الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديبلوماسية العربية والتيار الصدري

محمد قاسم الصالحي

2009 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تـُعد الدعوة التي وجهتها الحكومة التركية الى السيِّد مُقتدى الصَدر، والمؤتمر الصدري الذي عُقد في أعقاب اللقاءات الرسمية التي جرت بين زعيم التيار وقادة الجمهورية التركية، والنتائج المتمخضّة عن تلك اللقاءات، إنجازا ديبلوماسيا وسياسيا مشتركا قطف، ويقطف ثماره كلا الطرفين، ويعكس في ذات الوقت، القراءة الصحيحة لتفاصيل المشهد السياسي العراقي من قبل الحكومة التركية بشكل يفوق مثيلاتها العربية المنساقة خلف وسائل الإعلام في رسم منهجية تعاطيها مع الواقع السياسي والأطراف الأساسية المؤثرة فيه. من هنا تأتي الضبابية التي تنظر بها بعض الأطراف العربية للزيارة أو المؤتمر الذي عُقد على هامشها، والناتجة عن التوصيف غير الدقيق لمجمل الحدث، خاصة المتعلق منه بما أطلقت عليه بعضها " الظهور المفاجئ" لزعيم التيار.

ليس هناك مايدعو للمفاجأة، فلم يكن للإنجازات الكبيرة التي تحققت على أرض الواقع العراقي، "رغم الشد العكسي لبعض الأطراف"، لم يكن لها أن تكون، لولا الوجود الفاعل لهذه الزعامة الوطنية الحقة. وما التظاهرة المليونية الأخيرة في بغداد، والتلاحم الوطني الذي سبقها في سامراء، والإستتباب الأمني من قبل، سوى شواهد على الحضور المتميز للسيد مقتدى الصدر مع أبناء شعبه، في كل الظروف وبأشكال مختلفة، ناهيك عن بياناته التي لاتكاد تخلو منها مناسبة وطنية أو دينية، مثلما إتسعت هذه البيانات لتتناول في أحايين أخرى هموم إقليمية وفي أكثر من أزمة. إلا الأمر يكاد ينحصر في إن السيد داوود أوغلو وزير خارجية تركيا الجديد، الحريص على نسج خيوط علاقة بلاده بشعوب المنطقة، كان أكثر إلماما بما جرى ويجري في المنطقة، بالمقارنة مع المعنيين بالديبلوماسية العربية، الذين يُفترض أن يكونوا أكثر إهتماما من غيرهم في فِهم مايدور في العراق. وما لم يُدركه بعد، الكثير منهم!، هو إن هذا التيار المتـّسع (يوما بعد آخر) وزعامته الوطنية، كانوا ولازالوا جزءا رئيسياً من الحلول داخل العراق، ولهم أن يشكلوا أيضا، حضورا فاعلا في مستقبل المنطقة عموماً.

أصالة الجذور التاريخية العراقية لهذا التيار ونقاوة عروبة زعامته، كانت الدافع الرئيسي وراء الضغوطات الإعلامية والسياسية الداخلية التي يتعرض لها التيار بين بين الفينة والأخرى. كما هي نتيجة أيضا، لمواقفه الصريحة والمعلنة إتجاه وحدة وإستقلال العراق وتكريس هويته العربية والإسلامية، مما شكـَّل دافعا مضافا، ساهم في تحريك وإثارة بعض التحاملات التي تكنها تلك الأطراف ممن لايروق لهم ذلك.

فيما يخص العراق "تحديدا"، لازالت الديبلوماسية العربية رهن التقليد الجاهلي، منهمكة في البكاء على الأطلال، غير عابئة بالإنفتاح الجدي على مفردات التغيير في الواقع السياسي العراقي المتحرك والقوى الموجِّهة له والمؤثرة فيه، مما يترك إنطباعات شعبية عراقية "غير إيجابية"، إتجاه الركود الديبلوماسي العربي في التعامل مع العراق وقواه الفاعلة (خاصة). في المقابل ظللت ديناميكية الديبلوماسية التركية، الأجواء السياسية العراقية، عندما أدركت ومن خلال وزير خارجبتها الجديد، ضرورة التحرك الجدي، والحوار المباشر غير المشروط، مع أطراف تمتلك مفاتيح الحلول في العراق، وربما المنطقة فيما بعد.

التقارب في الرؤى وبلورة المواقف، لاتتم عبر "التخاطر عن بُعد"، أو إلتزام الأحكام النمطية المسبقة إتجاه الآخر، إنما الطاولة المستديرة وحدها الكفيلة بإستنهاض المشتركات ومن ثم بناء التضامن الحقيقي والتنسيق الفعّال بين كافة الأطراف الداخلية منها، والإقليمية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال للحوار و ليس لكاتب المقالة
قارئة ( 2009 / 5 / 15 - 10:08 )
الحوار صفحة يسارية , علمانية , ديمقراطية تنشر من اجل
- مجتمع مدني علماني ديمقراطي حديث يضمن الحرية ، والعدالة الاجتماعية ، كيف تنشر مقالات تدعي وتمجد لشخصية طائفية ، دينية،، ليست علمانية و لا يسارية و لا ديمقراطية ، و جيشها ارتكب الكثير من الجرائم بحق النساء و الشباب و التمدن في المجتمع. ان الصدر و جماعته يجب ان يقدموا الى محاكمة جراء ما ارتكبوه بحق الناس، فكيف تنشر الحوار هكذا مقالات؟


2 - عماله وجهل
علي النقاش ( 2009 / 5 / 15 - 13:27 )
لقد كانت التفاتة الحكومه التركية التي تنطوي على ألحكمه في التصرف باستضافة أشخاص فاعلين من دولهم دليل على النضوج السياسي والتركيز على مصلحه تركيا أولا وأخيرا فلقد سهلت لبعض القوى العراقية سبقت هذه الاستضافة لشخصيات سياسيه أخرى بغض النظر عن اختلافها معهم أو موافقتهم لهم.ولكن مصلحه بلادهم كانت هي الحاسمة. لا أريد ان أضفي على هذه الزيارة أكثر من حجمها ولكني أقول ان الدول ألمستقره سياسيا والتي تراعي مصالح شعوبها دائمة التحرك للاستفادة من عناصر الضغط في تلك الدول وأقامه تواصل بينها والأطراف هذه لاحتمال الاستفادة منها لتمرير أجنداتها في المستقبل كذالك فعلت إيران وسوريا....الخ ولكن في مقابل ذلك ماذا فعلت الحكومه العراقية ؟ أنها تضغط على إطراف المقاومة الايرانيه كمنظمه الكومله والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وكذالك منظمة مجاهدي خلق الايرانيه بحجه ان العراق لا يريد التدخل في شؤون الدول المجاوره والحقيقه هو غير ذالك أنها العمالة والعمل المدفوع الثمن وهل الدول هذه لا تتدخل بشؤوننا ؟ لكي نمنع ونضغط على هذه المنظمات فنحرم أنفسنا من قوه للتفاوض مع هذه الدول. لا نريد إضرار جيراننا ولكن يجب ان تكون بمقابل ان لا تضرنا دول الجوار وما الحجج الكثيرة الواهية التي تسوقها إطراف سياسيه فاعله لحرمان ال


3 - مع ماذهب إليه علي النقاش وأختلف مع القارئة
زائر ( 2009 / 5 / 15 - 16:46 )
صحيح إن الحكومة العراقية تحذو حذو الدول العربية في تخليها عن جميع أوراق الضغط التي لها أن تستخدمها يوما للضغط على من يعارض مصالحها من دول الجوار، والأمثلة التي أشار اليها النقاش كافية لتوضيح ذلك.. نعم كانت خطوة ذكية أقدمت عليها الديبلوماسية التركية..
أما المعلق الأول (قارئة) فنشر هكذا طروحات من قبل الحوار المتمدن دليل تمدنها وإنفتاحها على الآخر أي كان .. أي على العكس من الآخر الذي أشرت اليه.. والتواصل الذي اشار اليه الكاتب (الصالحي) في نهاية مقالته خير من الإنقطاع عن أفكار تعيش في عالمنا شئنا أم أبينا

اخر الافلام

.. نتنياهو يؤكد إن إسرائيل ستقف بمفردها إذا اضطرت إلى ذلك | الأ


.. جائزة شارلمان لـ-حاخام الحوار الديني-




.. نارين بيوتي وسيدرا بيوتي في مواجهة جلال عمارة.. من سيفوز؟ ??


.. فرق الطوارئ تسابق الزمن لإنقاذ الركاب.. حافلة تسقط في النهر




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. ورقة بايدن الرابحة | #ملف_اليوم