الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس وفلسفة الظلم

محمد زهير الخطيب

2009 / 5 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


هناك توجه عام عند السياسيين إلى تجنب الحديث الطائفي، وهذا جيد، ولكن دعونا نقوم ببعض التصنيفات في العملية الطائفية، حتى لا تختلط الاوراق.
فهناك أولا العمل الطائفي، وهو مثلا أن يقوم مسؤول بتقديم أبناء طائفته في الشأن العام على غيرهم متجاوزا قواعد الخبرات والاختصاص، محدثا شرخا طائفيا سرعان ما يظهر للعيان لان مثل هذه الامور لا تخفى على الناس ولو بعد حين، وأية عملية إحصاء بسيطة تكشف المستور وتظهر الغش والتلاعب والتحييز الطائفي. وهذا هو أسوأ اشكال الطائفية.
ثم هناك ثانيا الحديث الطائفي، وهو أن يتحدث الانسان –دون العمل- بلهجة متحيزة لصالح طائفته أو بلهجة فيها إثارة أحقاد ونعرات ضد الطوائف الاخرى. وهذا أيضا سيء ويأتي في المرتبة الثانية بالسوء بعد سابقه.
ثم هناك نقد الممارسات الطائفية وهذا عمل جليل مطلوب من سياسي ومثقفي الوطن، فهو وإن كان شكله حديث في الطائفية، ولكنه مطلوب لانه يشير إلى المرض وينقد الخلل ويظهر الحقائق لاصحاب العلاقة قبل أن يستشري المرض ويخرج عن السيطرة.
وفي حوار مع صحيفة السفيراللبنانية مؤخراً قال بشار الأسد: (هل دخل روجيه غارودي إلى السجن أم إلى مكان تسلية عندما تحدث عن الهولوكوست؟ ... إذاً الرأي في دول ديمقراطية يعتبرون أن له جانباً تقييدياً، إذا وقفت خارجاً الآن وتحدثت في موضوع طائفي، ألا يعتبر هذا رأي؟ لكنه ممنوع في القانون).
وفي هذا الكلام مغالطات يلزم توضيحها حتى لا تختلط الامور.
بشار الاسد ومن قبله أبوه مارسو الاعمال الطائفية بأبشع صورها حتى غدا قطاع الجيش والمخابرات حكرا عليهم وخاصة في المناصب العليا وأية إحصائية بسيطة تؤكد ذلك، وهذا لا يدعونا إلى إتهام طائفتة ككل بل إن كثيرا منهم تضرر مع المتضريين، بل وسجن مع المسجونين.
بشار الاسد لم يتكلم في الطائفية لانه ليس بحاجة إلى الكلام فقد سبق كلامه فعله، وعدم كلامه في الطائفية لا يعفيه من مسؤولية ممارسة الطائفية عملياً بابشع صورها.
بعض السياسيين والاعلاميين السورين الذين يقبعون اليوم في سجون النظام ظلماً تكلموا في الطائفية، نعم للحق والتاريخ فانهم تكلموا في الطائفية، ولكنهم تكلموا في نقدها وكشف عوارها ووضع الاصابع على ممارسيها عملياً.
فأي خلط وتهريج في حوار الرئيس على صفحات السفير؟ وأي الفريقين أحق بالحساب والعقاب، من مارس الطائفية بأبشع صورها أم من نقد الطائفية وشنع عليها؟ أي خلط للاوراق واستخفاف بالعقول يحاوله سيادة الرئيس الشاب؟
ثم إن جارودي لم يسجن كما ذكر سيادة الرئيس، صحيح أنه حوكم ولكنه دفع غرامة مالية بسيطة ولم يدخل السجن، وتأتي محاكمة جارودي في نقطة من نقاط ضعف القضاء الفرنسي الذي تجنى على حرية التعبير ليرضي اليهود في مسألة منع التشكيك في الهوليكوست، أفتصبح هذه الثغرة المخجلة في القضاء الفرنسي حجتنا في اعتقال عشرات الوطنيين المخلصين وزجهم بالسجون بتهم كيدية سخيفة ومحاكمات صورية ظالمة يندى لها جبين العدالة.
بشار الاسد يملك اليوم القوة ليظلم كيف يشاء، ولكنه لا يملك الحجة ليقنع الناس بظلمه، وهو إن استطاع أن يخدع بعض الناس بعض الوقت، لن يستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت.
أمام سورية طريق طويل في الاصلاح، وأول خطواته إنهاء حالة الطوارئ وإلغاء المحاكم الاستثناية، وإطلاق سراح سجناء الرأي الابطال، والسماح بتشكيل الاحزاب وإطلاق حرية الصحافة المكبلة، وأطول الطرق يبدأ بخطوة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ساهمت تركيا في العثور على مروحية الرئيس الإيراني المحطمة


.. كأس الاتحاد الأفريقي: نادي الزمالك يحرز لقبه الثاني على حساب




.. مانشستر سيتي يتوج بطلا لإنكلترا ويدخل التاريخ بإحرازه اللقب


.. دول شاركت في البحث عن حطام مروحية الرئيس الإيراني.. من هي؟




.. ما المرتقب خلال الساعات المقبلة حول حادثة تحطم طائرة الرئيس