الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين صدام وشارون

تحسين المنذري

2002 / 6 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم تهن مصيبتنا علينا حينما رأينا مصائب الآخرين، ذلك إن ما قاسيناه وما زلنا نقاسيه نحن أبناء العراق يعتبر بكل المقاييس فريداً من نوعه ولم نر أو نقرأ عنه. ولهذا، فرغم حزننا الشديد وغضبنا على ما يحل بالأشقاء الفلسطينين واعلان تضامننا ودعمنا اللامحدود لنضالهم الباسل ضد الصهاينة المجرمين وزعيمهم شارون، فإن ما يقوم به هذا السفاح لا يرقى الاّ لمستوى أزلام صدام الصغار وليس جلاديه المعروفين. ولو أراد أي منصف أن يقارن بين السفاحين لأستنتج أستذة صدام بالنسبة لشارون.
الدرس الأول

ذكرت وكالات الأنباء أن الصهاينة راحوا يعتقلون ذوي المناضل الفلسطيني لكي يجبروه على تسليم نفسه وإنقاذ عائلته، وكان من بين هؤلاء والدة البطل مروان البرغوثي. و اعتبرت هذه الوكالات ذلك شكلاً جديداً للقمع، متناسية بأن هذه التصرفات الخرقاء معروفة في بلادي وكانت سببا ربما في تثبيط كفاح العديدين من أبناء شعبنا، حيث لا تعتقل العوائل كرهائن بل وتذاق أيضاً كل أنواع الإهانات والتعذيب والتجويع وحتى القتل. وكي يكون الصهاينة طلبة مجدين فقد تعلموا من العفالقة كيف يحجبون الحقائق عن العالم فراحوا يمنعون التصوير ويغلقون بعض المكاتب الصحفية ويطردون الصحفيين.غير إن طغاتنا بقوا أبرع منهم فهم يعتقلون ويقتلون عائلة المناوئ لهم حتى لو سلم نفسه و أحيانا يقتلونهم جميعا في آن واحد، كما إن تصور وجود صحافة ومراسلين ومصورين محايدين في العراق لنقل أخباره أمر من قصص الخيال العلمي.

الدرس الثاني

كم كانت بشعة ومثيرة لاستنكار العالم، محاولات الصهاينة إخفاء معالم جرائمهم عن طريق دفن جثث الشهداء في مقابر جماعية أو رميها في مصارف الصرف الصحي ، مقلدين حكام بغداد الذين طالما أذابوا أجساد المناضلين في أحواض الأسيد لتطرح من مجاري قصر النهاية بنهر الخر في بغداد، إضافة لإبادة قرى كاملة في الغازات السامة في عمليات الأنفال وحلبجة ضد الشعب الكردي‍‍ ‍‍.

الدرس الثالث

ويبدو أن الشارونيين يؤمنون بالمثل المصري ( مفيش حد أحسن من حد ) فكما دمّر العفالقة وبصواريخ أرض – أرض مراقد أئمة المسلمين الحسين (ع) والعباس (ع) في كر بلاء و العديد من المساجد والكنائس فقد دمر الصهاينة أجزاء من مسجد عمر بن الخطاب وكنيسة المهد.

الدرس الرابع

ولعل صدام سيسخر من الوقت الذي يصرفه شارون في تحديد البيوت الفلسطينية التي يجب أن تحرم من الماء والكهرباء إذ قام هو وبسياساته الخرقاء بحرمان كل الشعب من نعم التطور العلمي وتعاون في ذلك مع أسياده في الغرب.

   دروس كثيرة تلك التي قدمها صدام لحلفائه الحقيقيين، ويبقى الشارونيون عاجزين عن تقليد ديماغوجيته، حيث يجهد نفسه لكي يظهر بمظهر المتعاطف مع الشعب الفلسطيني عسى أن يستفيد من المصائب في تبيض وجهه الكالح  و إعادة تأهيل نفسه للشارع العربي، في نفس الوقت الذي تتخلل ما تبثه الفضائية العراقية من أخبار الدمار الذي لحق بالأشقاء في فلسطين، خبر الاجتماع الذي عقدته اللجنة العليا لاحتفالات ميلاده المشؤوم والمتكونة من جميع أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث وما يسمى بمجلس قيادة الثورة ، وبرئاسة نائبه " المفكر" عزت الدوري، والتي قررت أن تستمر الاحتفالات أربعة عشر يوماً لا غير وتبدأ بتكريت مسقط رأس الطاغية وتنتهي بأخر قرية عراقية، على أن يبتهج بها قسراً الجميع بدءً بعزة الدوري وانتهاءً بأصغر شرطي عراقي!! وفيما كانت " القيادة " مجتمعة في تكريت، كان الطاغية محاطاً بآلاف الحرس المدججين يفكر في حل فقرر إيقاف ضخ البترول لمدة شهر ! لماذا شهر ؟ لا أحد يعرف! ولماذا لا يصّدر الى دول تدعم العرب أو كان لها موقف إيجابي منهم في هذه المحنة كبلجيكا والسويد مثلاً لا أحد يعرف!

وما نعرفه نحن العراقيين أعظم، فمليوني برميل يوميا لا تؤثر على سوق النفط الذي يعج بملايين البراميل تصدرها دول من أعضاء الأوبك أو من خارجها !! كما إن صدام لم يوقف يوماً التصدير عبر السوق السوداء.  إن ما قام به الطاغية لم يهدف الاّ لذر الرماد في العيون والظهور بمظهر السند للفلسطينيين من جهة ولمضاعفة معاناة الشعب العراقي المحاصر ودعم الاحتكارات الغربية التي استغلت مهزلته فرفعت أسعار الطاقة على شعوب العالم ملقية مسؤولية ذلك على العرب من جهة مكملة.  وأخيراً نتساءل : هل لا يوجد مشترون للنفط العراقي غير الأمريكان وإسرائيل ؟ وكيف نزود عدونا بالبترول إذن؟ وما العمل إذا ما رفضت واشنطن يوماً شراء نفطنا ؟!

ونتساءل أيضا ما إذا كانت مهزلة اليوم أشبه بالبارحة حين ضرب صدام إسرائيل بصواريخ لم تنفع سوى إظهار الصهاينة أمام العالم " كحمائم سلام " وقتل عدد من فلسطيني 48؟ ألم يحن الوقت لبعض الواهمين بأن يروا الحقيقة فاللبيب تكفيه الإشارة ، وواقع الحال أكثر من ذلك بكثير !!

 

*       *           *           *           *           *          

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على أرجاء قطاع غزة مع اشتداد المعارك في شرق رفح


.. أوكرانيا، روسيا، غزة: هل ستغير الانتخابات البرلمانية الأوروب




.. أوكرانيا: موسكو تشن هجوما بريا على خاركيف وكييف تخلي بلدات ف


.. لبنان.. جدل واتهام للمسرحي وجدي معوض بالعمالة لإسرائيل




.. متاعب جديدة لشركة الطيران الأمريكية بوينغ.. واختفاء مجهول لع