الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملح هذا البحر ورمزيّة ثريّا

فؤاد سليمان

2009 / 5 / 10
الادب والفن


السبت 9/5/2009
الخطّة كانت أن أقوم بدعوة زوجتي إلى وجبة عشاء احتفاليّة، بعد أن عادت قبل يومين من ألمانيا حيث دافعت بنجاح عن رسالة الدكتوراه في الفلسفة. بعد أن اقترحت عليها ذلك قالت أنَّ هنالك عرضا افتتاحيا لفيلم "ملح هذا البحر" وأنها تفضل حضوره. وهي تقول لي هذا تذكرت ما كنت قد قرأته قبل أشهر في مجلّة "ترفزيون" عن الفيلم. "إنه قصّة حبّ بين شاب وصبيّة فلسطينيين وهو من تمثيل صالح بكري، أليس كذلك؟" قلت لزوجتي التي ردّت على الفور: "نعم. إنه فيلم صالح الجديد". قمنا وذهبنا.
وصلنا إلى مسرح الميدان، مكان عرض الفيلم، قبل بداية العرض بمدّة كانت كافية لكي نجلس ونتجاذب أطراف الحديث، وكم كان سروري شديدًا عندما علمت أن إحدى صديقات أختي، والتي كانت ضمن مجموعة فتيات جلسن معنا، تتابع مقالاتي في الاتحاد. لا أبالغ إذا ما قلت أن هذه المعلومة كانت كافية لكي تشعرني أن أمسيتي سوف تكون ممتعة للغاية، فأنا مثل أي كاتب، لا أرى متعةً تضاهي متعة أن يقوم القراء بالإطراء على ما تكتب، وخاصّة إذا ما كان هؤلاء "القرّاء" من الجنس اللطيف. بعد هذه البداية اللطيفة والواعدة أسرعت إلى مقهى المسرح فاشتريت الـ"بوب-كورن" لزوجتي ولي، ثم جلسنا منتظرين بداية الفيلم.
يحكي الفيلم قصّة امرأة فلسطينيّة تسكن في أمريكا تقرر العودة إلى فلسطين، التي نزح أهلها عنها عام 1948. فور وصولها تحاول استرجاع أموال كان جدّها قد أودعها في بنك في يافا قبل الـ48. الدراما تبدأ حين يخبرها مسئول في البنك أن القانون الإسرائيلي لا يعترف بحقها وأنها لا تستطيع المطالبة بالنقود. خلال سعيها، تتعرّف ثريا، وهي الشخصيّة الرئيسيّة، التي تقوم بدورها الممثلة سهير حمّاد، على الشاب الفلسطيني عماد، الذي يقوم بدوره الممثل صالح بكري. بعدها يقوم الاثنان بالتخطيط لسرقة البنك واستعادة نقود الجدّ بالقوّة، وفعلاً يذهبون وينفذون خطّة السطو على البنك. بعدها تعود ثريّا إلى يافا، إلى ما كان يومًا بيت أهلها، وتسكن مع المرأة اليهوديّة التي صارت صاحبة البيت وفي أحد المقاطع اللافتة للنظر تغضب على المرأة اليهوديّة وتصيح فيها وهي تحمل مزهريّة وتلقيها أرضًا: "هذا بيتي...أخرجي من هنا...".
بعد عرض الفيلم في مهرجان "كان" كتب الناقد السينمائي "جيمس روشي" نقدًا أشار فيه إلى أن الفيلم ينتهي بمشاهد سينمائية رائعة، لكنه أضاف أيضًا أن شخصيّة ثريّا هي بمثابة رمز أكثر من كونها إنسان، بمعنى أنها ترمز لقضيّة وطنيّة ولا تشكّل شخصيّة واقعيّة، وأن هذا الأمر يُضعِف الفيلم. أنا أوافق "روشي" الرأي في ملاحظتيه، الإيجابية والسلبيّة، إذ أن استعمال الشخصيّات كرموز يجب ألا يأتي على حساب أبعادها الإنسانيّة، وإلا فإنها قد تتحوّل إلى شخصيّات مُسَطحة.
قضيّة حق العودة تشكِّل محور الفيلم، ورسالة آن ماري جاسر، كاتبة ومخرجة الفيلم، واضحة ومقبولة، وهي أن حق الفلسطينيين لا يؤخذ إلا بالإرادة والمثابرة وأن الماكينة الإسرائيليّة ما هي إلا أداة قمع وظلم. من ناحية أخرى، أراني مُتَّفقا مع زوجتي التي تقول أن الفيلم لا يرى أي جانب ايجابي لدى الطرف اليهودي، ولو كان لي أن أقول جملة واحدة للكاتبة-المخرجة لكنت قلت لها: "لا ضير في أن نرى الوجه الإنساني للعدو، فهو في نهاية المطاف إنسان، وحين نفعل ذلك يصير فننا ذا قيمة أعلى".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال