الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الكتاب والنخب العراقية

باسم السعيدي

2004 / 4 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ينقسم العراقيون الى قسمين ..قسم يرى في العمل السياسي وانجاحه وتكريس وضع برنامج دستور تعايش سلمي بين العراقيين رغم اختلاف النظر للدستور بالرؤية والآلية ،وتوطيد أركان دولة عصرية (دولة مؤسسات) .
والقسم الثاني يطرح انموذجا ملامحه رؤية العنف في اساليبها رغم عدم وضوح برنامجها السياسي لكنه (بحسب الآلية) ذو مشروع تغييري يؤمن بالعنف وأحادية الرؤية ورفض الحوار الذي يؤدى الى الغاء الآخر .
ما يطرح من قبل وسائل الاعلام من تهميش لدور المقاومة غير صحيح ، فالقول الذي يتردد عن أن ابناء الفلوجة لم يلتزموا جانب العنف مختارين بل لأنهم تذمروا من ممارسات قوات الاحتلال في المداهمات والاعتقالات التعسفية وعدم مراعاة تقاليد مشاعر البنية القبلية العراقية ، في ظني أن هذا تهميش لدور المقاومة وتصغير له حيث يحول فاعلية المقاومة من الفعل الى رد الفعل ومن المقاومة كخيار الى المقاومة الانجرافية تحت ضغط معاناة أقل ما يقال فيها انها ظرفية.
في تصوري أن المقاومة عملية سياسية (كأي عمل سياسي آخر) لجأت الى العنف لانها رافضة لمستقبل دورها في بنية العراق السياسية ،بتعبير آخر ان اطروحة المقاومين لاتقبل بحال مستقبل العراق بالصورة المرتقبة ، ومن الظلم بمكان عدم اعطاء هذا الدور حقه في التحليل لغرض فهم الطرح وبالتالي وضوح الصورة حتى يتمكن المواطن العراقي من لعب الدور المطلوب أو اخذ الموقف الذي يراه مناسبا ، ويظل هذا الطموح غائبا في حالة خلط الأوراق والعكرة المعتمة في المياه العراقية .
ولذا فمن حق المواطن على النخب (مع اختلاف رؤاها وتياراتها ) ان توضح له الحقيقة ومن جميع الجوانب ، وهذه النخب مدعوة في هذا الظرف العصيب الى تمحيص الرؤى وسبر الأغوار في المطالب السياسية المعلنة وغير المعلنة حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، ويختار المواطن العراقي موقفه بروية وبلا فورة عاطفية قد تنطفيء بعد حين الى موقف مغاير أو الى معرفة نتائج المواقف لكي لا يتم تضليله تحت أي مسمى كان .
ابدأ بنفسي في الاستجابة لهذا المطلب الملح في تحديد الرؤى :-
الفلوجة .. حملت الفلوجة السلاح ضد المحتل وهذا الأمر كان سيكون مفخرة للشعب العراقي لو كانت الأجندة ستشير الى عام 1960أو 1930 لكن الأمر مختلف فنحن الآن في عام 2004 وكل المؤشرات التي يجب أخذها بنظر الاعتبار تفيد بأن العالم تغير ،والنظريات السياسية والتحالفات ايضا تغيرت ..موازين القوى في العالم هي الأخرى انقلبت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، المواقف الوطنية العراقية بعد احداث حلبجة المؤلمة وبعد انتفاضة 1991 الشعبانية تغيرت ،كل شيء تغير ابتداءا من تحالفات امريكا مع السعودية الى احداث 11 سبتمبر الى سقوط صدام ، الفلوجة التي حملت السلاح لها مطالب سياسية حقيقية لاغبار عليها وهي اعادة الأمور الى ماقبل 9-4-2003 وهذا لأمر لن يكون ولن يسمح به جل العراقيين ان لم يكن كلهم عدا النخب التي سبقت 9-4 ومن هذا المنطلق الذي تبنته الفلوجة وجرت الى ذات الطريق ما تبقى من ابناء المحافظات البيضاء من هذا المنطلق تبنت ضرب مرتكزات الدولة كأسلوب نسف البناء لا تقويمه ، من هنا بدأت عملية ضرب الشرطة كهدف سياسي وعسكري واضح ومن جاء الى بغداد عقيب 9-4 مباشرة وقبل انطلاق اعمال المقاومة في الفلوجة للاحظ بوضوح الشعارات التي استهدفت الشرطة (بأنهم كلاب الامريكان واعوان المحتل ) لا لشيء الا لانهم بدأوا بملء الفراغ في الدوائر التي نهبت وملء الفراغ الأمني في الشوارع بالتحقيق في السيارات التي نهبت من دوائر الدولة ..وأؤكد كل ذلك كان قبل انطلاق المقاومة فليس مصادفة استهداف الشرطة بعد ذلك بالقتل والتفخيخ وغيرها الا بعد بناء عقائدي للموضوع ،وتصوري ان الهدف الآن هو تقويض قيام دولة عراقية على المرتكزات التي لطالما ظل ينشدها العراقيون في دولة القانون والتعددية والحريات العامة والتي تمثل في الوقت نفسه طموحا امريكيا في دولة تقدم للعالم العربي كنموذج للدولة الحديثة التي تتعايش سلميا مع ابناء القرن الحادي والعشرين لا تعيش في عداء مع بيئتها الزمنية وتنتمي فعليا الى قرون ما قبل الوسطى في التفكير والتكفير والاهداف والطموحات .
هذا النموذج الذي تريد تقديمه الولايات المتحدة لتهديد مصداقية الأنظمة التي تستخدم القهر تجاه شعوبها بحجة العداء لاسرائيل وبالتالي كشف حقيقة الانتهاكات باسم العداء ذاته والذي لا وجود له الا في اقبية سجون دوائر الأمن وفي اعلام تخدير الشعوب التي اصبحت تؤمن بل تتنفس العداء لاسرائيل حتى لاتفهم اعداء (البيت) كما يقولون .
هدف المقاومة هو تقويض هذا المشروع بغض النظر عن كونه مطلبا شعبيا او لمصلحة من ؟وما العلاقة بين المصلحة الأمريكية ومصلحة شركاء الساحة العراقية ومدى تأثير تضارب أو تطابق المصلحتين في التأييد أو الرفض .
لماذا تقويض التجربة ؟؟.. اظن ان القرار السياسي انطلق من مرتكزات قومية عربية..كيف ؟ بنية العراق الديموغرافية غنية بتعدد الأعراق والطوائف والاثنيات ،واذا ما نظرنا الى بقية فرقاء الساحة وجدنا ان ابناء المحافظات البيضاء هم من العرب السنة وهم أقلية اذا ما قورنوا مع بقية الفرقاء مجتمعين بل الاحصائيات الدولية تشير الى انهم اقلية بازاء الشيعة فقط فكيف ببقية الشركاء ؟؟ والمهم هو دراسة ما وراء القرار السياسي بالرفض .. كما ذكرت انهم كأقلية يشعرون بالضعف لوحدهم في الساحة العراقية .. وخصوصا كونهم من العرب السنة الذين حاول صدام جاهدا ان يوحي بانه ينتمي اليهم وانه يتحدث باسمهم مع ان المطلعين يعلمون بأنه لا ولاء له الا لكرسيه فقط ويذكر قوله ( اذا نظرت عيني اليسرى لعيني اليمنى بالسوء اقتلعتها)، هؤلاء الاقلية يحاولون جاهدين اعطاء المد العربي (والذي هوسني) لحركتهم حتى يعوض النقص الحاصل من جراء انهيار نظام سياسي كان يعتبر عربيا سنيا كما لايخفى ،ويتطلب ذلك افشال المخطط الامريكي ( ولو على حساب بقية الشركاء العراقيين) كونه يستهدف كنتيجة لتوهين الانظمة العربية من جهة ويستهدف ايران كنموذج شيعي من جهة اخرى ، وبذلك يصبح ابناء العرب السنة ساترا اول للدفاع عن الانظمة العربية في معركة مستقبلية قد تتعرض لها تلك الأنظمة ، ان تبني تلك العقيدة السياسية حرية (كما نلاحظ) بتهييج الشارع العربي لتأييد المقاومة العراقية وبالتالي فان المد العربي والمتسللين ستعوض ضعف موقف تلك الأقلية باعتبار ان الأغلبية الساحقة في الشارع العربي هم من السنة ولذا توقعنا اعتراض السنة على فكرة (ان الشعب العربي في العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية) في القانون المؤقت كون تلك الفقرة لاتعتبر العراق متعدد القوميات والاثنيات اقلية ضمن المحيط العربي .
منه نلاحظ ان المشروع الذي تقدمت به هيئة علماء المسلمين كحل للقضية العراقية هي :-
1- انسحاب قوات الاحتلال بكل اشكالها .
2- نزول قوات دولية عربية (أي سنية) أو قوات اسلامية (ايضا معناه قوة ذات أغلبية سنية على أقل التقديرات ) وطبعا ايران لن تشترك باعتبارها قوة كانت حتى مدى غير بعيد معروفة بعدائها للعراق وكونها من دول الجوار التي رفض مبدأ تدخلها .
(ملاحظة – جاء ذلك على لسان الدكتور الكبيسي الناطق باسم الهيئة في الخارج الذي استضافته الجزيرة في برنامج اكثر من رأي يوم الجمعة 16/4/2004)
هنالك اطروحة اخرى قد يطرحها البعض وهي :- ان النظرية التي طرحت فيها الكثير من التجني على منهج المقاومة وفيه فرضيات طوباوية قد لاتمت الى الواقع بصلة .. وبالتالي فلا داعي لكل تلك المخاوف وجوابه هو.. ان لم تكن تلك المخاوف صحيحة فلماذا شذ هؤلاء عن الخط الذي ارتأته النخب السياسية ومن جميع التيارات وهوخط العملية السياسية والحوار والمشاركة في صنع القرار ؟؟ ولماذا انشقت فقط المحافظات البيضاء( حتى في تلك المحافظات المقاومون هم قلة لاتذكر) عن تلك العملية ؟؟ ولماذا لم يعتبر ذلك شقا للصف الوطني في خيار التعددية والحوار كما اعتبرنا نحن تيار مقتدى الصدر الذي ربما تذكر بعد عام ان العراق يرزح تحت الاحتلال ؟؟علما اننا نعلم ان تيار مقتدى لم يكن ليطلق رصاصة واحدة لو كان غير مصطفى اليعقوبي قد اعتقل ( كون اعتقال اليعقوبي معناه الدليل الدامغ لادانة مقتدى في جريمة قتل الخوئي).
في تلك الازمة السياسية الخطيرة التي تجتاح العراق لابد من الأخذ والرد في تحليل المواقف كما ذكرنا ، اما قضية مقتدى الصدر فهذا التيار كما نظن هو كان يبيت النية لهذا العمل ( اسقاط المحافظات الشيعية تحت سيطرته في ليلة حالكة السواد بعد 30/6) من اجل ارغام العراقيين على قبول ديكتاتورية عمامته ويبدو انه استغل عدم اعتراف النخب المؤثرة في الشارع بالقانون المؤقت مما ينزع شرعية الحكومة المؤقتة المقبلة ،
( يلاحظ عدم اعتراف تيار الصدر بالقانون المؤقت ، ومقلدي السيد السيستاني وبقية مراجع الدين في النجف الأشرف وهيئة علماء المسلمين وبعض التيارات السياسية من خارج المجلس )
طبعا مراهقة مقتدى الصدر السياسية تكهنت بان جيش الولايات المتحدة لن يدخل في المعادلة حينها لأنه سيكون قد سلم السلطة للعراقيين وان تدخله تدخل بالشؤون الداخلية للعراق .. وتلك النظرية هي (أفضل) تخريج سياسي لمغامرة مقتدى الصدر لأن أي رؤية اخرى ستكون اكثر حماقة من سابقتها (طبعا عدا الدفاع عن النفس لتجنب مثوله امام المحكمة) .. ومن يدعي مناوئة مقتدى الصدر للاحتلال فأين كان لمدة عام ؟؟ ومن أفتى له بالقتال وهو الذي ذكر اكثر من مرة امام الفضائيات بان الفتوى يجب ان تصدر من مجتهد بينما هو ليس بمجتهد .
هذه رؤيا قد تكون قاصرة لكنها مطروحة بقوة في الشارع السياسي والمثقف في العراق واناشد الكتاب والنخب العراقية طرح وجهة النظر المغايرة حتى يتسنى للعراقي ان يتبنى رؤيته التي يظنها في مصلحة الوطن وخصوصا في مرحلة تشكيل عراق ما بعد صدام حسين
باسم السعيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود إيجاد -بديل- لحماس في غزة.. إلى أين وصلت؟| المسائية


.. السباق الرئاسي الأميركي.. تاريخ المناظرات منذ عام 1960




.. مع اشتعال جبهة الشمال.. إلى أين سيصل التصعيد بين حزب الله وإ


.. سرايا القدس: استهداف التمركزات الإسرائيلية في محيط معبر رفح




.. اندلاع حريق قرب قاعدة عوفريت الإسرائيلية في القدس