الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


38 سنة من حكم القهر

أحمد الخمسي

2009 / 5 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



يقود الخوف إلى الغضب. ويقود الغضب نحو الكراهية. في حياة الأفراد. لكن في السلطة، حيث خوف الحاكم من فقدان كرسي الحكم، تصل درجة الحرص على استعمال كل الوسائل للبقاء في الحكم، يتحفنا ماكيافيللي عبر كتابه "الأمير" بالمنهجية السلطوية المطلوب اتباعها من طرف الحاكم للحفاظ على إمارته. تتلخص فلسفة ماكيافيللي في هذا الشأن في معادلة "كل الوسائل مباحة من أجل موقع السلطة. حتى ولو أدت إلى تأدية الجماعة ضريبة أخطاء الفرد.
هكذا تصبح عبادة الفرد جوهر العلاقة بين الحاكم والمحكومين. خصوصا عندما يتمكن الدكتاتور من نسيج أهدافه السلطوية في السياق المحيط. كان ذلك ممكنا في كل المراحل المجسدة لضعف الثقافة المدنية والمواطِنـَة والديمقراطية في المجتمع الرازح تحت كلكل السلطة.
في فترة حكم الحسن الثاني، ساد مثلث الخوف والغضب والكراهية بين السلطة المركزية في المغرب وباقي المكونات. وقد زاد من خوف الملك على العرش، كونه عايش مخططات السلطات الاستعمارية داخل الأسرة الملكية الحاكمة. بل اشتهرت السلطات الاستعمارية باللعب على شرعية الحكام، فعملت على خلق أوضاع هشة.
وفي كل اتجاهات المعارضة كان خوفه على الحكم يذكي حالات الغضب والكراهية. ففي القاهرة ظل عبد الكريم الخطابي يؤرق مضجع الحسن الثاني. وفي تنسيقية منظمة القارات الثلاث (افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية) انضاف المهدي بنبركة شبحا يخيف الملك. وفي المنطقة العربية، انعكست انكسارات الأمة العربية الإسلامية التي تشكل الكيان الاعتباري للانتماء لدى أغلب المغاربة، أصبح الانقلابيون في المشرق نموذجا لحسم أوضاع التسلط. ومع هذا وذاك، كانت الاشتراكية بمثابة مشروع مجتمعي مفترض، لحل مشاكل السلطة في مختلف مناطق العالم....
ولعل وفاة عبد الكريم الخطابي (1963) ثم العداوة التي تأججت تجاه الجزائر في حرب الرمال (1963)، ثم اغتيال المهدي بنبركة (1965)، ثم الطوق الذي فرضه الملك على العمل السياسي في الداخل بعد فرض حالة الاستثناء (1965- 1970)، كل هذا نقل نفسية التآمر وميكيافيلية المنهجية السياسية إلى قلب النظام. فكانت الإرادة السياسية قد انتقلت من المجال السياسي المجتمعي الواسع، بعد اختناقه، إلى دائرة ضيقة في هيأة الجيش.
وبالتالي، اكتملت الدورة، دورة الخوف والغضب والكراهية في بنية النظام السياسي المغربي في فترة الحسن الثاني ، إبان الفترة الأولى (1961- 1975) من 38 سنة من الحكم (1961- 1999). ولن يتمكن الحسن الثاني من فسخ المسلسل المثلث البئيس حتى غيـّر أجندة العمل السياسي في البلاد.
ترعرع المسلسل الأسود المغلق من الخوف والغضب والكراهية، تحت سقف الحرب الباردة بين الرأسمالية الغربية والمجموعة السوفييتية الشرقية. واعتبر الحسن الثاني نظامه ضمن المحيط التابع للمركز الرأسمالي الغربي. لذلك احتفظ لليسار بالكراهية المتبادلة. ما دام اليسار قد بنى مشروعه السياسي على تغيير النظام الملكي. حينئذ، لم يكن الانفصال بين شكل النظام ومضمونه الطبقي ممكنا في المخيلة السياسية للمنشغلين بالشأن السياسي.
هكذا، بقي العداء بين الملك واليسار بارزا فوق السطح السياسي. خصوصا بعدما انضمت لليسار السبعيني الشبيبي، شخصيات حزبية وطنية شهيرة. مثل ابراهيم السرفاتي ومحمد بنسعيد آيت يدر. في الداخل والخارج. لم ينتفع المجتمع من جهد الدولة طيلة الخمسة عشرة سنة الأولى من حكم الحسن الثاني سوى ما ارتبط بتكوين الأطر وإعداد المجتمع لتدبير شؤونه بواسطة أبنائه. أما النظرية السياسية العامة وتطوير السلطة فقد اعتمدت الدولة سياسة ربح الوقت لا أكثر.
لذلك، ونحن على أبواب الذكرى العاشرة لاعتلاء محمد السادس العرش، من الحيوي طرح سؤال استفادة المجتمع من جهد الدولة. هل كان ماضيا في اتجاه بناء المجتمع والدولة؟ أم بقي في حدود التلاؤم مع السلطات العليا للعولمة للاتفاف على عداوتها المحتملة؟
ملف العدد عبرة أمام القراء. قصد تدبر الدروس من الماضي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام