الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصرة عاصمة الثقافة والخراب المكاني

جمال المظفر

2009 / 5 / 13
كتابات ساخرة


احتفلت البصرة قبل أيام بتتويجها عاصمة للثقافة العراقية ، بالرغم من ان تاريخها يشير إلى انها كانت أميرة للثقافة، ومنبعا للفكر الإنساني والفلسفي والبلاغي على مر العصور، وانها لا تحتاج إلى مرسوم جمهوري او قرار وزاري لتتويجها كمحاولة دعائية لإصلاح ما افسدته مرحلة التغيير وما قبلها ، فالبنية التحتية للثقافة البصرية والعراقية بصورة عامة مخربة ، لا مسارح ولا صالات عرض، ولا منتديات ، ولا أقصد هنا المنتديات الأدبية ، بل الأمكنة المخصصة لإقامة المشاريع الثقافية ، فبعض منها تعرض للسلب والنهب إبان الغزو الامريكي للعراق، والآخر تعرض للحرق والتدمير بعد موجة الصراع الطائفي والسياسي، ومن سلم منها فقد احتلته الاحزاب السياسية أسوة بالاحتلال الامريكي ، واتذكر مرة اثناء زيارتي للبصرة اردت ان احضر نشاطات اتحاد الادباء البصريين، ولكن صدمتي كانت كبيرة عندما علمت أن اتحاد الادباء قد وجد له مأوى في مقهى شعبي قرب ساحة ام البروم فيما اُحتل مقره، ولم يستطع ان يخرج المحتلين له ...
المشكلة انه في زمن النظام البائد اعتنى بالامكنة الثقافية ورعاها، ولكنه خرب الثقافة وعسكرها وادلج اللغة ، بل شوهها وحرفها عن مسارها الثقافي والاجتماعي ، فما الفائدة من ابنية فخمة وانيقة ومثقف تعبان ومنهك او مطارد بسبب الاختلاف الفكري ورؤى النظام وايديولوجيته ...
البصرة توجت عاصمة للثقافة، ولكنها بلا أمكنة لإقامة الفعاليات فيها ، فمهرجان المربد الشعري يقام كل عام في قاعة النادي النفطي وسط استغراب شعبي من علاقة الثقافة بالنفط ، بل حالة التقاطع ما بين الاثنين ، بلد نفطي ومثقف عـ ( الحديدة ) ...
عندما تذكر البصرة لفظا لغويا يذكر رموزها واعلامها ، لا يمكن ان نتجاهل العمق الثقافي لهذا المعنى ، إذ تتقاطر الى ذهنك اسماء الفراهيدي والجاحظ وابن دينار والحسن البصري والسياب ومحمود البريكان ومحمد خضير ومحمود عبدالوهاب وكاظم الحجاج، والاسماء الشابة الكثيرة التي غزت الساحة الادبية الشعرية منها او القصصية والنقدية ، فما ان يموت شاعر حتى يولد مليون شاعر في مدينة النخيل والسحر والخيال ...
ما نتمناه هو ان تعيد الحكومة الهيبة للثقافة البصرية، وان تخلي الأحزاب والمنظمات المؤسسات الثقافية، وإعادة ترميمها من اجل ان نحتفل فعلا بالبصرة عاصمة للثقافة العراقية، لا أن نحتفل بها عاصمة للخراب الثقافي بعدما طال الاستهداف كل مفاصلها ، فللبصرة استعداد لان تكون موطئا ومصدرا للثقافات وللمشاريع الحداثوية، وان تصنع النجوم بدون ادوات إعلامية مبهرجة ، لان كتابها لهم القدرة على مغنطة الآخرين محليا وعالميا إلى مناطقهم الاشتغالية الإبداعية التي تفرض على النقاد متابعة منجزهم لأنه خارج نطاق المألوف، ويحفز الذائقة النقدية بل ويغريها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا