الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما أو المؤثر السينمائي في قص محمود عبد الوهاب..... انطباع

قاسم علوان

2009 / 5 / 9
الادب والفن


نستطيع ان نجزم بان اغلب قصص محمود عبد الوهاب تصلح اكثر من غيرها للنقل الى السينما أو ربما كدراما تلفزيونية أي تحويلها الى مشهد مرئي.. من يستطيع ان ينسى مشهد بكاء المرأة في القطار في واحدة من قصصه المبكرة (القطار الصاعد الى بغداد) وهي منشورة في عام 1953 ذلك المشهد بتفاصيله الثرية من ناحية الوصف الصوري، مثلا حركة المرأة خلال بكائها برفعها ليدها وهي تمسح انفها ودموعها بكم ثوبها.. هذه الحركة أشبه ما تكون بلقطة كبيرة في داخل ذلك المشهد العام، وكذلك التفاصيل الأخرى في المشهد نفسه. لابد من أن نشير الى ان هذه القصة كانت قد أغرت القاص الراحل مهدي جبر وحولّها الى سيناريو فلم سينمائي لم ير النور (على خلفية اتمامه لدورة في كيفية كتابة السيناريو في معهد التدريب الإذاعي والتلفزيوني ببغداد في بداية الثمانينات من القرن الماضي..) وقد استعان كاتب السيناريو صديقنا الراحل في مشروعه ذاك بقصيدة الشاعر الراحل ايضا محمود البريكان (هواجس عيسى بن أزرق في الطريق الى الأشغال الشاقة) ونستطيع ان نوجز تفاصيل ذلك المشروع بان محمود عبد الوهاب كان قد بنى مشهد العربة في القطار الصاعد.. وأثثها بكل ما تحتاج اليه من شخصيات هامشية مختلفة ومعاناتها الاجتماعية وكذلك تنوعها.. فجاء مهدي جبر ووضع السجين السياسي (البطل الدرامي المفترض) عيسى بن أزرق وهو في طريقه الى الأشغال الشاقة وسجانيه في تلك العربة لتنثال هواجسه كمشاهد تذكر (فلاش باك) على خلفية تلك المعاناة.
اما اشتغالي على اعداد قصة (الشباك والساحة) كسيناريو لفلم روائي قصير.. فقد منحت هذه القصة نفسها لهذا النوع من العمل بسهولة متناهية، صحيح انها قصيرة لكنها عبارة عن وصف صوري لثلاثة مشاهد متوالية، المشهد الأول داخلي في غرفة الصبي المقعد وهو يراقب الاطفال في ساحة المدرسة من نافذة غرفته التي تطل على ساحة المدرسة وهو يجلس على كرسي بعجلات.. المشهد الآخر خارجي في ساحة المدرسة حيث الأطفال يلعبون بالكرة.. المشهد الثالث وهو عبارة عن حلم للصبي المعوّق داخل غرفة الدرس حيث التلاميذ والمعلمة وحوارات وتعليقات الطلبة على وجوده بينهم.. اما المشهد الرابع فهو عودة للمشهد الأول إذ تظهر لأول مرة شخصية الأم في المشهد وهي تحكي لأبنها مايسليه أو ينسيه وضعه واحساسه بالعجز الى ان يغفو.. وتنتهي القصة، اضافة الى بعض التفاصيل الأخرى التي هي من ضرورات السرد القصصي والتي سنأتي عليها.
جل الجهد الذي بذلته على هذه القصة لكي تتحول الى سيناريو هو اني جزّأتها الى تلك المشاهد فقط، نعم هناك بعض التفاصيل الصغيرة كما ذكرنا والتي تعني الكاتب وربما هي من صميم اشتغاله الأدبي كي يضعنا في الجو العام.. لكن تلك التفاصيل لاتعني هذا الجنس الفني الذي نعمل عليه، أو ربما لاني لا اجد لها مكانا في هذا المشروع، ولربما لصعوبة تنفيذها.. مثلا تعليق الرجلين المستطرقين عندما يسمعان صوت طائرة في السماء.. وكذلك المشهد الأخير في القصة حين يصف المطر في ساحة المدرسة إذ يحتمي الناس منه في الشارع المحاذي تحت شرفات المنازل أو وضعهم للصحف على رؤوسهم أو برفع ياقاتهم.. إذ ان تلك التفاصيل غير مهمة في الدراما.. ولا يمكن ان تؤثر على بنية الثيمة الرئيسية التي اخترنا الاشتغال عليها.
تحديدا في قصته (سطوح المظلات) نشعر فيها بانبهار واضح بتأثير وظيفة المرئي أو بما انجزته اللقطة السينمائية أو حتى المؤثر التشكيلي.. حيث نقرأ فيها وصف صوري لمشاهد محسوسة تكاد تكون مرئية لمفردات مميزة متحركة ايضا هي (المظلات) أو سطوحها.. أو للحياة في شارع من مدينة وارشو في يوم ممطر، حتى نكاد نرى حركة تلك المفردات (المظلات) وهي بيد الجموع مرة واخرى بيد ثنائي من العشاق.. والتعبير الصوري ينقل لنا من خلال حركة المظلات ابتعادا أو اقترابا، وكذلك زاوية الرؤية فهي مرة من الأعلى (كقطعة جلاتينية رخوة ترتج مظلاتهم فوق الرؤوس..) وأخرى مع مستوى النظر.. (وخارج اطار النافذة التي بجواري تلكأ وجهان..) نعم في القصة ما يمت للأدب وفن القص أو السرد حين يضع الراوي نفسه في عربة الترام ليصف انطباعاته الشخصية عن مايراه بلغة وصفيه ايضا محايده مثلما هي الكاميرا، ومرة يسير مع الجموع ويروي بضمير الجماعة (في المحطة التالية اجتزنا مقدمتهم.. أو تئز حولنا نحن ركاب الترام..) وأخرى بضمير المتكلم (لتستقر بين ساقي المرأة العجوز المطرقة امامي..) لكنه عندما يصف حركة الناس على الشارع في الصورة التالية (يطؤون بأحذيتهم اسماكا سوداء صغيرة متيبسة من أوراق الأشجار المتناثرة..) مثلا ان هذا التعبير الادبي يستحيل نقله الى السينما أو خلق معادل موضوعي صوري له، فهو ينتمي الى البراعة الأدبية اكثر منه لاستلهام وظيفة الصورة.. الكاميرا لاتستطيع أن تنقل أكثر من أوراق اشجار يابسه متناثرة تحت أقدام السائرين.. ولكن استعارة (اسماكا سوداء) يصعب نقلها الى السينما لان مثل هذا السياق المجازي خاص بالكتابة الادبية وحدها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع