الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أساتذة البعث في جامعات العراق

أبو مسلم الحيدر

2004 / 4 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أبتدأت دراستي الجامعية في العام 1973 في كلية الهندسة التكنولوجية (التي أصبحت فيما بعد الجامعة التكنولوجية) في بغداد. كان الطلبة هناك يستقطعون من المبالغ الضئيلة التي يحصلون عليها من أهاليهم ليتمكنوا من شراء بعض الكتب الثقافية العامة كدواوين الشعر وكتب القصص والروايات والكتب الفلسفية وعلم النفس والسياسة والعلوم وكتب الأجتماع وحتى كتب الخط العربي وكان كل طالب يشعر بالفعل إنه في طور الدراسة الجامعية وبناء الشخصية المعرفية، وكنا نجلس في حلقات في نادي الطلبة لنتناقش في مختلف المواضيع وكنا نزور الكليات الأخرى في بغداد ونتابع نشاطات إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين والفرق المسرحية والندوات السياسية ونشاطات مجلس السلم والتضامن والمعارض الفنية و المتاحف ونذهب في سفرات طلابية.
كان بعض الطلبة متواجدين معنا دائماً لكنهم ليسوا جزءاَ من هذه النشاطات الطلابية، فهم أغبياء الى درجة إنهم لا يستطيعون المساهمة في أي نقاش ولا المشاركة في أي موضوع ولكنهم متواجدون لسبب آخر، وهو متابعة (زملائهم) الطلبة وكتابة التقارير عنهم إلى "الحزب القائد" وأجهزته الأمنية عبر مؤسستهم الأرهابية والتي كانت تسمى (زوراً) "الأتحاد الوطني لطلبة العراق".
في آذار من عام 1978 تم إلقاء القبض علي في الجامعة وأخذوني إلى مديرية الأمن العامة في بغداد (وما أدراك ما مديرية الأمن العامة وطرق التعذيب فيها) وبعد تسعة أشهر في السجن الأنفرادي تم تحويلي إلى معتقل الفضيلية (في بغداد) وإحالتي إلى (محكمة الثورة) والتي كان لي فيها عدد من (الجلسات) أمام رئيسها آنذاك المجرم مسلم الجبوري.
بعد قيام الأرهابي صدام بطرد المجرم البكر وتسلم منصب رئيس الجمهورية في تموز 1979 أصدر عفواً عاماً وتم إطلاق سراحي في آب من عام 1979 بموجب هذا العفو وتم إعادتي إلى الدراسة الجامعية (حيث كنت وقتها في السنة الجامعية الثالثة).
المفاجئة هي عند عودتي الى الدراسة. وجدت الطلبة كلهم على نفس نمط تلك المجموعة الصغيرة المنبوذة من الأغبياء وكتاب التقارير. منهم من هو حقاً من هذا النمط ومنهم من يمثلون هذا الدور(لأنفاذ أنفسهم وأهليهم من الموت المحقق الذي هو نصيب كل من يعي أو يدرك الحقيقة في زمن البعث القائد). أما المفاجئة الأخرى... وجدت إن الأساتذة الجامعيين (المهمين) في الجامعة، ورؤساء الأقسام ومعاوني رئيس الجامعة ورؤساء كل دوائر الجامعة ومكاتبها هم ممن كانوا يتابعوننا من الأغبياء وكتاب التقارير. ووجدت من قام بالتحقيق الأولي معي في "الأتحاد الوطني لطلبة العراق في الجامعة" وجدته إستاذاً في الجامعة والكل يخشاه ويرهبه. ووجدت مساعدته في تلك المنظمة الأرهابية رئيسة لدائرة التسجيل (ملفات الطلبة) ووجدت مسؤوله الحزبي مساعداً لرئيس الجامعة لشوؤن الطلبة والأخرين كذلك تقاسموا كل المراكز الأدارية وكان أشدهم قسوة أعلاهم مركزاً والصغار منهم أصبحوا مدراء للمختبرات والورش العلمية.
في بداية السبعينيات من القرن الماضي، ونظراً لعدم وجود بعثيين ذوي درجات علمية عالية أو أكاديميين، توجه الحزب العفلقي الأجرامي إلى إرسال الكثير من منتسبيه (وحسب كفائتهم في كتابة التقارير وممارسة الأرهاب في المؤسسات التعليمية وفي المجتمع) إلى دول أوربا الشرقية وبعض الجامعات الفرنسية والأمريكية والبريطانية الغير عالية المستوى والتي لا يحتاج الطالب فيها إلى جهد كبير للحصول على الشهادة التي يريدها له "الحزب والثورة" وبمسعى خاص من "حكومة الحزب القائد".

بعد سنوات وبفعل الصدف والضروف تمكنت من إتمام دراستي العليا في العراق وبعد سنوات تمكنت من أن اكون مدرساً جامعياً (حيث عملت في عدة كليات وجامعات عراقية) وأصبحت أكثر قرباً من "علماء البعث القائد" لأعرف مستوياتهم وإمكانياتهم العلمية ووجدتهم على نفس المستوى الذي كانوا عليه (هم ورفاقهم) عندما كانوا طلبة، لا شيء فيهم يدلل على إية إمكانية علمية أو ثقافية أو إجتماعية أو قيادية وكل مؤهلاتهم التي يفتخرون بها هي مراكزهم الحزبية ومناصبهم الأدارية والتي كانوا يحصلون عليها تكريماً للجهد الذي يقدمه (الرفيق البعثي منهم) لخدمة الحزب والثورة والذي يتم حسابه بعدد التقارير(والتي غالباً ما تؤدي إلى الأعدام) التي يكتبها وعدد الرجال (المساكين)الذين تمكن من إلقاء القبض عليهم ليكونوا مقاتلين في الجيش الشعبي وجهده في نشر فكر القائد بين صفوف الطلبة ومقدار عمله على نشر فلسفة الخوف والخنوع بين أبناء المجتمع أما إذا تمكن من كشف مجموعة أو فرد وتوصيفه كمعادي للقائد والحزب والثورة وكانت النتيجة إعدام ذلك المعادي، فإن الرفيق سيرتقي السلم بخطى سريعة.
إن هؤلاء (الرفاق) هم الذين قلبوا الجامعات العراقية رأساً على عقب وهم الذين جعلوا الطلبة الجامعيين الجدد بمستوى ثقافي ضحل جداً جداً (وهذا واضح في سلوك أعداد كبيرة من الطلبة الجامعيين الآن). إن هؤلاء (الرفاق العلماء) هم الذين إجتهدوا لتكون الجامعات العراقية مفرغة من كل فكر إلا (شطحات القائد وبهلوانياته). إن هؤلاء هم الذين عملوا بكل قوتهم على تدمير وتشويه أمل العراق ومستقبله من الشباب الجامعي الذي هو أساس بناء المجتمعات والشعوب.
إني لأستغرب أن أسمع بعض من ينادي بعودة هؤلاء الى العمل.
أي عمل يستطيع مثل هؤلاء المجرمين ممارسته في عراقنا الجديد؟
هم لا يعرفون شيئاً إلا الدسائس وكتابة التقارير وتدمير الشباب وتزييف الحقائق والتحريض على القتل والأرهاب.
إن قانون إجتثاث البعث يجب أن يركز على هؤلاء (وعلى العاملين في مجال التدريس) أكثر من التركيز على غيرهم ويجب أيضاً أن تكون ضوابط تطبيق هذا القانون في الجامعات والمؤسسات التعليمية أشد وأكثر دقة مما هي عليه في المجالات الأخرى.
هؤلاء هم من يعمل على تخريب الأجيال التي يسعى جميع الشرفاء العراقيين إلى المحافظة عليهم لضمان مستقبل العراق كبلد ديمقراطي وأمة حرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية