الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة اقتصادية لمفهوم الهوية الوطنية

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2009 / 5 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



(إننا عندما نريد الصلاة نتوجه صوب مكة، وعندما أردت بناء بلادي توجهت صوب اليابان.)
مهاتير محمد- رئيس وزراء ماليزيا السابق

ان هذه الورقة بأقسامها الاربعة ما هي الا محاولة للتحري عن فاعلية الحراك الاقتصادي في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها في عام 1921 بافتراضه محورا من محاور الهوية الوطنية والحاضن للكثير من الانتماءات الإثنية والعرقية .
القسم الاول
تمهيد

لا بد لنا من الإقرار مقدما إن مفهوم الهوية لا زال أسير الضبابية والإبهام و قد أصبح من الصعوبة بمكان أن نجد تعريفا محدداً لهذا المفهوم في خضم هذه الحزمة من المفاهيم المعاصرة التي طفحت على سطح الخطاب السياسي النخبوي ، ولعل مرد هذا الاستعصاء على الوضوح هو نجاح مفهوم الهوية في الانتشار السريع وذيوعه اللافت سواء على الْسِنة السياسيين أو أقلام المشتغلين في الاجتماع السياسي ، حيث إن اتساع دائرة التداول للمفاهيم لا يزيدها إلا غموضا والتباسا و يكاد هذا القول أن ينطبق على معظم فروع المعرفة .
وان الذي زاد الأمر تعقيدا تداخل مفهوم الهوية بقوة مع مفاهيم أخرى مثل المواطنة أو الولاء حتى أوشكت أن تتبادل مواقعها عند الكثير من الذين يتداولونه
فلو اُريد التنقيب عن هذا المفهوم في مظانه ، لوجِد انه لا يعدو أن يكون مصطلحا غربيا كالعادة ، وانه قد ظهر في الستينات من القرن الماضي، و في الولايات المتحدة تحديدا ، حيث انحصر استخدامه في طرح مشكلة الأقليات، أما المصطلح العربي فيشير الى مدلول اقرب الى الفلسفة منه الى علم الاجتماع ففي كتابه "التعريفات" يُعَرِّفُ الجرجاني الهُوِيَّةَ بأنها: "الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق إشتمال النُّواة على الشجرة في الغيب المطلق" فمن السهل ان تشم رائحة الفلسفة في هذا التعريف سيما ان الهوية (تلفظ عند الاقدمين مضمومة ) وعليه يمكن القول ان اشتقاقها عندهم من الضمير ( هو ) ، في حين ان المصطلح الحديث ينتمي الى علم الاجتماع ويكاد اشتقاقه اللغوي يقترب من( الهوى) او الانتماء الذي ممكن ان يتحول الى ادراك متعمق للوجود يجعل العلاقة مع الآخرين متكاملة.وعند مقارنتها بمفهوم المواطنة ، كما يخلط البعض بين المفهومين ، نرى ان المواطنة تحدد كنه الرابطة بين الدولة والفرد وهي دالة قانونية تبنى على منظومة الحقوق المدنية والسياسية ،الأساسي منها والمكتسب ، فضلا عن الواجبات التي تحددهما القوانين الأساسية للدولة، وان مفهوم المواطنة ينبثق من الوطن كرابط جغرافي أما الهوية فتكون اقرب إلى التاريخ ، والهوية ممكن أن تتسامى وتتحول إلى مواطنة وحينئذٍ تكون الأساس لبناء الدولة الحديثة .فالمواطنة تتعدى كل الهويات الفرعية الأخرى وهي هوية كبرى وانتماء موضوعي للدولة الحاضنة للجماعات المتشاركة في جغرافية الوطن .
ان الهوية ممكن ان تكون دافعا للرفاه تمنح حامليها دفء الانتماء للجماعة وتمدها بالتضامن والاستقرار، ولكن عندما تضيق محدداتهها وتختزل القواسم المشتركة، تتحول الى مصدر للترويع والعنف حينها يكون التفرد مدخلاً لتعاطي فن الكراهية وامحاء الاخرين (ينظر :الهوية والعنف – امارتيا صن)
ويبدو ان الاهتمام بالهوية الوطنية العراقية قد فرض نفسه كناتج عرضي لسقوط الدكتاتورية وهروع الهويات الفرعية بقفزة واسعة الى الوراء بما يناهز قرن من تاريخ العراق المعاصر وعكوف مدّعي زعامة هذه الهويات على مراجعة العقد الاجتماعي الذي تشكلت به الدولة العراقية عام 1921ومن ثم بعثرة حبات هذا العقد و التزاحم على لظمها بخيط من غزل آخر يقوى على تحمل الشد بأيدي متعاطي السياسة في الموزائيك العراقي.
ان ذلك التنازع لم يلد ذلك سوى الاختلال في مسار الهوية الوطنية وتمظهره بالانكفاء على الولاءات الصغيرة والحاضنات الفرعية والجنوح بدفة الانتماء صوب الصراع على عملية توزيع المواقع السياسية والاجتماعية والاحتكام إلى المحاصصة على وفق تلك الولاءات الأمر الذي يكرس عوامل التقسيم والاحتماء بالعصبيات النكوصية .
لا ريب إن الدولة المدنية الحديثة بمختلف مؤسساتها الوطنية تمتلك القدرة على تفكيك منظومة الولاءات الجزئية والارتقاء بها إلى أفق أوسع من غير أن تلغيها بالقسر والإكراه ومن غير ان ترمي مواطنيها في أتون الضياع والاغتراب، والحالة هذه يسهل استهدافهم من قبل (دوقات) الطوائف وتجييشهم في تحقيق أهداف ذاتية غالبا ما تكون مصدرا لتهديد السلم الأهلي وتقويض بناء المواطنة و الدولة برمتها والحيلولة دون قيامها بأهم واجب من واجباتها وهو ولا ريب إدارة الفعاليات الاقتصادية والاستفادة من الموارد والطاقات وإيجاد الفائض الاقتصادي المطلوب في تذليل المشكلة الاقتصادية وإعادة بناء العلاقات الإنتاجية المؤدية للعدالة الاجتماعية من خلال تحقيق أقصى ناتج إجمالي .
فلا بد للدولة أن تضع نصب أعينها كل ما يبعث على التوازن والاستقرار في المجتمع والذي بدوره يكون قاعدة لتطوير الإنتاج وخلق حالة من النمو والتكامل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة مما ينعكس على زيادة الإنتاج الاجتماعي وانتعاش المواطنة السليمة لتكون الأساس المتين لصنع المنجز الحضاري وهنا تكون العلاقات الإنتاجية هي جوهر الحركة الاجتماعية المجسدة لهوية الجماعة الوطنية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث