الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستقدر أن تمنع الشر عن الفكر؟!!

بيتر صموئيل

2009 / 5 / 16
حقوق الانسان


أصدرت محكمة القضاء الادارى حكم "بإلزام وزارة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بحجب المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت للمتصفحين فى مصر" ، وهذه القضية قد قام برفعها أحد المحامين عندما شعر أن هناك خطر على الشباب المصرى من هذه المواقع الإباحية و التى يتردد عليها الكثير من مستخدمى الإنترنت فى مصر ، ولقد شعر الأستاذ المحامى بمسئوليته تجاه هذا المجمتع وقرر أن يمنع الشباب من الدخول على هذه المواقع حفاظاً على سلامة وعفة شبابنا ، و لكن تعليق مسئول الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات على هذا الحكم كان مخيباً لأمال الأستاذ المحامى فقد قال "أنه صعب تقنياً حجب هذه المواقع لأنها ستعوق الوصول إلى مواقع أخرى مهمة وبالتالى لا يقدر أن ينفذ قرار المحكمة " ، و لكنى توقفت هنا عند فكرة الأستاذ المحامى و ظللت أفكر :هل بالفعل منع أو حجب هذه المواقع سوف يقود الشباب الى العفة و الطهارة و سوف يحميهم من الإنحراف السلوكى والجنسى ؟! هل بالفعل إذا ُمنعت هذه المواقع سينعدل إنحراف الناس السلوكى والجنسى ويصبح كل شىء تمام؟! ، لكنى سريعاً أيضاً تذكرت أن شبكة الانترنت ليست هى البوابة الوحيدة للناس لكى يشاهدوا الصور والافلام الجنسية الخليعة بل أن هناك طرق أخرى كثيرة لفعل ذلك وهى :
أولاً: المجلات الجنسية الأجنبية الموجودة على الأرصفة - والتى تباع بجنيه واحد أو أثنين على الاكثر - والمنتشرة بين بعض الطلبة فى المدارس والجامعات والتى يتابدلها الطلبة فيما بينهم ويسمونها مجلات ثقافية مهمة تساعدهم على تحصيل العلم.! ثانياً : الموبايل والذى يتناقل عليه بعض الناس هذه الصورو الأفلام عبر البلوتوث وهذه العملية منتشرة جداً بين الكثيرين فتجد بعض الشباب يتبادلون الصور والافلام بين الموبايلات و كل واحد يسعى ليكون عنده أحدث حاجة لكى لا يفوته أى صورة أو فيلم جديد .! ثالثاً : الفضائيات الكثيرة جداً والموجودة على القمر الاوروبى والتى تجتذب الكثير من الناس وذلك عن طريق أن يقوموا بالإتصال بأرقام معينة لكى يستطيعوا أن يشاهدوا أفلام و صور أكثر و اكثر.! رابعاً : الصحف المصرية المرخصة والتى تعتمد فى الأساس على مواضيع الإثارة الجنسية للناس و يحدث ذلك بأن تضع فى الصفحة الأولى بعض الصور شبه العارية و بجانبها بعض الكلمات التى تدعو الناس أن يقرأو تفاصيل اللقاء الجنسي فى هذه الصحيفة و قد تكون هذه الصور فى بعض الأحيان لبنات و سيدات مشهورات لجذب أكبر عدد من الناس .! خامساً : الكليبات الخليعة المنتشرة على الكثير من الفضائيات العربية على القمر المصرى النايل سات والتى تصور البنات فى أوضاع خليعة جداً ، وفى النهاية يسمونها فن و إبداع وحرية تعبير ، والحقيقة إنها أفلام جنسية قصيرة تجتذب الكثير من الناس بحجة إدعاء الفن .! سادساً : أفلام الفيديو الموجودة على "سى دى" و المنتشرة جداً جداً فى كل مكان والرخيصة الثمن أيضاً ، والتى تسمى بالافلام الثقافية .!
و هنا أقول أنه يجب على الأستاذ المحامى مقيم الدعوى ، أن يقيم دعوات أخرى لمنع الكليبات والمجلات والسديهات والفضائيات والصحف الصفراء أيضاً ، لكى يكمل مسيرته فى الحفاظ على شباب مصر و يسد الطريق على أى شخص يحاول أن يشاهد مثل هذه الصور والافلام لكى يحمى ويحفظ شباب مصر لعله يستطيع!! ...... و أنا أعتقد أنه سيفشل فشل كبير جداً ! لأنه كيف ستمنع أيها الأستاذ المحامى كل هذه الوسائل التى يختارها الإنسان لكى يرضى و يغذى شهوته ؟! هل ستقدر أن تطالب بمنع و حجب التليفزيون والفضائيات ؟ وهل ستقدر أن تمنع الناس أيضاً من إستخدام الموبايلات ؟؟! و هل ستقدر أن تمنع دخول مثل هذه المجلات الخليعة إلى مصر ؟؟؟! هل ستقدر أن تلف على كل بيوت المصريين واحد واحد لكى تتأكد أن لا يوجد عندهم أى أفلام أو صور خليعة ؟ بالتأكيد أنت لا تستطيع أن تفعل أى شىء مما ذكرت -أنا- سابقاً و لكنى أريد أن أذكرك بشىء وهو أن سياسة المنع والحجب أو حتى فرض قوانين صارمة على الإنسان لمنعه من إرتكاب فعل معين أو حتى للحد من شهوته ، قد أثبتت فشلها على مر العصور وفى كل المجتمعات مهما إختلفت ثقافتها ، فلا فائدة منها على الإطلاق ولا تتعب نفسك فى رفع الدعوات هنا وهناك بل إدخر وقتك وجهدك و مالك أيضاً فى أى شىء أخر يفيد ويبنى ويحمى هذا المجتمع ، وأذكر هنا مثل واحد فقط على فشل سياسة المنع هذه وهذا المثل موجود فى إحدى الدول القريبة منا والتى تطبق هذه السياسة فى صورة رجم الزانى وقطع يد السارق فى ميدان عام حتى يخاف باقى المجتمع و يمنع كل إنسان نفسه من أن يرتكب مثل هذه الجرائم لكى لا ينال ذلك العقاب الرهيب ، و السؤال هنا هل أختفى الزنا وأختفت السرقة فعلاً بعد منع و تجريم ووضع قوانين صارمة و تنفيذ هذه القوانين أمام الناس جميعاً بصورة مخيفة بل و مرعبة ؟؟!! بكل تأكيد لا وألف لا ، لأن القضية ليست فى المنع ولا القوانين ولا حتى فى طريقة تنفيذ القوانين، وإنما القضية والمشكلة الحقيقية فى العين التى تنظر و تشتهى و تتلذذ بالشر والخلاعة بل وتبحث وتلهث وراء مقطع من فيلم أو فيديو كليب أو حتى صورة فى مجلة ، فالقضية فى العين الشريرة التى تنظر إلى الشر و فى القلب النجس الذى يدفع صاحبه دائماً إلى الشر . و الحل هو أن لا أحاول أن أمنع الشر حتى لا تراه العين (وهذا مستحيل) و لكن الحل هو أن تتغير العين و تصبح عين طاهرة لا تسطيع أن تنظر إلى الشر لأنها شبعانه بالخير شبعانه بالنقاء والعفة والطهارة وفى هذا يقول كتاب الأمثال فى العهد القديم " فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة" و هذا هو الحل أن القلب يتغير و يحفظ لأن منه تخرج كل فكرة سواء كانت خير أم شر ، فالحل فى تبديل القلب الشرير بقلب نقى طاهر و ليس فى منع الشر حتى يصل إلى العين !!
و أخيراً ماذا عن الفكر: هل ستقدر أيها اللاستاذ المحامى أن تمنع ذهن و عقل الانسان من التفكير فى الشر وفى تخيل الصور والافلام فى العقل ؟ هل ستقدر أن تمنع الشر عن الفكر ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لكن المقصود هو محاربة و حجب الفكر التنويرى
Dr Nak ( 2009 / 5 / 16 - 15:57 )
ليس المقصود ياأستاذ بيتر محاربة الأباحية فالأباحية متوفرة بكثرة فى كتبهم و لكن المقصود هو محاربة و حجب الفكر التنويرى و لا يستبعد حجب الحوار المتمدن.

اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن