الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد تشخيص العلة؟!

سالم اسماعيل نوركه

2009 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لا تخلو دولة في العالم من السلبيات مهما كانت متقدمة على غيرها من الدول ،أما أن تتحول الدولة إلى سفينة ممزقة الشراع وبطاقم من البحارة للتو استلموا مهمة توصيلها إلى بر الأمان لا يحركون ساكنا أمام جبروت الأمواج المجنونة السابقة واللاحقة ويلعنون الوضع الذي هم فيه ومختلفين وعاجزين ولا يملكون خطط طموحة لإدارة الأزمات التي هم فيها فمثل هذه الدولة مثل السفينة التي ترى الشاطئ ولكنها محطمة وعبارة عن ألواح متناثرة هنا وهناك .
تمر العالم بأزمات متنوعة وكذالك بعض الدول ولكنها تفعل الهمم وتتخذ الإجراءات السريعة والجدية والكل وكل حسب موقعه ينفذ جزء من البرنامج الخاص به بكل دقة وتفاني باختصار شديد يأتون من العمل كل ما هو مطلوب لتجاوز الأزمة .
أما نحن لا نعيد النظر في كل شيء ولا نضع الحلول السريعة وتتراكم علينا المشاكل ونبدأ البحث عن تبريرات الفشل ثم نقول حصل هذا رغما عنا ولا حول ولا قوة إلا بالله أو لا نقر بالفشل .
لا نعرف كيف يكون البناء ونعرف طرق الهدم ونحفظها مثل المحفوظات على ظهر القلب وكنا ندرس في المدارس عن( الاستعمار)وعلمنا بأن هناك أنواع من الاستعمار :القديم والحديث وبأن (الاستعمار)تطرده من الباب يأتيك من الشباك هذا الكلام درس لنا في المراحل المبكرة من الدراسة حتى أيقنا بأنه (جني)وبهذا لم نتعلم كيف نبني طالما هذا الجني يهدد كل البناء بل علينا أن نتعلم كيف نستخدم السلاح ونحفظ الأناشيد الثورية والمسير وكيف ندور إلى اليمين واليسار مع كل إيعاز نسمعه وإذا تطلب الأمر ندور إلى الخلف!
وفي سوح (النضال)كيف نخون بعضنا البعض وكيف نكفر بعضنا البعض في حين الرسول محمد ص بمجرد شهد أمامه قاتل حمزة الشهادتين لم يفعل معه شيء وتفاصيل هذه القصة معروفة للجميع واليوم المسلمين يكفر بعضهم بعضا ويا(محلى الحرب الباردة)!ونبش كل خلافات التاريخ لأكثر من 14 قرنا أو أكثر.
نحن نعيش أزمات عديدة ومنها أزمة الفساد المالي والإداري ولهذا أقول هل يكفي أن يشخص الطبيب المرض دون أن يعطي العلاج اللازم؟إذا كان الجواب بنعم فما الغاية من التشخيص إذن!وإذا كان الجواب بكلا وهو الأصح فعليه أن يعطي العلاج الناجح والناجع.
كثر الكلام هذه الأيام عن الفساد الإداري والمالي والذي أنتشر بشكل مخيف وخطير في أوصال المجتمع والأسباب عديدة ،منها دخول البلاد في حروب متلاحقة وكأنها نزهة أدت إلى نتائج وخيمة بحيث خرجت من الحروب دولة مغلوبا على أمرها وفقدت جميع ثروتها التي تدفقت ولم يستفيد منها الشعب إنما استفادت منها فئة قليلة داخل وخارج البلاد،فضلا عن أسباب أخرى لسنا بصدد حصرها هنا ،المهم إن جذورها تمتد في الزمن الماضي وآثارها خطيرة وجسيمة ومخيفة وواضحة في الزمن الحاضر والقادم وإذا إستمرينا بالكلام عن الفساد دون بتره واجتثاثه من جذوره تسحقنا عجلته دون رحمة والأهم أن نضع العلاج السليم له ونبكر به.
لا تكفي الأصوات العالية والقائلة :إن في البلد لصوصا صغارا وكبارا وقطاع طرق ومسؤولين مرتشين وفي درجات عالية من السلم الوظيفي من الأولين والآخرين من الفارين والماكثين إلى حين.
إذا كان التشخيص هو الخطوة الأولى فما هي الخطوة اللاحقة؟
ما هي الوسائل الرادعة التي تؤدي إلى السلوك القويم لأفراد منحرفين لأسباب عديدة ؟البعض يقول:(يا ناس إن السرقة حرام)!طيب يا أخي من ذا الذي يقول حلال؟
بعض الناس يكفيه ضميره الحي والآخر يخشى الله فيستقيم لكن ماذا نفعل مع من لا ضمير له ولا يخشى الله ؟!هل نتركه يفعل ما يحلو له،(إنهم أكلوا اليابس والأخضر)،أو نضع حدا لتوجهاته غير السليمة وغير المقبولة وغير المشروعة والتي بها يشكل خطرا جسيما لا يستهان به على المجتمع والأفراد ؟؟لابد من البحث الجدي وبإخلاص لإيجاد وسائل رادعة وفعالة لمثل هؤلاء من المحسوبين على البشر من ذوي النفوس المريضة.
فما هي هذه الوسائل؟
إنها كما نعرف جميعا جملة من القوانين تكون رادعة وقوية ومنصفة يضعها ذوو الاختصاص من المشرعين لتجد طريقها إلى التطبيق من قبل مؤسسات تنفيذية فاعلة ،أمينة مخلصة في تطبيقها تعطي صلاحيات كافية وإمكانيات وتسهيلات تسهل عملها وأداءها على أكمل وجه بشكل سريع ودقيق أسرع من هروب المختلس بالمال العام إلى خارج البلد ولا ضير من الاستفادة من تجارب الآخرين بهذا الخصوص ،وأي يوم إضافي من الإهمال وتجاهل العلاج يعني تفشي زائد (للمرض)،والذي هو كالسرطان في جسد المجتمع ،إننا هنا نحذر من(الفساد الإداري والمالي)،وآثاره وتبعاته السلبية الجمة انطلاقا من مبدأ :من حذرك كمن بشرك.
وقصة تقول:بينما كان الملك على سطح قصره وقع عينيه على رجل خلع ملابسه ووضعها على رأسه وعبر النهر متحديا البرد وطلب الملك من أتباعه إحضاره ،فسأله الملك لم تعبر النهر والجسر على بعد خطوات منك؟!
فقال الرجل إن كنت في أمان أجبت،فقال الملك تكلم لك الأمان،قال الرجل :إني أشك بأن هذا الجسر قد بني على مال الفقراء والمساكين و...الخ.
وكان هذا الملك كلما يختار أمينا لخزنة الدولة يختلس الأموال وقال مع نفسه:لقد وجدت من أسلم له الخزنة!
فأمر أكرام الرجل ثم كلفه بتسلم الخزينة وبينما رفض الرجل ذلك ولكن إصرار الملك جعل منه أمينا للخزنة ،لفترة من الزمن اختفت الاختلاسات ثم ظهرت وبشكل مخيف وقال الملك أنت أيضا وأنت التي كنت لا تعبر على الجسر خشية أن يكون بني من مال الحرام؟!
فقال :لولا عبوري النهر بهذه الصورة كيف أصل إلى الخزينة.
وحذاري من عابري نهر هذه الأيام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن