الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال الدولة فوق القانون

حيدر سهر

2009 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


مرة أخرى نرى ونسمع من خلال وسائل الأعلام صدور أوامر اعتقال بحق بعض المسؤولين في الدولة بسبب تورطهم في الفساد الإداري، وهذه المرة وجهت الاتهامات إلى وزير التجارة وبعض المدراء العامين في الوزارة. وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر بها الجهات الرقابية أوامر اعتقال بحق المسؤولين الذين تورطوا بالفساد المالي، فقبلها الكثير من الشخصيات التي ارتبط اسمها بالفساد ، كوزير الدفاع السابق حازم الشعلان ووزير الكهرباء أيهم السامرائي الذين هربوا أو (هرُّبوا) إلى خارج العراق بصفقات سياسية معروفة للجميع في تلك الفترة وسرقوا من قوت الشعب الملايين من الدولارات تحت صمت الجهات المعنية التي سوغت لهم هذه السرقات وكافأتهم بعدم ملاحقتهم قانونيا عن طريق الانتربول.
أن وزارة التجارة هي من الوزارات المفصلية المرتبطة بالمواطن العراقي بطريقة مباشرة، فهي التي تهيئ له مفردات البطاقة التموينية من المواد الغذائية، وأي تقصير من هذه الوزارة سينعكس بصورة سلبية على حياة المواطن العراقي ، وطوال الأعوام الست الماضية عانى هذا المواطن الويلات من هذه الوزارة، فوزير التجارة وأشقائه وقبيلته سيطروا عليها وأصبحت هذه الوزارة ملك خاص لهم وأصبحوا من كبار التجار في العراق مستغلين صلاحيات الوزارة لأغراضهم الشخصية، فصفقاتهم المشبوهة واستيرادهم للمواد الغذائية التالفة إضافة إلى الاختلاسات الكبيرة للأموال وقبول الرشاوى ،ساهم في ضعف أداء وزارة التجارة وانعكس سلبيا على حياة المواطن وبالتالي أدى إلى معاناته فهذا المواطن يعتمد بالشكل الأساس على مفردات البطاقة التموينية.
هنالك أسئلة وأستفهامات كثيرة على وزير التجارة الذي ارتبط اسمه بالفساد في الآونة الأخيرة ،فعدم ظهوره على الملأ وتكذيب الاتهامات والادعاءات الموجهة إلى وزارته والاكتفاء بتصريحات على لسان مكتبه الإعلامي ،مدعيا أن هذه الاتهامات ما هي ألا تصفيات سياسية أو حقدا على وزارته لأنها كفوءة!؟ من دون تقديم دليل فهذا الأمر يدين الوزير ،فكان الأحرى به أن يتحلى بالشجاعة ويدعو الجهات الرقابية للكشف عن الفساد الإداري ومن تورط به وان لا يتشنج ويصرح بمثل هذه التصريحات أن كان هو بريء.
أن الحكومة العراقية أصبحت تغض النظر عن الكثير من المسؤولين الذين تورطوا بالفساد الإداري بسبب صفقات سياسية وكأنها تعطيهم الحصانة الكاملة وعدم المساءلة القانونية، وما التصريح الأخير للناطق الإعلامي باسم خطة فرض القانون قاسم عطا من عدم صلاحية أوامر الاعتقال بحق وزير التجارة وبعض المدراء العامين بسبب أن هذه الأوامر قد صدرت في وقت العفو الذي أطلقه رئيس الوزراء ما هو ألا ضحك على الذقون وما هو ألا لعبة سياسية يحركونها كيفما يشاءون، فيبرئون من يريدون ويجرمون من يشتهون.
أن حماية المفسدين في الحكومة وحصانتهم من المساءلة القانونية في العراق أصبح أمرا معتاد عليه وما نسمع من تصريحات هنا وهناك بسعي الحكومة للقضاء على الفساد الإداري وملاحقة من تورط به ما هو ألا تصريحات إعلامية بعيدة عن الواقع فجهود الحكومة في هذا المجال كالذي يحرث في الماء، فرجال الدولة أصبحوا فوق القانون والفساد الإداري اثر سلبا على توفير الخدمات للمواطنين واثر على البنى التحتية للبلد وعلى إعادة الأعمار المنشود، وأصبح كحشرة تنهش بالاقتصاد العراقي وتعود به إلى العصور الحجرية، فتصدر العراق لقائمة الدول الأكثر فسادا في العالم ساهم في انعدام الثقة بين العراق وصندوق النقد الدولي واثر سلبا في أعطاء القروض المتفق عليها لإعادة الأعمار خوفا من صندوق النقد الدولي على ضياع هذه الأموال في مشاريع وهمية.
أن ما وراء الفساد الإداري والمالي في العراق جهات ودول إقليمية لا تريد بالعراق أن ينهض لأنه يمتلك كافة الموارد التي من شانها أن تجعله قوة اقتصادية كبيرة في الشرق الأوسط وهذا سيؤثر على تلك الدول، ومن هنا يجب على رئيس الوزراء أن يتحلى بالشجاعة وان يخرج من صمته المطبق ويوضح موقفه من المفسدين ويلاحق وزراء حكومته الذين اشبعوا جيوبهم من المال العام، أما صمت الحكومة على هذه الاختلاسات ستضعف ثقة المواطن بالحكومة وما سيكون لها من تأثير على الانتخابات البرلمانية القادمة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل