الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الحياة .. في لزوم ما لا يلزم

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2009 / 5 / 14
الغاء عقوبة الاعدام


الحديث عن حق كل إنسان في الحياة وعن مدى بشاعة الاعتقاد بشرعية القتل في أي حالة من الحالات قد يبدو للبعض ضرباً من التكرار الذي أصبحت تمجه الآذان، ويعود ذلك إلى المنطق الأخلاقي الممل في التعاطي مع المسألة عادة ،، ذلك المنطق الذي لا يمكن إيجاد أي نوع من الاتفاق بين الناس حول أي عنصر من عناصره،، وتبقى الأمور التي تكون فيها ( الأخلاق في الحكي هيي ذاتا ) خطوطاً عامة عريضة تبدأ حولها خلافات كبرى ما إن تقترب من التفصيل والتخصيص ،، لكن الانطلاق في مقاربة المسألة من طبيعة الإنسان نفسه ومن نزوعه نحو تحقيق وجوده وحريته لا يعود معه تناولها ضرباً من التكرار الممجوج أو محاولات إثبات الوجود "الراقي" بالدعوة إلى مثل وقيم لا تتحقق بمجرد الدعوة إليها،، ولا يعود مجرد ترف برجوازي ضروري لاكتمال صورة إنسان متحضر حريص على صورته كمنتم مخلص لقيم العالم المعاصر أكثر من تلك القيم نفسها إن وجدت ..

تشريع القتل هو أعتى أشكال السلطة ،، السلطة على الحياة ،، سلطة السادة على الناس إلى درجة يفقد فيها بعض الناس صوابه فينهش لحم غيره الذي يفوض بدوره "السيد" بالاقتصاص من ذلك المسيء،،، تفويض هو تحصيل حاصل ولا مناص منه من عبد ضعيف لسيده ل"عقاب" عبد آخر مسيء ،، استنجاد بالسيد المالك للحلول لفعل ما أصبح الضحية عاجزاً عن فعله ،، ولفعله بصورة أصبح يكفي لتبدو متحضرة أن تكون مرخصة ومشرعنة ومقننة ... القتل بقانون !

انظر كيف يتفاعل البشر من حولك -ممن خضعوا قلباً وقالباً لفكرة السلطة- مع قضايا الاغتصاب أو جرائم القتل البشعة التي تتحول إلى قضايا رأي عام،،، انظر كيف تنكشف لك دواخلهم المتعطشة لدماء القاتل أو المغتصب والمتبجحة بإنسانية مبتذلة كل غايتها ممارسة ساديتها على القاتل بحجة التعاطف مع ضحيته ،، نعم الناس مستعدة هنا للاحتشاد والتصفيق لحكم الإعدام والجعير فرحاً بقتله وربما رفس جثته وربما المطالبة بأخذ قرنيته مثلاً دون إذن منه …

لا معنى أصلاً للاستئذان لأخذ القرنية أو غيرها من الأعضاء من ميت،، عندما تكون في ذلك مصلحة لشخص حي ،،، ولكن طالما أنهم يستأذنون الجميع باستثناء ذلك “المجرم” الذي طمسوا إنسانيته واختزلوا كل وجوده في جريمته،،، فلك أن تستدل على حجم السادية التي تنتج كرد فعل على القهر .. والتي تحرك ذلك التعاطف العرمرمي،،

وهم بذلك يضعون العربة أمام الحصان ،،، دائماً يتنطعون لمحاكمة النتيجة ويتنصلون من دورهم في الوصول إليها،،، يبشرون بمثل وقيم مبتذلة فقط ليشعروا أمام أنفسهم بأنهم أصحاب مثل وقيم مع أنهم يعرفون بالتأكيد أن المثل التي يتحدثون عنها لا تنتشر بمجرد التبشير بها،، بل يكون الوصول إليها بتوفير البيئة المناسبة لها

ربما يدفعنا للتعاطف مع القاتل حس تعادلي ينشأ من الضغط الذي نشعر أنه يتعرض له في مقابل الضحية الذي ووري على الأقل باحترام،، وحظي من خلفه بعزاء لائق،، فيما ذهب القاتل إلى فنائه تلاحقه لعنات الشامتين (إلى الجحيم) أو (الموت الموت لك)... وفي لحظة التعاطف مع القاتل نتوحد معه ونضع أنفسنا مكانه بعد أن وقعت الجريمة وصار علينا أن نواجه نتائجها،، وقد يصعب علينا في نفس اللحظة استحضار الضحية والتوحد معه ومع ذويه،، وإذا فعلنا ننتقل فجأة إلى لحظة أخرى نرجح فيها كفة رغبتنا في عقاب القاتل و"الانتقام" منه ،، ويصعب على معظمنا أن يتوحد مع الطرفين في ذات اللحظة ،،، ولذلك قلت منذ البداية أن خطاب التعاطف والأهواء ليس الحل ولا هو الخطاب المطلوب ،، بل مقاربة الموضوع بمنطق الرغبة في التحرر ،، لنا .. ولسوانا

يجادل البعض بأن المناداة بإلغاء الإعدام هي مطلب ترفي يتجاوز أوضاع مجتمعاتنا وظروفها ومرحلتها،، وبأن هناك أموراً أخرى كثيرة أولى بالحديث عنها،، خاصة في دول يندر أن تصدر فيها أحكام بالإعدام ... وبأن الدول المتحضرة مثل الدول الاسكندنافية والتي ألغت الإعدام وتشهد معدلات جريمة منخفضة جداً هي مجتمعات بعيدة في مدى تطورها عن مجتمعاتنا... وبأن المناداة بإلغاء الإعدام هي في منزلة المطالبة بحقوق المثليين والمطالبة بالرفق بالحيوانات والحفاظ على البيئة وحقوق المرأة ...

والحقيقة أن إلغاء الإعدام وحقوق المرأة وحقوق المثليين والرفق بالحيوانات والبيئة ليست أموراً هايفة ولا يجب تجاهلها حتى في ظروف مواجهة إرهاب الدول والجماعات والأحلاف وابتزازها،،، ودرجة المناداة بها والاهتمام بها في أي وقت هي مقياس جيد لمدى الوعي الإنساني والذي وإن اقتصر على بعض الفئات -المرتاحة- فبمرافقته لمواجهة مشاريع الاستغلال والاحتلال والظلم هو دليل على نوع الحياة التي نطمح إليها عندما نرفع شعارات مثل التحرير والاستقلال وحتى المقاومة ...

ونحن إذ نطالب بإلغائها ،، لا نعلن قبولنا بأن للدولة الحق بمعاقبة الناس أصلاً ،، أو الحق في الوجود أصلاً ،، ولا بأن العقوبات دون الإعدام هي عادلة ،، ولا بأن وجود السجون والسجانين والشرطة والعسكر هي أمور نحن سعيدون بها ،،، ومع ذلك نطالب،، وننادي ... وفهمكم كافية

http://1ofamany.wordpress.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قبلة على جبينك
مازن كم الماز ( 2009 / 5 / 14 - 02:00 )
هذا الكلام يصدر عن عقل و لب لم يعد يقبل بالنفاق و الكذب كمقياس للحياة التي اعتاد عليها الآخرون


2 - أشكرك .. وقبلة لروحك
محمد عبد القادر الفار ( 2009 / 5 / 14 - 05:23 )
صديقي العزيز مازن كم الماز،، الكلام الدافئ يدل على المعدن الطيب،، دمت بود أيها النبيل


3 - انا مع عقوبة الإعدام
محمد الكردي ( 2011 / 11 / 26 - 14:06 )

انا مع عقوبة الإعدام و بقوة خصوصا في قضايا الإغتصاب و القتل والتجسس و جرائم الحرب

و لا تقلى حق و لا بطيخ هناك بشر لا يجب ان تعيش

اخر الافلام

.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان


.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو




.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ


.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا




.. فوضى عارمة في شوارع تل أبيب بسبب احتجاجات أهالي الأسرى