الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستورنا وحقوق الانسان

نبيل قرياقوس

2009 / 5 / 10
حقوق الانسان


في ندوة ثقافية عرضتها ( الحرة ) الفضائية قبل ايام معدودة ، جذب اهتمامي ما فهمته من أحد متحدثيها وهو خبير قضاء عراقي ، من ان الدستور العراقي القديم والحديث ، وكذا جميع القوانين العراقية خالية من وجود أي مادة تخص حقوق الانسان المعدوم الذي يثبت فيما بعد براءته من التهمة التي أعدم بسببها أو أثبت الزمن فيما بعد عدم استحقاق الفعل الذي اعدم بسببه لعقوبة كالاعدام ، وان صح ما فهمته ، فان ذلك يشكل ثلمة كبيرة تعيب العدل العراقي ، بل يؤشر نقصا خطيرا في الابعاد الذهنية والمهنية لجميع الذين شاركوا في صياغة القوانين والدساتير العراقية ، ويقودنا الى ضرورة مراجعة كل القوانين الاخرى بعقلية وذهنية اخرى تعتمد منطق الجدل العلمي بمرونة الواقع واحتمالاته دون اي انحياز الى ( المكتبية ) او اي جهة اخرى سوى الحفاظ على القيم العليا المتمثلة بالعدالة وصيانة حقوق الانسان التي لا يعلو عليها شيء آخر .
يرى الكثير من المثقفين ان حركة افراد اي مجتمع على وجه المعمورة لها من العوامل العظمى المشتركة بحيث تجعلنا ملزمين ( منطقيا ) للاستفادة من مجموعة القوانين والنظم المسنة والمطبقة في الامم المتطورة حضاريا والتي نشهد فيها بأم اعيننا حدودا شبه متكاملة لمساحة الحقوق والحرية التي منحت للانسان فيها ليتمتع بأنسانيته دون انتقاص ، فلقد توصلت الامم الى تلك القوانين والنظم بعد قرون وعقود من المعاناة والضحايا ، ومن البحث والتعديل والتطبيق ، وأصبح لهذه النظم والقوانين خبراؤها وعلماؤها ، فهي علوم لها اصولها ونظرياتها ومعادلاتها الصعبة كحال نظريات علوم الفيزياء والكيمياء والطب والهندسة والفلك ، ولازالت هذه النظم والقوانين في تطور مستمر وبتناسب طردي مع انحسار ضغط الانظمة السياسية والاقتصادية وخلفياتها المختلفة المكبلة لحقوق الانسان وفكره ، وربما يفسر لنا ذلك ، الاختلاف النسبي والبسيط بين قوانين ودساتير نفس الامم المتطورة ، رغم ان نسبة العوامل المشتركة بين تلك القوانين يكاد يلغي ذلك الاختلاف البسيط ، وعلى كل حال فان نجاح تلك القوانين يجعلنا ، انسانيا ، ننحني احتراما وتقديرا لها ولجهود العلماء الذين اقروها ، في حين يجد مثقفونا من بينهم ( كحال كل المجتمعات الشرقية ) من تراه تمنى ويحلم ان يعيش تحت خيمة قوانين ونظم الامم المتطورة لكنه يمتنع عن قبول تأمين تلك النظم والقوانين في بلده بدعوى تعارضها مع معتقداته (حسبما يظن ) ، وتلك ازدواجية صعبة العلاج حقا !
دستورنا وقوانينا بحاجة الى اعادة نظر بمستوى من المعالجة والادراك يضع احتمالا لأن يكون حكم اعدام اي انسان ليس هو نهاية مطاف الحقيقة ! فقد تظهر مستقبلا دلائل اخرى غير متوقعة تقلب مجرى الاحداث رأسا على عقب ، هذا من جهة ، بينما قد يقر النظام المجتمعي او النظام السياسي الغاء العقوبة نهائيا على عمل او تصرف ما يقوم به شخص او مجموعة اشخاص بينما كان نفس العمل او التصرف يعد سابقا عملا يستحق الاعدام قانونيا ! ودليلنا ما كان يحدث بالامس القريب حتى 2003 حيث كان تشكيل اي حزب او الايمان باي فكر او معتقد او مجرد تأييد اي تصرف يعارض الحكومة وبالاحرى ( شخص ) واحد يخضع بشكل او آخر لعقوبة الاعدام رسميا! وهكذا يمكن الان القياس على صعد اخرى مختلفة بضمنها ما يخص الحرية الشخصية في التصرف او المعتقد .
الآن ، اظن ان كثيرين قد لا يرون الوقت مناسبا لالغاء عقوبة الاعدام عن جرائم القتل العمد تحديدا ، لكنهم يؤيدون الغاءها عن الجرائم الباقية مع ضرورة سن التشريعات الضرورية التي تعيد الحقوق المادية والاعتبارية لجميع المدانين الذين يثبت الواقع او الزمن عدم احقية ادانتهم ، وانا متأكد من ان للمختصين آراء اقرب الى الصحة !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة




.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا