الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على لسان الصادق المهدي

جاسم الحلفي

2009 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تحدث السيد الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان الأسبق، في اليوم الثالث للمؤتمر الدولي الذي انعقد في أربيل خلال الفترة 7- 9 أيار 2009، وهو المؤتمر الذي نظمته منظمة " التحالفِ الدوليِ من أجل العدالة تحت شعار: " من الشمولية إلى الديمقراطية: المصالحة والمساءلة في العراق – خلق فضاء للتشاور".
وعرض السيد المهدي فكرته بكثافة شديدة مبتدئا حديثة بشعر الجواهري الكبير:

حييّت سفحك عن بعد فحييني يا دجلة الخير يا ام البساتين

وخاطب المؤتمرين قائلا: " لقد تحدثتم عن ثروات العراق الطبيعية ومنها النفط وأهمية توزيعه العادل، لكنكم لم تتحدثوا عن وجهة إنفاق موارد هذه الثروات".
قال ذلك وربما لم تمهله الدقائق القليلة للحديث الواسع كي يوضح ان موارد النفط كانت تنفق وفق سياسات هوجاء بعيدة عن خدمة الإنسان وبناء البلد وأعماره، وتستخدم وقودا للحروب العبثية للطاغية المقبور، وكأن كل تلك الثروات لها وظيفة واحدة هي أن تكون محرقة للإنسان العراقي، فجعلوها نقمة على الناس بعد ان وهبت له كنعمة من النعم الوفيرة في بلاد الرافدين. هذه الثروة التي يتعين علينا ان نتحدث عن إنفاقها الهادف الى خدمة الإنسان وبنائه وتعليمة وطبابته المجانية، قبل ان نتحدث عن توزيعها العادل.

وواصل السيد المهدي حديثة قائلا: " إنكم في العراق تتداولون كلمات مثل: الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتعايش المشترك، وإشراك المواطن بالشأن العام، ونزاهة الانتخابات، وتوزيع موارد الدولة، والتوافق السياسي، وتقاسم السلطات، والفصل بينها، وهذه الكلمات كلها لا تروق لحكام المنطقة".

قطعا لا يريد السيد الصادق المهدي ان يقول كفوا عن ذلك وتراجعوا عن بناء العراق وإعماره ، لكنه أراد ان يقول: بما إنكم ماضون لترسيخ هذه الكلمات كمفاهيم سياسية وحقوقية في بلدكم فستستمر التدخلات الخارجية في شؤونكم الداخلية مما يضعكم أمام طريقين:

الأول، ان تمضي العملية السياسية كما هي حتى وان أضفيَّ على الدستور بعض التعديلات، وفي هذه الحالة ستبقى الأوضاع كما هي وتبقى التدخلات مستمرة، وهذا ليس في صالح العراق. إما الطريق الثاني الذي أشار لنا به فهو ان يتم انفتاح العراقيين على بعضهم، وإشراك كل القوى في صنع القرار وتنفيذه، وعدم تهميش أي كائن او مكون، وتفعيل مشاركة المواطن، وإعطاء دوره الكامل. فان تطبيق هذا الخيار، وحسب اعتقاد السيد المهدي، سيؤدي الى إفشال التدخلات الخارجية التي تستند على افتعال الشقاق بين العراقيين، حيث لم تجد لها حينذاك منفذا في عراق الوئام والمصالحة الحقيقية التي تبنى على المصارحة والاعتذار عن تركة الماضي الثقيل، وبدأ صفحة التسامح والأعمار والتنمية.
هذا الطريق، رغم صعوبته، لكنه اقل تكلفة مما نحن عليه من توتر وصراع وتدخلات خارجية. فالوضع الداخلي ان لم يكن متينا وقويا فانه سيسهل إحداث اختراقات خطيرة فيه، ومعنى القوة هنا هي قوة القانون، والبناء والأعمار، والعزم على مكافحة الفساد، وبناء المؤسسات الدستورية بعيدا عن الولاءات الحزبية والمحاصصات سيئة الصيت التي أصبحت متراسا للفاسدين وغطاءا للمفسدين. فإما هذا الطريق، وإما كما في هذا البيت من شعر الجواهري الذي ختم السيد الصادق المهدي فيه كملته الشديدة الوضوح، والقوية في دلالاتها والبليغة في معناها:

أتعلم أنت ام لا تعلم بأن جراح الضحايا فم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تنجح الضغوط الأميركية بالدفع نحو هدنة في غزة؟


.. مراسل الجزيرة: شهداء في غارة إسرائيلية على تجمع للمواطنين في




.. مراسل الجزيرة يرصد أهم ما يبحث على طاولة المفاوضات بشأن وقف


.. توماس فريدمان للجزيرة: إما أن نتجه في العام الحالي نحو حل ال




.. واشنطن: هناك قوانين في البلاد بشأن حملات التأثير الأجنبي ونت