الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة العربية بين الانقراض وفورة المقاومة:على هامش مناظرة ادونيس وفواز طرابلسي

فالح الحمراني

2009 / 5 / 11
الادب والفن



ان مقولة انقراض الحضارة العربية الذي يتحدث عنها الشاعر اودنيس تحث على الانبعاث ومعارضة طرابلسي لها واشارته لوجود ما يصفه بفورة ثقافية مقاومة ومعارضة هو اقرار ضمني بالركود.ان كلمات اودنيس تشبه السوط الذي تحدث عنه الشاعر الراحل محمد الماغوط حينما طلب من رواد الفضاء نقله معهم لتسليم الرب سوطا لضرب الامة "علها تستفيق".
ان السجال بين اودنيس وطرابلسي الذي دار على صفحات جريدة" السفير " اللبنانية(1و6/5/2009) هو في حقيقة الامر استمرار لجدل طويل يدور منذ بداية القرن الماضي. تناول البحث عن الهوية او تأصيلها والموقف من التراث وما يمكن الابقاء منه ورفضه، وكيف ينبغي علينا قراءته، ودار صراع عنيف بين دعاة التجديد والمحافظين. وما ينبغي ان ناخذه من الثقافات الاخرى. وبرزت في غضون ذلك اسماء وتيارات من الجانبين سرعان ما اختفت، بيد ان القضايا التي طرحتها مازالت ماثلة وحيوية تستدعي النقاش الشفاف والمتروي المتأهب لتقبل الاخر واعادة النظر بما في جعبته، ويمتلك قدرة الاقناع والبرهان للوصول الى الحقيقة.
والجدل دار في اطار ردود الفعل التي اثارتها محاضرة الشاعر ادونيس خلال زيارته لكردستان العراق 14 (ـ 24 ابريل/ نيسان الماضي )نفى فيها ان يكون قد وصف الحضارة العربية بأنها «جثة نتنة»، لكنه اكد ان «ان الحضارة العربية انقرضت والعرب ينقرضون.
وكان قد ساهم في هذا الجدل المتواصل والذي يثار من جديد وكل على طريقته مختلف المفكرين والمؤرخين والادباء والفلاسفة والمنظرين في كافة البلدان العربية. ادلى كل بدلوه وجاءلاغناء الحوار
او احتكاره. وساق هذا الجدل بالبعض حتى الى المحاكم والخصومات الشخصية. ومحور القضية يدور حول ما اذا ما اذا كانت الثقافة/ الحضارة حية ام انها انقرضت وهل علينا الاكتفاء بما لدينا ام نبحث عن مصادر نهضوية لان ورثة الثقافة/الحضارة العربية في كل البلدان العربية عاجزين عن النهوض بها من جدبد ومنحها زخما ودماءا وحوافزا جديد ورفدها بابداعات جديدة كالابداعات التي جاء بها السلف في عصور ازدهار الثقافة العربية وفي مختلف المجالات العلمية والانسانية، وبث الحيوية حتى الحياة اليومية التي غدت اليوم رمادية لاطعم فيها ولا افاق وردية لها.وهل ان النظام العربي الاجتماعي/ السياسي القائم هو القالب المناسب لشحذ القدرات الروحية والانسانية الكامنة لدى الانسان العربي وتجسيد ذاته كفرد وكمجموع.
ان طروحات اودنيس وطرابلسي على صفحات السفير هما اختصار لموقفين ولمنطقين سائدين في صفوف المثقفين العرب وليس وحدهم. واحد يرى ان العرب اصبحوا في ظل التطورات العاصفة بالعالم منذ بداية القرن الماضي وخاصة في عصر العولمة وما بعد مرحلة النهضة الصناعية" في خبر كان" وانهم يعيشون على هامش ورصيف الحضارة والثقافة المعاصرة رغم قدراتهم الاقتصادية والبشرية ولا يساهمون بصنع القرارت الدولية حتى تلك التي تخص مصائرهم ومستقبلهم ومشاكلهم والتحديات التي تواجههم حتى كوجود، وغير قادرين حتى عن الدفاع عن بعضهم الاخر وليس لديهم اضافات في الحضارة العالمية . فكم من العرب حصلوا على جائزة نوبل في العلوم ؟ وحتى الانسانية.
والاخر ير ان جذوة "الروح العربية" مازالت متوهجة وانها في سبيلها للاشتعال اكثر فاكثر لتقدم من جديد اضافتها ومساهمتها في الحضارة العالمية. ويرمي البعض اللوم على الانظمة العربية، التي لا تنشغل باستراتيجيات نهضوية وتنموية بعيدة المدى، بما في ذلك تطوير الدولة لتكون دولة المؤسسات والقانون، بينما يرى البعض الاخر ان العلة تكمن في حالة التخلف المستديمة التي تعاني منها الجماهير العربية.
ان احد اطراف السجال يرى ان على العرب الانطلاق من مورثهم الثقافي والمعرفي والاكتفاء الى الحد الاقصى بالذات والهوية لاقتحام العالم بالبحث عن الجوانب الوضاءة في الموروث والانطلاق منه، الاخر يتخذ الغرب وما يدور في بوصلته مصدرا لانبعاث الروح العربية الجديدة، في كافة المجالات العلمية والانسانية وتركيبة الدولة والمجتمع. استيعاب تجربة الغرب للانطلاقة نحو افاق جديدة، للتكيف مع العالم المعاصر ومواكبة تطوره.
ونجم هذا السجال عن ظهور تيارين بارزين لهما اعلامهما المعروفة. بيد ان العطب الذي شل الجميع هو النظرة الواحدية للامور المطروحة. كل اطر على وجود طريق واحد للوصول الى النهضة العربية. الاول باسلتهام الموروث الديني خاصة حتى من دون الفكري الذي انتجته الحضارة العربية/الاسلامية والاخر نبذ كل ما يتصل بذلك والاعتماد على اسس حضرية جديدة مستحدثة من واقع اليوم او مستوردة من حضارات اخرى على الاغلب الغربية.
ان ادونيس على حق باقراره الشجاع بغياب الثقافة العربية في العصر الراهن. فان العربي لم يقدم اضافة جديدة في المجالات العلمية المختلفة، ولا في الفنون الموسيقية والتشكيلية وظلت المحاولات الادبية الناجحة تقليديا للتيارات الادبية المعاصرة ولا اريد ان اقول اجترارا ولم يستغل في اكثر بلدانه حتى ثرواته الطبيعية وتوظيفها لحياة كريمة لسكانه وظل العالم العربي برمته يعانب من التبعية للاخر. واعتقد ان علينا ان نتفكر ونتمعن بهذه الصرخة الشجاعة لمحاسبة الذات ونقدها ووضع الوصفات الناجعة لتجاوزها. لنحدد اين موقعنا كبلدان عربية كل على انفراد وكتجمع بشري له لغة وموروث ديني وتاريخي وادبي واحد في عالم اليوم، بل ما اذا صنعنا حتى نجعل ظروف معيشتنا افضل واجمل تساعدنا على تحقيق انسانيتنا.ان تجاوز الازمة لا يتم الا من من خلال وعي الذات وعيا موضوعيا، وادراك ان العطب جاء من الداخل وليس بسبب مؤامرة. فمنطق التاريخ يكشف عن سعى كل طرف لتحقيق مصالحه واهدافه ولو حساب الاخر.
ويلوح لي ان صوت طرابلسي هو صوت من يعاني من سكرات الموت ويشعر باليأس، شعور من يتمسك بالقشة ليقول ان وسيلة النجاة ما زالت بيده. لكنه لم يقنعنا ابدا بانه سيصل الى شاطئ الامان الذي يلوح انه بعيد المنال. انه صاحب مشاعر نبيلة وحسب. حقا ان الاسماء من كبار الادباء والشعراء العرب غير كافية للبرهنة على حيوية الروح العربية، ففي نهاية المطاف انها نتاجهم محاولات على الاغلب فردية اغلبها منبوذ على مستوى البلد الواحد، كما ان اغلبها لم تتعد اللغة العربية ولم تجد اقبال عليها في الثقافات الاخرى لانها خالية من الفتوحات. انها على الاغلب ذات مضامين محلية صرفة، لم تطرح اشكال سرد جديدة واداة خاصة.
ان الاقرار بالهزيمة افضل من تبريرها، لان المعاناة سبيل للتجاوز.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في