحلم برؤية بلادنا وقد وضعت اقدامها على طريق الحرية والديمقراطية والتطور ان يساهموا باقصى طاقتهم لفضح هذه السلوكيات الانتهازية التي ان دلت على شيء فانما على فقدان الرؤية وضياع ال

اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين