الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدباء ومعاول

سعدون محسن ضمد

2009 / 5 / 21
كتابات ساخرة


لا أريد أن أمدح جريدة الصباح؛ فسبق وأن فعلت ذلك، ولا أن أهجوها ـ وكثيراً ما فعلت ـ لكنني أريد أن أكتب عنها باعتبارها المنجز البكر لثقافة ما بعد التغيير في العراق.. أريد أن أُذكِّر كيف أنها خاضت، ولوحدها تقريباً، معارك ثبَّتت خلالها أسس الاعلام العراقي الحر. وكيف أنها استطاعت أن تتمرد على الولاءات الحزبية والطائفية والقومية التي غرقت فيها أغلب مؤسسات الإعلام الأخرى، ما أغرق الكثير من الأقلام التي كنّا نَعُدها مشاريع ثقافة وفكرٍ مهمة.
الصباح واحدة من مؤسسات شبكة الإعلام العراقي، والجميع يعلم بأن مؤسسات هذه الشبكة لم تستطع أن تخرج من طوق الحكومة إلى فضاء الدولة، باستثناء جريدة الصباح. وخلال المعركة ضد الإرهاب كانت بعض مؤسسات الشبكة إما ساكتة عن ـ أو مطبِّلة لـ ـ هذا الكيان السياسي أو تلك الميليشيا المسلحة، ووحدها الصباح سمَّت الأشياء بمسمياتها وبقيت، ما أتاحت لها الظروف، ثابتة في ولائها (للداخل العراقي).. مع أن الكثير من الأصوات تعالت والضغوطات تحركت في محاولات، كانت محمومة وقتها، لجرها اتجاه مصالح آيديولوجية أو طائفية.
كما أن الصباح، من جهة أخرى، وقفت ضد الإرهاب بكل أشكاله وانتماءاته، حتى عندما شكل هذا الوقوف تهديدات غاية بالخطورة على الأرواح. وعندما نتذكر بأن موقع الجريدة يجعلها بتماس مع خطوط النار الشيعية والسنية. وان إعلامييها لا يتمتعون بأدنى شروط الحماية والضمان، فسنعرف حينها أي حرب خاضت وعلى أي عدو انتصرت. وهذا برأيي ما يجعلها ـ ممثلة بالعاملين فيها ـ تستحق انحناءة اجلال.
من جهة ثالثة جمعت هذه المؤسسة الإعلامية، وبشكل لافت وغريب، بين الإعلام والثقافة والفكر، وهكذا استطاعت أن تؤسس لإعلام محايد (نسبياً). وتباشر بناء ثقافة مدنية. وتخطو اتجاه بلورة مشروع نهوض فكري..
الصباح يا أصدقائي انفردت بالعمود الفكري الرصين. ما ميزها عن بعض الصحف العراقية التي لم تستطع أن تنجز، ولا حتى، شروط الأعمدة السياسية فضلاً عن الثقافية. وليس بالأمر الهين أن تنزل مؤسسة ما، بالهموم الفكرية ـ هموم النخبة والصالونات ـ إلى شارع التداول الجماهيري، أي إلى القاع الساخن.
الآن ما جعلني امدح الصباح، من حيث وعدت بأنني لن أفعل، هو اطلاعي، وبشكل شبه مباشر على رحلات مكوكية، يقوم بها بعض (المثقفين)، بين مكاتب مستشاري رئاسة الوزراء ومكاتب وزارة الثقافة، بغرض شن حرب على الصباح، بالتحديد على منجزها (الإعلامي/ الثقافي/ الفكري). عملاً بشعار: اهدم الصرح الذي لا تستطيع أن تبني أعلى منه. هذه الحرب تستهدف أهم كوادر الصباح. وهي تسعى لإقناع المسؤولين بخطر الإعلام الحيادي الحر على مصالحهم السياسية، لإقناعهم بتفريق مجموعة الأسماء التي استطاعت الصباح أن تستقطبها وتوحد جهودها. وأنا هنا أريد أن أوجه تحذيراتي أولاً: للكتّاب والقراء المعنيين بمشروع الإعلام الحر، وأقول لهم: لا تسمحوا لأية جهة بالنيل من أي مؤسسة تجدونها حرة، أو تسعى لأن تكون كذلك؛ فـ(أول الغيث قطر ثم ينهمر).. إذا نجح مشروع إفراغ الصباح من كوادرها فلن نستطيع بعد ذلك حماية، مؤسساتنا المهمة ولا أنفسنا. وأريد أن أوجه تحذيراتي أيضاً للمسؤولين، فمقولة: إن الإعلام الحر خطر، مقولة كاذبة، ومقولة: إن هذا الإعلام يمكن قتله، مقولة أكذب من سابقتها، خاصة في عصر الانترنت والفضائيات..
الحكومة التي تريد أن تبني دولة مدنية لا يمكن لها أن تفرط بمؤسسة إعلامية حكومية من جهة، وهي من جهة أخرى محترمة من قبل الجماهير، وجسور الثقة التي بنتها الصباح بين السلطة والمجتمع لا يجوز هدمها. خاصة وأن مثل هذه الجسور لا يمكن لها أن تصمد في حال أننا أفرغنا الصباح من كوادرها النبيلة واستبدلناهم بمجموعة من النفعيين والمطبلين، أو مثقفي (الگدية).
أما تحذيراتي الأخيرة فأوجهها لمجموعة (فرقاء) جمعهم الكيد والحسد والغيرة، ووحدتهم مصالح لهم في الإستئثار بالصباح أو في إبعاد أهم أقلامها. أريد أن أقول لهؤلاء إنكم تواجهون اتحاداً يجمع أهم المثقفين من داخل الصباح وخارجها ممن حاربوا السفاحين والقتلة، من الإرهابيين، بصدور عارية وظهور مكشوفة، ومثل هؤلاء لا يمكن لكم كسر شوكتهم، من خلال تقبيل أيادي المسؤولين ولعق موائدهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟