الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلوة دي في قفص العولمة

مصطفى العوزي

2009 / 5 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الحلوة دي ، واحدة من أجمل الأغاني التي أدتها الفنانة المقتدرة أميمة خليل ، بمصاحبة موسيقية رائعة للفنان و المبدع الكبير مارسيل خليفة ، في هذه الأغنية ترسم لنا أميمة خليل حالة بنت من مجتمع بسيط ، حيث تبدأ يومها باستيقاظها المبكر ، وما يتبع ذلك في وسط شعبي يلتقي فيه الحضري بالقروي ، من صياح للديك و غيرها ، و شروعها بعد ذلك في انجاز الأعمال اليومية المنزلية في حيوية و نشاط عادة ما تمتز بهما بنات الأحياء الشعبية ، كما تصور لنا في باقي كلمات الأغنية ، جملة من العلاقات الاجتماعية السائدة في هذا الوسط البسيط ، فتتوزع العلاقات بين الناس بعضهم بعضا في قدرتهم على التعاون و التكافل ، و بينهم و بين الله تعالى في إيمانهم بالقضاء و القدر و تقسيم الأرزاق ، مع التركيز على قيم كالقناعة و العفة و الصبر ، حيث لا المال و لا غنى يهمان بقدر ما يهم التشبث بقدرة الله تعالى على الجود و الكرم على عباده و بقدر ما تهم راحة البال و الاطمئنان .
جميلة مثل هذه القيم و الخصال عندما تتواجد في الفرد ، على الأقل ستمكنه من العيش براحة نفسية أصبحنا اليوم في أمس الحاجة إليها ، لكن و مع اكتساح أفيون العولمة الكثير من المجتمعات حتى الأقل تنظيما ، أصبح نموذج البنت الحلوة يقيل شيأ فشيأ ، ليس من باب المبالغة طرح هذا الحكم ، و لكن من خلال ملاحظة بسيطة يظهر ذلك جليا ، فدخول وسائل الإعلام المتعددة من قنوات و فضائيات ، و الانترنيت و الهواتف النقالة بصيحاته المتجددة في كل يوم تطلع فيه الشمس على مصنع بجنوب شرق أسيا و أميركا و أوروبا ، أصبحت عادة الاستيقاظ مبكرا و المحكومة بالنوم مبكرا أيضا ، عادة ناذرة في أوساط شباب اليوم ، أغلبنا يظل منغمسا في عالم حاسوبه إلى أوقات متأخرة من الليل ، فيصبح الاستيقاظ مبكرا من الصعوبة بمكان ، في الليل نرخي العنان لأصابعنا التي تظل متسقتا بالملمس متنقلة من زر لأخر دون أن تشعر بالتعب ، و نحن نتحدث مع أصدقائنا و صديقاتنا ، و في أحسن الأحوال نطالع مقالات أو أخبار أو نشاهد مستجدات الفيديوهات في موقع يوتوب منتدى التعبير العالمي ، في مقابل هذه الفئة هناك فئة أخرى تظل ساهرة مع قنوت الأفلام التي تخبرك مسبقا أنه معها لن تستطيع إغماض عينيك ، فيما هناك فئة أخرى تجمع بين الحسنيين ، بين الشات و عالم الانترنيت و متابعة الأفلام ، هذه الفئة قضت و بشكل مباشر على نموذج البنت الحلوة و الصبي الحلو أيضا ، فقلبت الآية و أصبحت نموذجا معكوسا لذلك ، فبدلا من الاستيقاظ مع صياح الديك أصبح نومها مرفوقا بذاك الصياح .
للأسف هذا ما جنته علينا تبعات العولمة ، في شق عوالم التقانة و شبكات الاتصالات ، فأصبحنا مجبرين على التماشي مع معها ، و يظل الآمل الوحيد هو الحفاظ على نموذج القيم الأخرى الواردة في أغنية أميمة ، على الأقل لن نترك المجال مفتوحا للعولمة لتقضي عليها كما بدأت تقضي على الحلوة دي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل